موسى حوامدة مبدع جديد
عدد الرسائل : 25 نقاط : 32017 تاريخ التسجيل : 17/05/2007
| موضوع: حين يأتي الموت السبت نوفمبر 15, 2008 3:07 am | |
| موسى حوامدة
حين يأتي الموت
*إلى محمد طمليه
حين يأتي الموت سأبصقُ في وجه الحياة
أقنع نفسي أنَّ الدُنيا بائسةٌ
والناس كل الناس ديدان صفراء.
حين يأتي الموت
سأرمي زهرة الخلود في وجه جلجامش
وأهزأ اليوم
أهزأُ من نصائح الأطباء.
حين يأتي الموت سألتفت للوراء
أعلن هزيمةَ الإنسان
وأرمي (فلسطين) في دفتر المساء.
حين يأتي الموت لن أساومه ليحرض الأصدقاء
على حفلة البكاء
كلما كان عدد المشيعين أقلّ
كان ضميري أكثرَ بياضاً
وكلما كانت الدموع أقلّ
كانت أخطائي أجمل.
لينصرف المشيعون
قبل تدشين البياض
لينصرفوا
ليست بي حاجة لمديح ناقص
ليست حسناتي مشجباً للنفاق
لينصرف الأوغاد
ما نفع الزفرات لأطباق السماء.
لينصرف المحسنون
طيبو القلب
مخلصو النوايا
ماضيَّ حاضري وغدي مات
و لست حريصا على فرصةٍ للنجاة.
حين يأتي الموت
لن أعتذر للريح التي تنفستها
ولا للخيطان التي لامست جسدي
لن أعتذر للماء الذي شربت
ولا للطعام الذي أكلت
ولا للوهم الذي توهمني أو توهمت
ولا للبلاد التي ظلت عالقةً في حلقي كالسلحفاة.
لن أعتذر لشيء
ولا لأحد
أو بلد
ربما أحرر روحي من فساد الكون
ربما أسرد لذاتي طيبتي الكاملة
وأناقة الربيع في كتاب الصيف
ربما ألمس وجه أمي بيدين نظيفتين
أسمع سعال أبي
أشمُّ رائحة صدره بلا معجزات.
ربما أقطع المسافة بين الحياة والموت
برجفة جنسية عابرة
تماماً كما حدثت تلك الشهقة المدوية
في المرة الأولى
على ردفي الأرض العذراء.
جبال لا تلهيها صلاة
ولا أدعية عن مناداتي
تموت معي
تمشي في جنازتي
بكامل العنفوان تحيي حفل العزاء.
كلما كان عدد المشيعين أقل
كانت حريتي كاملة
إيماني بالله حملني بخفة السماء
لست بحاجة الملقن والمقرئ
لست بحاجة للمراثي والنواح
فلست ذاهبا إلى حفلة خداع هناك
إني عائدٌ مني للأزل.
اكتملتْ رحلة الأسى
انهزمتُ بكل بطولتي
بكامل عافيتي
بملء إرادتي
وفي كل معاركي الوجودية والحياتية
انهزمتُ وتلك كانت فضيلتي.
حين يأتي الموت
سأهربُ لحضن أمي
ووجهها الناعم
ليديها الرقيقتين
ونظرتها الغريبة
سأحمل لها سريرتي المخفية
أعترف لها بهفواتي العديدة
بعجزي عن تحرير رقبتي من دنس الشهوات
بغفلتي السابقة عن مصادفة الحكمة
بطيبة التين والزيتون
باضطراب الذاكرة
بموت الناس جميعاً
عند انحسار النعمة.
لن أصرخ نادماً على مسقط رأسي
لن أموت حزيناً لأني لن أدفن في طين بلادي
لديّ من الخيال
ما يجعلني أضم تراب العالم بيديّ.
في كلِّ ذرة من الكون
جسدي هناك
لن أموت غريباً في أي بلاد
فلي في كل مربع جثةٌ كاملة.
أسمعُ دبيبَ الخوف
يسري في أوصال الكائنات
لن أصرخ مرتعداً
لست شجاعاً أكثر مني
ولست جباناً لأهرول لاحقاً قطار الفرصة الضائعة.
لا أملك طاقة على الهروب من الألعوبة.
أضحك بملء شدقيَّ
أضحك إن أسعفني فكّاي
على الذين يبكون من الموت
يحسبونه عدوهم الوحيد
بينما تناسوا أن الزوال
لغة فيزيائية قديمة.
تناسوا أن الموت لم يأتهم من الخفاء
ولا من القضاء
بل من تعلقهم بالحياة
ومن أجسادهم المعطوبة.
14\10\2008
عمان
Musa.hawamdeh@gmail.com
| |
|