من إنتاج قطاع قنوات النيل المتخصصة عرض بنقابة الصحفيين بالقاهرة مساء الأحد 24 يونيو الفيلم الروائي القصير هو النهارده إيه؟، قصة وسيناريو وحوار ماهر زهدي، وإخراج سامح الشوادى، بطولة كمال أبو ريه، د.حسن عبد الحميد، وجيهان راتب، ووفاء سالم
الفيلم مدته 35 دقيقة ، و يتناول علاقة مواطن مصري مسلم بمواطن مصري أخر مسيحي،حضر العرض نجوم وأبطال العمل، مع كوكبة من الصحفيين ورجال الفن والفكر والإعلام ، وأعقبت الفيلم ندوة أدارها الناقد محمد الروبي
دور قصة الفيلم عن المهندس الملتحي المتدين ناصر ( كمال أبورية )وزوجته جيهان( جيهان راتب ) التي ترجوه أن يذهب معها لحفل زفاف ابنة خالتها، ولكنه يرفض مسببا لها حرجا أمام خالتها ، ورفضه لكون الفرح ليس في المسجد كفرح شقيقته ، وهو مخلص في عمله لا يتهاون ولا يخالف القواعد ولا الضمير على الرغم من كون سكرتيره مرتشيا ، يتصل به تليفونيا خليل الرجل الطاعن في السن القعيد ليسأله عن اليوم بقوله: هو النهارده إيه ، فيجيبه عن تاريخ اليوم ، ولكن الرجل كان يقصد أي يوم من أيام الأسبوع ، وينشغل بال ناصر به ، فيبحث عن عنوانه من معارفه بمصلحة التليفونات فيذهب إليه في بيت في حي عابدين أحد الأحياء القديمة بالقاهرة فيصعد للطابق الثالث ويتأخر الرجل في فتح الباب فيهم بالانصراف ،وما إن يراه ناصر حتى يهم بالانصراف، معتذرا متعللا أنه قد أخطأ العنوان ولكن حين يتفرسه خليل مليا ،ويجده ملتحيا ، يؤكد على أنه قد أخطأ العنوان، فربما كان يريد الحاج السكن بالطابق الأعلى، ولكن حين يؤكد له أنه يبحث عن عم خليل يخبره الرجل بأنه هو ويلح عليه في الدخول ويضيفه ، ويخبره بأنه قد عرفه من صوته لأنه كان يعمل بمصلحة التليفونات ، وخرج للمعاش منذ 15 عاما ولكن لم يفقد القدرة على تمييز الأصوات ، ويحكى خليل عن ولديه المهاجرين لأمريكا بعد وفاة زوجته ، ويكتفون فقط بالاتصال به تليفونيا بين الحين والآخر ، وكيف أنه لم ير حفيده وقد صار شابا منذ أن كان عمره 5 سنوات ، وابنته المتزوجة التي ترافق زوجها للعمل في بلد عربي ، ولم يكن يخدمه سوى البواب المسلم الذي توفى من 5 سنوات، وهكذا لا يجد من يخدمه،أو حتى يسأل عليه ، فيثور ناصر لأن الزمن قد تبدل وصار جحود الأبناء هو الغالب ، مرددا آيات القرآن التي تحض على البر بالوالدين ، ويخبره خليل أن أكثر ما يزعجه ويقلقه وينغص عليه حياته، هو عدم استطاعته الذهاب للصلاة ، فيرد عليه ناصر بأن الدين يسر ، ولكن خليل يخبره بأنه لابد له من الذهاب للكنيسة يوم الأحد ، فيقلب ناصر فيما حوله ليرى صورة للسيدة مريم، ويكتشف أن عم خليل مسيحي ، فينصرف على عجل ، فيرد عليه خليل ألم أخبرك أنك أخطأت العنوان ، ويخرج ناصر على عجل ليذهب لاصطحاب ابنه وابنته من حفل الزفاف، من أمام البيت دون أن يصعد إليهم ، والزوجة قد اغرورقت عينيها بالدموع نظرا لإحراجها أمام أهلها ، وحين يعود للبيت يصلى والمصحف الشريف مفتوح على سورة مريم، يراجع نفسه ويذهب يوم الأحد لاصطحاب عم خليل للصلاة بالكنيسة، ويأخذه في جولة بالقاهرة وهو على كرسيه المتحرك ، ليطوف به النيل والأحياء الشعبية والأهرام
طافت الكاميرا في شاعرية ممزوجة بتصوير لجو العمل الواقعي دراميا ، وحلقت لتظهر المشاعر الخفية وتبرز المسكوت عنه ،والانطباعات لدى كل من المسلم والمسيحي ، قلق المسيحي من رؤية الملتحي ، اللقطة من أعلى لناصر وعم خليل التي فتشت المكان بحثا عن الهوية الدينية لخليل ، اللقطة على المصحف الشريف المفتوح على سورة مريم ، فرحة خليل وسعادة ناصر وهو يقوم بواجبه نحو الشيخ المسيحي، وقيامه بدوره الإنساني في خدمته كابن له ،من منطلق الرجوع إلى الحق والصواب ، خليل المقعد وهو مصر على ري شجرة عيدانها يابسة فالجو كان شتاء ، ثم التنقل بين حفل الزفاف ومشاعر ناصر الغاضبة من أبناء خليل لعدم قيامهم برعايته ، ودموع الزوجة ، واللقطة التي تظهر فيها باكية وحيدة في انتظار العروس وعريسها ، وختام الفيلم على جولة ناصر وخليل بين رموز الحضارة المصرية النيل ، الأحياء الشعبية ، الأهرامات ، وسط سعادتهما الطاغية ، مع أغنية بسيطة الكلمات عميقة الدلالة، تبرز فكرة العمل وتلخص في اقتدار رسالته ،ومضمونه السامي الرائع ، وقد اتضح في الأغنية تفسير اسم الفيلم هو النهارده إيه ، الجمعة سبت وحد واتنين وتلات /تجمع قلوب كل البشر دقات / شركا أنا وأنت في أرض الله / شركا بتجمعنا الحياة /قلبي قلبك / نبضي نبضك/ وشوقي هوه شوقك/ والدم نفس الدم / ف عروقي وعروقك/ نفس التراب نحيا عليه ونموت / نفس الندم ع اللحظة لما تفوت / نفس الفرح واحد نفس الآه / شركا أنا وأنت في أرض الله / شركا بتجمعنا الحياة وهكذا اتضحت الرسالة التحذيرية التي يبعث بها إلى الجميع ماهر زهدي المؤلف والذي قام أيضا بعمل السيناريو والحوار ، والخرج سامح الشوادى في أول عمل لهما ، ليبرز قيمة إبداعهما ، حين يعالجون الفرقة بين أبناء الوطن الواحد والطائفية بهذا الاقتدار بعيدا عن الشعارات الجوفاء ، ويذكرون الجميع بالأصالة وصدق الانتماء
الفيلم الروائي القصير الأول في السجل الفني للكاتب والمخرج تميز بالصدق ، وفعل بالفن وأدواته ما يفوق وسائل الإعلام مجتمعة، فالفيلم في توازن فريد خاطب العقل والقلب والضمير ، ولا شك أن خبرة وحرفية وتمكن واقتدار أبطال الفيلم د.حسن عبد الحميد وكمال أبو رية وجيهان راتب مع باقي المشاركين في العمل قد أعطى للعمل رونقا وجلالا فنيا فريدا ، تحية للقنوات المتخصصة على تقديم هذا الفيلم الروائي القصير ، ولعل جهات الإنتاج تنتبه جيدا لحرفية وموهبة مخرج الفيلم وكاتبه فيسندوا إليهم أعمالا روائية تليق بتلك المواهب المتألقة