محمد اكويندي عضو فعال
عدد الرسائل : 93 الحالة : قاص مغربي نقاط : 32968 تاريخ التسجيل : 20/11/2006
| موضوع: الاختلاف و الافتراق في شيء من الوجل لمصطفى لغتيري الإثنين ديسمبر 25, 2006 2:43 pm | |
| االاختلاف و الافتراق في شيء من الوجل لمصطفى لغتيري
كتبها محمد اكويندي ا استطاع القاص مصطفى لغتيري بمجموعتيه القصصيتين "هواجس امرأة" و"شيء من الوجل" أن يحفر لنفسه منحى سرديا مميزا يمكن وصفه بسرد التفصيلات الحياتية والاهتمام بالمألوف والمعيش بوصفها مادة سردية يمكن أن تخلق بنية قصصية تغاير من حيث التقنية أو الرؤية بنية القص التقليدي وتمثل هذه المجموعة القصصية الجديدة "شيء من الوجل " مفصلا بارزا في سياق تطور الكتابة القصصية عند مصطفى لغتيري بالرقي في لغته السردية من حيث الاقتصاد اللغوي الشاعرية والجمل القصيرة وتركيزها الشديد على المواقف المراد التعبير عنها والتخلص من الجمل الطويلة التي كانت تطغى على مجموعته الأولى " هواجس امرأة" وبروز بنىسردية جديدة نسبيا متمثلة في ابراز الصورة الواقعية المنعسة عند الوقائع اليومية للحياة التي لم تعد موجودة بصورتها البسيطة والمباشرة: "انبثق من رحم العتمة التي اكتنفها، نور سحيق كنجمة في سماء كالحة وشيئا فشيئا أخذ الضوء يتكاثف ليغمر المكان من حولها ثم تراءى لها شبح يتقدم نحوها من المدى البعيد" قصة ما يشبه الحلم-(ص 59)ى وفي هذه الصورة مستوى ثان من التوظيف الذكي والرمزي الديني: النور الذي حكى عنه ابن كثير في السيرة النبوية: كانت أم قتادة رقية بنت نوفل، أخت ورقة بن نوفل توسمت ما كان بين عيني عبد الله بن عبد المطلب قبل أن يجامع آمنة، من النور فودت أن يكون ذلك متصلا بها فعرضت نفسها عليه فامتنع عليها فلما انتقل ذلك النور الباهر بمواقعته إياها: " وكذلك نجد هذا التوظيف في قصة شرود حيث الضوء المتسرب من شقوق النافذة فرسم خطوطا متعرجة على السرير فانطبعت على الجسد السارد فوقه ترنحت متباطئة تتثاءب..." ان قرينة الضوء أو النور في هذه المجموعة والموحية بالمواقعة بشيء من الخجل والحياء.. والتي تتردد كذلك في قصة "المريد" (ص 67): "كان الضوء باهتا ضعيفا وكانت الأنثى منبطحة على بطنها وقد تخلصت من كل ما يسترها.." تبقى التيمة المميزة لهذه المجموعة رغم ما يعمل لغتيري من جهد لابراز عنوان المجموعة (شيء من الخجل) هي تيمتها الكبرى، وذلك ما نلاحظه ببثه كلمة الوجل داخل بعض قصص المجموعة: • أخذن يتلفتن واجلات ص15 قصة الإمبراطور. • من مقعدالأمامي كنت أقرب الى الوجل (ص 24) قصة شيء من الوجل • تسرب الوجل الى القلوب (ص42) قصة سياف. • تقدمن بخطوات وجلة (ص70) قصة لحظات لا مثيل لها. رغم زرع هذا الوجل تبقى تيمة النور (الضوء) التيمة المميزة لهذه المجموعة وهو ما تزكيه خلفية الغلاف ذات الاصفرار المشع كالنور أو الضوء والحاضن للمرأة المثبتة بنظراتها الخجولة داخل اطار صورة الغلاف: أليس النور رمز للرجل كما هو للرسول (ص) كما جاء عند ابن كثير؟ ولو اسعفنا الحيز لأبرزنا قرائن أخرى مثل: (التمع لون غشائها الأصفر بين أصابعه المضطربة وبيد متوثرة مدها اليها (قصة الفرح الجديد ص حيث نجد الشاب يهدي لصديقته علبة علكة. ان كلمة التماع.. اصفرار.. كلها تحيل على ذلك النور. نكتفي بهذا وننتقل الى البدايات عند القاص لغتيري بداياته واثقة فهو لا يبدأ بداية بأفعال ماضية انه ينعتق من أسر البدايات التقليدية حيث نجده يبدأ باشارة أو حركة أو خبر لمبتدأ محذوف.. ثم يترك الحالة تتداعى تدريجيا دون تدخل قصدي منه، مثلا: - هناك في قمة الجبل (توق) - الامتداد لا حدود له (الفرح الجديد) - بيد متوتر (على ضفة النهر) - مشيته دوما عجلى (توقع) - حقا انها ليلة ليلاء (قصة الامبراطور) - فاترا اعتدل الزبون في جلسته (الفارس) - كلماته تنساب كجدول رقراق (المديد) - شيء غامض لا يفلح المرء في تفسيره (ما يشبه الحلم) - ونحن على مشارف المدينة (السحابة دخان) - بصوت متقطع مشبع بالدهشة (لحظات لا مثيل لها) - الطريق مترب (انتظار) وفي ختام هذه القراءة الأولية يبقى السؤال المؤرق: ماذا بعد هذا الشكل من الكتابة..في الوقت الذي استنفذ الكثير من امكانياته الفنية بظهور تباشير جديدة.. وهو ما انتهى اليه الفن القصصي من "تجاوزات" استطاع |أن ينعتق بها مما حددته انجازات الروائد الأوائل.. فهل هذه المجموعة القصصية عند القاص لغتيري مؤشر على الاختلاف والافتراق مع هذا الشكل من الكتابة اذ أثبت قدرته على تخطي الكثير.. مما اعتراه من مزالق في مجموعته الأولى؟.. ولعل الثالثة ثابتة.. بخطوات جريئة في طرق باب التطرف القصصي حسب تعبير فايزابا أو القصة المضادة عند روبرت شولز أو ادوارد الخراط. • محمد اكويندي شيء من الوجل: الطبعة الأولى 2004 مطبعة القرويين. الدار البيضاء. | |
|