صدى الخالدي مبدع جديد
عدد الرسائل : 28 نقاط : 30778 تاريخ التسجيل : 19/01/2008
| موضوع: ....الطائر المهاجر..قصة قصيرة. الأحد مارس 30, 2008 9:14 am | |
| [ **قصة قصيرة
بيضاءُ فارعةُ الطّولِ،مكنونَة في نقابِها،ملمسُها رقيقٌ كالحريرِ، تَشُدّ إلى عينيها الكحيلتين نياطَ القلوب،العيونُ تتَحسس حرارتها، الخيال ُيَلمسُ أطرافها المرمريّةَ َ، أصابعُ من القيمر ملفوفة ٌ، سيقانُها شَهيّةٌ كمفاصل القصَبِ السُّكّريُّ،، ضامرة البطنِ، على صدرها ينقلبُ فنجانينِ من القهوةِ ،طويلة العُنُقِ ِ، يفوحُ عطرَها فَتَهيجُ له الآفاق، وتشتهي الفضاءاتُ إحتضانَها، أوشكَ أن يحتَضنَها لكنّ شخيرَ زوجتهِ حال بينهما، فهرعَ يوقظها ويطلب منها أن تنامَ على جنبِها الأيمَن، طلّق فراشَهُ وراح الى مرسمه، تناولَ إحدى لوحاته المُجهّزةِ، وضعها على المساند،حملَ الفرشاة بيد وحمل بالأخرى لوحةَ مزج الألوان ،نَظَرَ إلى بياضِ لوحتهِ،مرر طرف راحته يتلمسها، تأملها طويلاً، حاول إستدراج ذلك الحلم إلى ذاكرتهِ ثمّ إلى لوحتهِ، أخذ يُصغي إلى أصواتٍ تأتي من أعماق الليلِ، يتعالى صداها ،ترتدُّ عن كهوفٍ رطبةٍ تغورُ في أعماق ِالأرض، لكنّه دونما تخطيط باشرَ لوحتَهُ ،حصى بينَ فكّي كماشةٍ حديديةٍ يتعالى صريخُها بشدّةٍ، مئشارٌ يحزُّ بحركتهِ نسيج ٌ من الخشَبِ ،رأسٌ يستندُ على أكتافٍ من حَجَرٍ،يَتَصَدّعُ ألماً ،يُداهمهُ، يلوذ منهُ إلى أقراصٍ مسكِّنةٍ ،ينشرها في كلِّ مكانٍ، أمامَ المرآةِ،أسفلَ الوسادةِ،على منضدة الرسمِ،قرب الهاتفِ، أمامَ الكرسيِّ، يرسمُ مرآة ً،ينظرُ إليها، يُطالِعُهُ فيها وجهٌ مُجعّدٌ لساحرةٍ عجوز ،أنفٌ مدببٌ معقوفٌ،شَعرٌ يتدلّى كشعر الماعزِ على كتفيها، رائحتُها نتنةٌ تزكُمُ أنفَهُ، يهربُ عنها،يرمي بجسدهِ على السريرِ ،يرفعُ الوسادةَ، يطويها بقوّةٍ على أذنيهِ، الأصواتُ تطاردهُ، يهرع إلى الكرسي ،يجلس ،الألمُ يتسلل إلى مسانده وأرجلهِ، ينهض عن كومةٍ من الشّوك،يلجأ كما في كلّ مرّةٍ إلى لوحته ،يضرب الفرشاة بألوانهاعلى مساحاتٍ مشوّهةٍ بين ساقيها، يتناولُ قرصاً مسكّناً آخرَ،يرسمُ جسراً ممدوداً إلى الضّفةِ الأخرى ، يقف على سياجهِ رجلٌ يشبههُ، ينظرُ إلى النّهرِ تتراقَصُ مويجاتُهُ بهدوءٍ ، وبينما كان الفجرُ يخلَعُ أثوابَهُ البيضاءَ على رقرقة الماءِ ِ، ألقى بجسدهِ ليغوصَ في الأعماقْ ْْ ْ
*صدى الخالدي/آذار/2008 | |
|
مريم أحمد عضو فعال
عدد الرسائل : 111 نقاط : 32400 تاريخ التسجيل : 17/03/2007
| موضوع: رد: ....الطائر المهاجر..قصة قصيرة. الثلاثاء أغسطس 05, 2008 3:31 pm | |
| اللغة كيان الأدب بل وصيغته: يكمن الأدب كله في فعل ال"التفكير" ال"التصوير" الحكي أو ال"شعور".* فاللغة هذاا الحقل الذي تزهر على أرضه الحكاية/ القصة والتي هي في الأساس عمل فني يشتغل على تحويل الواقع إلى رموز تسمح بالوقوف على تجارب انسانية مختلقة يسعى "القارئ" واهما إلى اقتناص وتتبع آثارها والتماهي معها في محاولة لظفر بلحظة متشابهة بما أننا أمام فعل إبداعي يتوخى نقل الواقع. عندما قرأت قصة الطائر المهاجر لصدى الخالدي أول ما استرعى اهتمامي هو لغتها الباذخة، ووجدتني أقوم بهجرة نحو نص عميق لغة ومتنا،أصغي إلى صوت منقسم بين عالمين : عالم "الأنا"/الذات/ الرغبة.وعالم الأخر /الواقع تحضر" الأنا " المتطلعة إلى امتلاك الجمال/ الفن ولما لا الكتابة :"طلّق فراشَهُ وراح الى مرسمه، تناولَ إحدى لوحاته المُجهّزةِ، وضعها على المساند،حملَ الفرشاة بيد وحمل بالأخرى لوحةَ مزج الألوان ،نَظَرَ إلى بياضِ لوحتهِ ..."** لكن البياض بما يحمله من دلالات ورمزية يدفع المبدع أيا كان لركوب باب المغامرة لجعل المستحيل ممكنا، والقبض على اللحظة العصية، لحظة الإبداع ، المعادلة التي على الكاتب أيجاد حل لها والتي لن تكون سوى نصا سرديا جميلا مثل الذي أمامنا أو لوحة أوتمثالا... في المقابل هناك الواقع المجسد في الاخر الموسوم بالبشاعة حد المسخ :"أمامَ المرآةِ،أسفلَ الوسادةِ،على منضدة الرسمِ،قرب الهاتفِ،أمامَ الكرسيِّ، يرسمُ مرآة ً،ينظرُ إليها، يُطالِعُهُ فيها وجهٌ مُجعّدٌ لساحرةٍ عجوز،أنفٌ مدببٌ معقوفٌ،شَعرٌ يتدلّى كشعر الماعزِ على كتفيها،رائحتُها نتنةٌ تزكُمُ..." ** لكن صوت المبدع يبقى جسره الذي يلوذ إليه :" يلجأ كما في كلّ مرّةٍ إلى لوحته.... يرسمُ جسراً ممدودا مويجاتُهُ بهدوءٍ ً..." ** حتى يحافظ على دوره في نقل وجهة نظره اتجاه ما يحيط به من أحداث عامة وخاصة وتلك رسالة الأدب التي تتمظهر هجرة نحو الأعماق" ألقى بجسدهِ ليغوصَ في الأعماقْ"** أعماق الذت البشرية كما فعل طائر صدى الخالدي المهاجر.
هوامش: *ص 14 من "الكتابة والقراءة": رولان بارث/ت: عبد الرحيم حزل الطبعة الأولى/1993. **: من قصة الطائر المهاجر لصدى الخالدي.
عدل سابقا من قبل مريم أحمد في الأحد أغسطس 10, 2008 2:28 pm عدل 1 مرات | |
|
صدى الخالدي مبدع جديد
عدد الرسائل : 28 نقاط : 30778 تاريخ التسجيل : 19/01/2008
| موضوع: رد: ....الطائر المهاجر..قصة قصيرة. الأحد أغسطس 10, 2008 12:52 pm | |
| ألأخت الفاضلة القاصة المبدعة والناقدة الرائعة مريم أحمد لقد كانَ لقرائتك الواعية تدفقاً نابعاً من الأعماق.وتعبيراً سامياً يدل بوضوح على أسلوب راقي في النقد غير معهود.وثقافة عالية القمم .وجهد متميز وأسلوب فريد مما دفع بعض النقاد إلى القاء الضوء عليه ونقله إلى أرقى منتدى أدبي وهو مرافئ الوجدان وبأمكانك الأطلاع على ماكتب عنك على الرابط التالي:-
http://www.mrafee.com/vb/showthread.php?t=11293
شكراً لك..وسأكونُ مسروراً لتقديمك للزملاء في ذلك المنتدى الأدبي إن شئت. | |
|
مريم أحمد عضو فعال
عدد الرسائل : 111 نقاط : 32400 تاريخ التسجيل : 17/03/2007
| موضوع: رد: ....الطائر المهاجر..قصة قصيرة. الأحد أغسطس 10, 2008 2:48 pm | |
| شكرا للمبدع صدى الخالدي على الدعوة وكل التقدير والاحترام للاخوة في منتدى مرافئ الأدبي. إلا أن هناك التزامات أخلاقية اتجاه منتدى ابن امسيك وجامعة الأدباء المغاربة تحول دون تلبية الدعوة .في نفس الوقت يمكن للأستاذ صدى الخالدي نقل أي موضوع بقلمي إلى منتدى مرافئ دون الرجوع إلى . شكري وتقديري للكل. . | |
|