محمد اكويندي عضو فعال
عدد الرسائل : 93 الحالة : قاص مغربي نقاط : 32968 تاريخ التسجيل : 20/11/2006
| موضوع: حروف الزين/كتبها الأديب محمد اكويندي السبت سبتمبر 08, 2007 3:09 pm | |
| حروف الزين
كتبها الأديب محمد اكويندي
منذ أن ارتفع صوته قبل ربع قرن من الزمن معبرا عن كل من لاصوت له في هذا الوطن الحبيب،كانت تربطني بالصديق عبد الحميد الغرباوي صداقة خاصة.. وتعود هذه الر ابطة المثينة إلى تلك الحادثة الأدبية التي لا أنساها طوال العمر ونوجزها فيما يلي: عندما نشر أول قصة له بجريدة العلم الغراء تحت اسم مستعار مكون من حرفين (ع.إ.) أيامها كان بوسعك أن تتباهى بما نشرت أو نشر إليك..كان صديقنا يحتفي وأصدقاؤه بنشر قصته بينما الطرف الأخر ( الجريدة) كانت تتوافد عليها المكالمات حول مدى حقيقة الاسم هل هو فعلا للناقد(..عزيز إسماعيل)..حقا. حدث هذا قبل أن يكون المرحوم عزيز إسماعيل في ضيافة الموت المفاجئ،حسب تعبير الشاعر إدريس الملياني (في ضيافة الحريق)، إلا أن الحرفين للاسم المستعار يعودان للأم الرءوم عائشة إسماعيل( رحمها الله هي الأخرى) وكان هذا الصنيع غير مقصود من كاتبنا العزيز عبد الحميد أكثر مما هو عربون محبة ووفاء لهذه الأم.. والآن ها هي المناسبة الطيبة تأتي لكي أضعك صديقي في الصورة قدر الإمكان..حيث نجلس بجانبك وأنت مثل طفل كبير مدلل في ثياب أنيقة ومتناسقة من الحذاء إلى ربطة العنق والولاعة البراقة والمحمول آخر صيحة في عالم التكنولوجيا، هذه الطباع، من ذاك التدلل الذي طبعته فيه الأم( الحدث) الحنون عائشة التي كانت تردد في العلن: ( إن مات ولدها فقاتله هو" الزين").. وهذا الطفل المدلل القابع في أعماق عبد الحميد يجلس إلى جانبك مثالا عبقريا على سرد الحكايا التي أفصحت عن دلالاتها الجارحة بتلقائية مذهلة( أيمن والأفعى) فعبد الحميد يدرك جيدا في كتاباته كسر الثابت وتجاوزه في صياغة الجنس الأدبي لأن أي كتابة إبداعية يجب أن تكون محكومة بقانونها الخاص الذي ينظمها. ويلاحظ المتتبع لقصص ع. الغرباوي أن البؤرة الثيمة الجديدة التي باتت تلمس العلاقات الإنسانية في تجلياتها مع محاولة لإمساك الجوهر الإنساني، هو ما أفصح عنه للمذيع احمد بنسنة مؤخرا في برنامج " الذاكرة البيضاوية" عبر الأثير...حيث أكد: إنني أكتب بعمق الإنسان للإنسان في هذه المدينة المتعددة الأزمنة والأمكنة بشخوصها التي تنتمي لطبقة الدنيا. وكثيرا ما نجد القاص.ع.غ. له القدرة على إمساك واقعه الموضوعي والتعبير عنه فنيا من خلال استخدام شخصية رئيسة لها خصوصيتها الواقعية والفنية، ورصد هذا الواقع من خلال رصد حركة الشخصية الرئيسة ونمائها.( عري الكائن). أكتفي بان أقول إنه أول كاتب مغربي يستجيب لأية دعوة من أية جهة أدبية" طبعا" كانت بتواضع ودون شروط مسبقة أو تعويض مطلوب سلفا... وتحضرني أشياء مماثلة لما سبق حيث قطع المسافة بين الدار البيضاء و زاكورة دون نوم وهي مسافة تقدر زمنيا بما يفوق عشر ساعات.. في مسالك وعرة.. و دون أن يأخذ قسطا من الراحة قرأ قصته و الحقيبة الكبيرة بجانبه... هل هي لعنة الكتابة التي لا نملك إلا وهجها وحبها والتي نحسد عليها؟.. ذاك قدر كل من ابتلاه الله بهذه الحرفة( بفتح الحاء). شيء آخر أحفظه في ذاكراتي، فكلما تواجدنا في لقاء ما كان يسأل عن إقامتي ومن معي ويطلب منه تغيير مكانه بمكانه ويسر إلي أن النفوس مثل الجند إما تأتلف أو تختلف وكنت أقرب الأصدقاء إلى نفسيته ويأتمنني عن كل شيء ثمين عنده. كما لا أنسى رحلتنا من الدار البيضاء إلى الصويرة التي نبشنا فيها بالدردشة حضارة الفراعنة ولعنتهم دون أن نعير للطريق أي اهتمام. وفي ذاك المساء الباخوسي حلت بنا لعنة الفراعنة... حيث اكتفينا بالفرجة.. منذ ذلك الوقت البعيد، ظللت أرى عبد الحميد يبتعد عن اللغط مكتفيا بالقراءة والكتابة. ومن باب الصدف العجيبة وجدته يترجم انطولوجيا القصاصين المغمورين في أميركا اللاتينية...عكس الأنطولوجيا التي تكتب عندنا بحبر الزبونية والولاءات كما صرح بذلك علنا في كلية ابن امسيك الأستاذ احمد اليبوري بمناسبة إصداره حول مسار القصة الحديثة بالمغرب.. الصديق عبد الحميد إنك طابع الحسن المميز على جبين هذا الوطن.. دمت لي أخا وصديقا أعتز بصداقته. | |
|