ابراهيم درغوثي مبدع جديد
عدد الرسائل : 7 الحالة : قاص وروائي تونسي نقاط : 32150 تاريخ التسجيل : 16/04/2007
| موضوع: الليلة الثانية بعد الألف / قصة قصيرة / ابراهيم درغوثي / تونس السبت أكتوبر 13, 2007 12:54 am | |
| الليلة الثانية بعد الألف قصة قصيرة ابراهيم درغوثي / تونس جاء رئيس حرس القصر يجري . وجرت معه السواري . وجرت معه الزرابي المفروشة على الأرض . وجرى العرق . وجرت رائحة إبطيه . وجرى معه الخبر .
***** دق الباب . دق الباب دقات خفيفة . دق الباب بأدب . دق الباب . باب مقصورة الملك شهريار . دق الباب ووقف في وضعية / سلام خذ .
***** خرج له الحارس . حارس مقصورة الملك شهريار . خرج شاهرا سيفه . رأى حارس مقصورة الملك رئيس الحرس يرتعش . ورأى على وجهه صفرة الأموات . خاف حارس مقصورة الملك عندما قال له رئيس حرس القصر : قل لسيدي السلطان أن يهرب
***** ماذا ؟ قال حارس المقصورة عن السلطان أن يهرب . سيدي السلطان يهرب . نعم ، قل لسيدي السلطان أن يهرب عن طريق السرداب . قل له : كل الأبواب الأخرى موصدة . والقصر محاصر . والعامة . والسراق . والعياق والعيارون . وسكان الأحواز . والعبيد . والأعراب . و ... يريدون لعب الصولجان برأسك . ***** وانسحب رئيس حرس القصر . أدى التحية لحارس مقصورة الملك شهريار ، وانسحب . خبط حذاءه المصنوع من جلد بقر الولايات المتحدة الأمريكية ، وانسحب . مسح العرق من فوق النياشين وانسحب . ولم يجرؤ حارس المقصورة على الدخول على الملك . الملك شهريار . ملك البرين وخاقان البحرين . سيد العرب والعجم والروم والبربر . الملك الذي : أتته الخلافة منقادة * إليه تجرجرأذيالها فلم تك تصلح إلا له * ولم يك يصلح إلا لها .
**** وحار حارس المقصورة في أمره . والسلطان علمه ألا يقطع خلواته ولو انطبقت السماء على الأرض .. وأعلن الروس الحرب على أمريكا . وغزا ياجوج وماجوج البر والبحر . وحار حارس المقصورة في أمره . تلمس رقبته . أحس بحد السيف باردا فوقها . ورأى الدم يسيل فوق النياشين . مسح الدم من على النياشين . ومسح العرق البارد من على جبينه . وخطا خطوتين نحو الباب . باب مقصورة الملك . جاءته قهقهات السلطان ممزوجة برائحة الصهباء . وجاءته ضحكات شهرزاد . وغمرته روائح البخور والند والعود . وأصاخ السمع . هنا خطوات تقترب . وهناك خطوات أخرى تقترب . وتقترب الخطوات أكثر فأكثر . ثم ينفتح الباب . فتح جندي باب القصر وقدم له ورقة . لم يضرب له الجندي ، سلام خد ، حين قدم الورقة . ولم يضرب له ، سلام خذ ، حين غادر المكان .
***** فتح الحارس الورقة . قرأ : بيان من جبهة الإنقاذ الوطني . باسم الشعب ، نعلن خلع الملك شهريار ، ونطلب من كافة حرس القصر تسليم أسلحتهم للجبهة ، ومساعدتنا على إلقاء القبض على الملك المخلوع . وكل من يخالف هذه الأوامر يعرض نفسه للمحاكمة بتهمة الخيانة العظمى ، ويعدم رميا بالرصاص . ( ملحوظة للقارئ : الرصاص في صورته الحالية ، لم يكن معروفا زمن الملك شهريار وربما يراد بالإعدام شنقا حتى الموت وإنما ذكر الرصاص إما سهوا أو استباقا للزمن . والله أعلم . )
***** قرأ الحارس البيان مرة ثانية ... وثالثة ... ورابعة ... ولم يعرف ماذا يفعل . هم بخلع الباب . أمسك بقبضة السيف وهم بخلع الباب . لكنه تراجع في آخر لحظة . هل هي مكيدة ؟ هل يريد السلطان اختباري ؟ ربما أراد السلطان معرفة مدى اندفاعك في الذود عن حياته . وربما ... وربما ... وربما ... فلا تغامر يا ابن الكلب ، وكن حذرا حتى لا تفقد رأسك . فما أسهل أن تأمر السلاطين بضرب رؤوس العامة . وتبادر إلى ذهنه ما قالته زوجته البارحة بعد أن عادت من الأسواق . زوجته قالت له إنها سمعت أكثر من واحد يقول إن السلطان لم يعد يهمه أمرهم . فهو يسهر الليل . يسهر الليل بطوله . يسهر الليل بطوله يستمع إلى حكايات شهرزاد . ولا يفيق من النوم إلا ليأكل أو ليذهب إلى الكنيف . وتذكر أيضا ما قاله رئيس الحرس . قال رئيس الحرس : إن أعوان أمن السلطنة وسلطانها ، ضبطوا مناشير تحرض على الصراع الطبقي وتثلب السلطان وأرباب الدولة والوزراء . واتهم – الشيوعيين – عفوا أقصد القرامطة . قال إنهم رأس الفتنة هؤلاء القرامطة . وشن حملة على الأحياء الفقيرة . فشنق مجموعة من الرجال . وعلقهم على أسوار المدينة . وصلب مجموعة أخرى على الأبواب . وبقر البطون . وبتر الأطراف . وهدم الدور واغتصب الجند العذارى . ونكل ، حتى يتعظ الآخرون ...
***** وخطا حارس المقصورة خطوة نحو الباب . لماذا لا أقتله أنا ؟ لماذا لا أقتل شهريار ؟ وراقت له الفكرة . وصك أذنيه صوت السلطان الثمل : - احك يا شهرزاد قبل صياح الديك . - احك يا شهرزاد بعد صياح الديك . - احك ولا يهمك ، فأنا سلطان الديكة . وسلطان أصحابها . لماذا لا أقتل شهريار بسيفي هذا ؟ وأقطع رقبته . وأرمي برأسه للثائرين . وغمرته روائح البخور ودقات الدفوف . وأصوات الغناء . لماذا لا أقتل شهريار ؟ وأنصب نفسي شهريارا جديدا ؟
***** واقتحم الحارس المقصورة . وأفرغ رصاص بندقيته الآلية في رأس شهريار. قلت بندقية آلية فلا تنزعجوا من هذا الخلط في استعمال آلات القتل ) ) ثم مسكه من لحيته المعطرة بالطيب وذبحه من الوريد إلى الوريد . ورمى بالرأس للثائرين وراء الأسوار . فتفرقوا ... ماذا قلت ؟ هل قلت : الثائرون تفرقوا ؟ نعم يا سيدي . داسوا على الرأس بأحذيتهم ، وتفرقوا ...
***** وجلس شهريار الجديد على كرسي السلطنة . نادى شهرزاد . شهرزاد الليالي . شهرزاد التي لا تموت . وطلب منها أن تحكي له . قال : - احكي يا شهرزاد ، ألف ليلة وليلة ... عفوا ، ألف عام وعام ...
dargouthibahi@yahoo.fr www.arab-ewriters.com/darghothi | |
|