منتدى ابن امسيك للثقافة
انت غير مسجل
تفضل بالدخول او التسجيل معنا
منتدى ابن امسيك للثقافة
انت غير مسجل
تفضل بالدخول او التسجيل معنا
منتدى ابن امسيك للثقافة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى ابن امسيك للثقافة

منتدى ابن امسيك للثقافة يرحب بكم
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 المكان و الأدب

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد العزيز حاجوي
المشرف
المشرف
عبد العزيز حاجوي


عدد الرسائل : 45
Loisirs : شاعر مغربي
نقاط : 32890
تاريخ التسجيل : 19/11/2006

المكان و الأدب Empty
مُساهمةموضوع: المكان و الأدب   المكان و الأدب Emptyالجمعة فبراير 23, 2007 7:10 am

تلعب اللغة دورا كبيرا في الصياغة المكانية للأدب، بالرغم من أن اللغة لم تبق عامل تميز بالنسبة لخالقها و الصادرة عنه في الأصل، بفعل الاحتكاك و التواصل و الهيمنة و الإغراء ." فاللغة ليست مجرد أداة يملكها الإنسان إلى جانب غيرها من الأدوات ، و إنما اللغة هي بوجه عام و قبل كل شيء ما يضمن إمكان الوجود وسط موجود ينبغي أن يكون موجودا منكشفا 1 " إلا إنها كمصدر أساس لأدبية النص تبقى العامل النفسي الذي يعطي لخالق اللغة امتياز استعمالها في الجنس الذي يريد الإبداع فيه ، ما دامت علاقته بلغته تبدأ بالانتماء و تنتهي بالتقديس، انتماء مادي يضفي الخصوصية على صاحبه بحيث تصبح اللغة هي الكائن و الكائن هو اللغة (الإنجليزية عند الإنجليزي ،الفرنسية عند الفرنسي، العربية عند العربي....)
و تقد يس داخلي يجعل اللغة سلاحا في مواجهة الخصوم باعتبارها هبة أو وحيا اختصت به جماعته، لهذا نجد ان ما يلقن كمبادئ أولية في آية لغة غالبا ما يكون له ارتباط بهوية المحمولة له اللغة في شكلها المادي بعد أن يكون قد استوعب مكونات الحيز الذي يتحرك ضمنه و أَلفَهُ.
ففي مقررات التعليم غالبا ما يلقن المتعلم اسم الوطن، حدوده، عاداته و تقاليده،وهي أدوات مكانية تجسد المعطى المادي الحسي، في وجدان المتلقي، و هنا تصبح اللغة خالقة للشيء المتحدث عنه رغم غيابه المادي، فيصبح البيت صورة ذهنية تسكن بياض الورقة برموز تختلف كليا عن شكل البيت و محتوياته،
و من هنا تبدأ اللغة تأخذ شكلها الجمالي الذي يحدد الحالة النفسية للمبدع، تسيطر عليه كواقع تعايش معه، و أصبح أسيرا له(اللغة هنا بمفهومها العام، الذي يمكن أن يتسرب إلى الإنسان من خلال الاستيطان أو الولادة.... )لهذا فالعملية الإبداعية هي عملية مكانية (لا أتحدث عن أدب الخيال العلمي، رغم أنه ليس هناك خيال خارج الواقع المفكر فيه ، و الذي هو المنطلق لكل توقع مهما شطّ الفكر و استغرب)،و الآداب العالمية هي سير مكانية تلاحق المبدع، و تؤثر فيه من خلال استحضار الأحداث و الوقائع التي تهيئها القراءة الذاتية للوشم الذي يسم الذاكرة و التي تسترجع هذه الأحداث و الوقائع في إطار اللغة المحتملة
والآداب المبدع كقصة أو شعر أو رواية، رحلة أو مسرح..) و يعتبر بروست في "البحث عن الزمن الضائع" علامة مميزة في استرجاع المكان و استحضاره رغم أنه مكان مؤلم، مكان خانق يتنفسه الكاتب بصعوبة. إن الأمكنة في الإبداع هي أمكنة بلا حدود ما دامت اللغة هي التي تسعى إليها، هي التي تقتنصها و تعبر بها في اتجاه الذات ، ففلسطين ليست مكانا فلسطينيا يخص الفلسطينيين فقط، بل هي مكان عربي إسلامي –لا يقل أهمية- عن أمكنة أخرى مقدسة، لهذا فهي حاضرة في الإبداع العربي الإسلامي،العربي المسيحي-العربي اليهودي، بكل الأوصاف الدينية و الوطنية و القومية إلى درجة أن أول تفكير في الإبداع لا يتم إلا ضمن هذا المكان(خاصة جنس الشعر).
فأولى خطوات الإبداع تبتدئ عربيا باستحضار هذا المكان خاصة في المدارس التعليمية حيث يعلم المتعلم أبجديات الإبداع من خلال الحديث عن القضية الفلسطينية، عن احتلال الأرض بل هناك مدن تحضر شاخصة في هذا الإبداع باعتبارها أمكنة متميزة (يافا، عكا،حيفا،القدس،...إلخ) من هنا نستنتج أن المكان يأخذ صيغته الأدبية من التأثير الذي يحدثه في النفس، من خلال القيمة المعنوية التي يرثها الإنسان نتيجة الثقافة التي يتلقاها، ووفق العادات و التقاليد التي تشرّبها بفعل احتكاكه بالمكان و بفعل احتكاك من سبقوه به لهذا فالأدب و المكان متلازمان ،لا يمكن أن يحي أحدهما خارج روح الآخر، فالفلسطيني مثلا هو فلسطيني نتيجة المكان، و تضامن المسلم أو العربي معه هو تضامن مع المكان قبل أن يكون تضامنا مع الشخص لاعتبارات شتى، لهذا نرى أن الأدب الفلسطيني هو أدب المكان بامتياز، لأن المكان هنا مثير
و مهيمن بفعل الحوادث و الوقائع التي تقع فيه، فهناك احتلال، و هناك مقاومة و هناك انتباه لما يقع في المكان. من هنا يتم استقبال الأدب كمتنفس لما يحدث، و لا يمكن أن نسأل هنا عن القيمة الأدبية أو الفنية للإبداع مادام مشروطا بخصوصية المكان خاضعا له، مهيمنا عليه. و يمكن قياس الاهتمام بالمكان بما يمكن أن يوظف في السير الذاتية للكتاب و المؤلفين، مادام قد ترسخ في الذهن وأصبح مرجعا للتذكر
و الالتفات، أصبح الصيغة المثلى لإعادة الحياة السالفة، الولادة، الطفولة، الشباب...إلخ.
وهي حياة خاصة تحمل هذه الصفة رغم أن المكان عام، لكن النظرة إليه و هي اللحظة المميزة إبداعيا، هي التي تنقله لك من تباته المادي ، إلى الحركة ،حيث تعيشه-المكان- كأنه لحظة حاضرة، لحظة معاشة بكل التفاصيل بكل الألوان الممكنة، بل إن هذه الحركة هي حركة إبداع على الورق ، الذي يتحول إلى أبعاد مختلفة، أبعاد يتفاعل معها من حملت إليه فيستغرب و يندهش و يتألف و يتفاعل خاصة إذا كان المكان ذا حمولة مأساوية، مكانا مقصيا مهمشا مِؤثرا في من نقدم إليه هذا الإبداع حد الضعف و الاستنكار:
لا تلذُّ الأعياد و القدس ضاعت *** و فلسطين ترتجي المسلمين.
كيف يزهو لنا احتفال بعيد *** و الأراضي في قبضة الظالمين
كيف نحيي في سجننا سهرات *** و الصهايين حولنا ساخرين؟
كيف يفتر ثغرنا بابتسام ***و العذارى فريسة المفسدين؟ 2
إنها أزمة المكان التي تتجسد في هذه الأبيات حيث يصبح المكان قوميا، مكان ينبعث منه الانكسار النفسي فرغم أن الشاعر ليس فلسطينيا فإن الحدود بين الإبداع و المكان تنتهي كذلك بين الإنسان و المكان، فيتحدان في مواجهة الآخر الذي لا يعطي أهمية لهما مما يجعل المكان قابلا للاشتعال الأدبي الحارق.
إن هذه الخصوصية التي تفرض التلازم بين الطرفين تجعل الإبداع مفهوما إنسانيا بكل الصفات، فإذا كان المكان يتحدد من خلال أبعاد و مقاييس جغرافية ثابتة ، فإن الإبداع يحركه و يضفي عليه مختلف المشاعر و الأحاسيس التي تجعل الانتساب إليه هو انتساب للمعنى، انتساب للحالة الاجتماعية أو النفسية أو الدينية التي تسيّجُه، لهذا غص الأدب بالأمكنة فتنوعت مضامينه عبر العصور، و اختلفت مذاهبه و مدارسه، فالواقعي احتفى بالمكان، و الرومانسي تغنّى به، يقول عبد المجيد بن جلون في كتابه(في الطفولة):
" رحم الله تلك الأيام فلقد كانت مفاجآتها سريعة، متلاحقة بحيث لم يعد في المستطاع متابعتها، فلنتجاوز السفر من الدار البيضاء إلى فاس، ودعنا ندخل سريعا إلى المدينة، لنخترق شوارعها الضيقة التي كانت أكبر هذه المفاجآت، أهذه هي المدينة التي كان عمي يقول منذ يوم واحد أنها تمثل البلاد على حقيقتها؟ لابد أن الناس لا يستطيعون السير في شوارعها إلا وهم يتصادمون بالأكتاف، دخلنا أثناء الليل، فرأينا مصابيح الشوارع الباهتة الحزينة كما لو كانت مصابيح تركت في مكانها بعد مأثم" ص 83
إن اكتشاف المكان من طرف الكاتب أقصى عنه البعد التخييلي الذي كان لديه من خلال الحكي، فهو يلامسه الآن مباشرة باعتباره مطلبا و هدفا، باعتباره حقيقة جغرافية ستصبح جزءا من اليومي الذي سيصبح و يمسي عليه، و الذي سوف يكون صادما في أبعاده الاجتماعية و النفسية، ككل الأمكنة التي تجد في الحيز الضيق متعتها و خصوصيتها.
فالمكان هو المطلب الأساس في العملية الإبداعية، خاصة إذا كان هذا الإبداع لسير الذاتية لأنه من خلالها نعيد الحياة إليه، نرسمه، نحركه، نعيده إلى الذاكرة، نتجاوز به الواقع الماثل الآن أمام أعيننا، خاصة إذا كان هذا المكان قد عرف تغيرات كثيرة بفعل الإنسان أو الطبيعة فتصبح ملامحه الأولى مهمة كبرى، تدخل في إطار الحنين إلى الماضي، الحنين إلى جنينية المكان، طبيعية بعيدا عن المد التكنولوجي الذي يعبث بالأمكنة يشوه ملامحها للضرورة الاقتصادية غالبا.
عبد العزيز حاجوي
المغرب





الهوامش

1 هايدغر
2 أبو بكر المر يني شاعر مغربي "قالت لي الحرية" صفحة 50
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.bnmsik.jeeran.com
 
المكان و الأدب
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» شعرية المكان في الأدب العربي
» المكان المقدس والمكان المباح
» الشاعر سعدي يوسف في حديث المكان والشعر والثورة:
» النبوغ المغربي في الأدب العربي
» التخييلي والوثائقي في الأدب

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى ابن امسيك للثقافة :: دراسات أدبية-
انتقل الى: