محمد اكويندي عضو فعال
عدد الرسائل : 93 الحالة : قاص مغربي نقاط : 32968 تاريخ التسجيل : 20/11/2006
| موضوع: قراءة في مجموعة محمد اشويكة، :خرافات تكاد تكون معاصرة . الأربعاء يونيو 27, 2007 9:03 am | |
| قراءة في مجموعة محمد اشويكة، القصصية التي اجترح لها عنوان:خرافات تكاد تكون معاصرة
محمد اكويندي
إضاءة:
المستوى الدلالي للعنوان:
من خلال عنوان هذا الكتاب، يمكننا الولوج إلى عوالمه الخرافية التي" فعلا" تكاد تكون معاصرة، حيث نلاحظ في هذه التسمية ما يسعف على أننا أمام عالم قائم على الخيال المطبوع بما يشبه الواقع، ولأنه كذلك نجد الكاتب، كان واعيا بذلك فعمدا على استبدال"قد" التي تفيد تحقق الأشياء، ب، « تكاد" تكون معاصرة، ابتغاء منه تنبيه المتلقي حتى يكون مستعدا ذهنيا و نفسيا بأنه أمام عالم خيالي يقوم على الخرافة. خرافة: في أوجز تعريف له ، تعود تسمية خرافة إلى رجل من عدرة، استهوته الجن ، فكان يحدث بما رأى ، فكذبوه ، وقالوا : (حديث خرافة) إلى أن الفيروزابادي ، نقل هذا النص بحرفه، وزاد عليه(أو هي مستملح، كذب) بينما الجاحظ ، فقال رجل من بني عدرة استهوته الشياطين ، فتحدث عنه الرسول (ص) يوما بحديث فقالت امرأة من نسائه ، هذا حديث خرافة، فقال ، لا... وخرافة حق. ( الميثولوجيا عند العرب. عبد المالك مرتاض ) و في المعاجم، نجد معجم المترادفات الفرنسي الذي يعرف " الخرافة " / fable ،على أنها قصة قصيرة خيالية تكتب بالشعر أكثر مما تكتب بالنثر...الخ كما يعرفها goerges jean في كتابه " سلطة الحكاية " بأن - الخرافة - ( محكي يتميز برمزيته الشفافة )
إلا أن لفظ "خرافة" مخففة، و لا تدخله الألف و اللام لأنه معرفة.إلا أن تريد به الخرافات الموضوعة من حديث الليل. ومن هنا ندرك وعي الكاتب " بمكتوبه"قصصه و زمن كتاباتها على أنها" خرافات " بدون ألف أو لام، وهذا يحيلنا على زمن خرافات محمد اشويكة . الذي هو" خرافة" رجل من مغربنا المعاصر، و الذي استهوته تفاصيل اليومي والمعيشي في زمننا هذا الذي عرف الكثير من التحولات في بنياته العقلية والفكرية والسياسية و الاجتماعية، بما عرفته من تخلف ، وفقر، وأمية ، وبطالة،و هجرة سرية، وتجارة مخدرات ، و ديمقراطية مغشوشة ،و تهميش للثقافة والأدب، والفكر والابتكار، و سيادة قيم منحطة غير مسبوقة في التاريخ ... وهي فعلا" خرافات" معاصرة تطورت آلياتها بتطورات أهل عصرها. - الخرافة : فقد جاءت اشتقاقيا بالمفهوم المتداول في اللغة العربية، من " خرافة " بمعنى النخلة أي في أطيب ثمارها، ويؤيد هذا المذهب في الاشتقاق قول الزمخشري: " وأتحفه بخرافة نخلته وخرفتها" بمعنى ثمر خريفها، بمعنى أجود رطبها. والجامع بين المعنى والأصل، والمعنى الطارئ، هو اللذة والجودة والعذوبة.
وتعتبر هذه المجموعة العمل الرابع في مسيرة الإبداع القصصي ، للقاص محمد اشويكة ، بعد أعمال الحب الحافي ، و النصل والغمد ، و" احتمالات" قصة ترابطية. تتوفر مجموعة" خرافات تكاد تكون معاصرة " على تسعة قصص مدعومة بصور لفؤاد الشردودي ، كما توزعت نصوصها على هذا الترتيب ، الوصية، أسطورة العادة ، الحكي الغسقي ، سوزان الغجرية ،عرس، حاكم الجن، ارتطام ، كرونولوجيا الانزلاق ، مدارج السلسلة الذهبية . ونتوخى من قراءة هذه المجموعة البحث عن جماليات بنية العمل الإبداعي التي تحقق له فرادته التي تظل الهم المركزي لهذه القراءة التي تزعم أنها تتأبى على أية تقنيات تسعى إلى مسخ هويتها ، وقهر إرادتها ،و خنق صوت اجتهادها المعرفي . إن قراءة النص لايمكن أن تحقق شمولها من غير أن تسعى إلى استكشاف بنية النص من خلال مستوياته الأساسية المتمثلة في السرد والشخصية و الأسلوب و تقنية البدء أو الختام و هو ما ستحاول هذه الورقة تحقيقه، في قصتي : الوصية، وحاكم الجن،( نظرا لضيق الحيز والزمن معا ) مستوى السرد : تمثل قصة" الوصية" واحدة من القصص المهمة التي تكشف عن مقدرة القاص في تقديم عمل قصصي متماسك بذكاء في تحميل أحداث القصة ملامح ودلالات موحية تتجاوز القشرة الخارجية للعمل القصصي لتكشف عن دخيلة الشخصية و تفجر معاناتها. تبدأ قصة" الوصية " بنداء الأب وهو يوصي ابنته- المفترضة- " هاأنت ياابنتي ستنزلين إلى هذا العالم المقرف الذي أتعبني ."في هذه البنية السردية كان ثمة إحساس داخلي لدى الأب، و هو إحساس يمارس تأثيره في القارئ، مؤثرا في موقفه النهائي..إحساس ظاهر يكشف عن نفسه في شكل رد فعل غير طبيعي للأب..يتجه بكليته نحو الإحساس الذاتي بالتورط مع فعلة الأب و بالإحساس بالتجني على الابنة (أبي أجنى علي وما أجنيت على أحد. ) لا أريدك أن تلقي كل اللوم علي لأنني تسببت لك – نتيجة خطأ إيروتيكي غير متعمد أو حادثة لذة عابرة – وكما يتضح من هذا السياق ، فإن القاص يستخدم ضمير المتكلم كراو ، بحيث تتماها الشخصية مع الكاتب في تقديم إخباري يشير إلى تطور زمني حَدَثي باتجاه واحد نحو خاتمة الموقف – القصة- ومن جماليات هذا العمل الإبداعي اللعب بالألفاظ واستغلال خصائص اللغة و استعمالاتها المتعددة، وعلى أنها شيء يوضع مكان شيء آخر في بعض الأحيان ، وهذا يتطلب مهارة غير اعتيادية و حذرا ، و لهذا اعتبرت استعارة هذه المجموعة القصصية جمالا وقوة إضافية للغة (( انتصب التمثال في مدينتي ،وفاض الوادي في قرية أمك.. وهاأنت الآن تسبحين مزهوة وسط الماء .)) و كما أسلفنا حول اللعب بالألفاظ نقف على هذه العينة (–يافرختي- يافرحتي- ياقرحتي..الخ (ص10) الغالية- العارية) وهذا اللعب نجده كثيرا في مواقع أخرى من المجموعة. وتبقى اللغة في هذه المجموعة استعارية ، أي أنها تغير العلاقات غير المدركة قبلا للأشياء ، وتعمل على إدامة هذا الإدراك أو الفهم ، و بمرور الوقت تصبح الكلمات التي تمثلها رموزا وعلامات ..(أتمنى ياإبنتي الافتراضية أ لا تكوني وريثة الغباء التاريخي لبني – بنات فصيلتك ، وألا تكوني آهات بدون شفاه ، أو سائلا بدون مجرى . ) و مادمنا أمام حالة افتراضية ،فليس من المعتقد دائما أن هذا الافتراض في حكينا ذا معان ثابتة . وفي قصة حاكم الجن . نجد" موضوعتها" الأساس هو ذاك الصراع بين العلم والشعوذة .. الذي سينتصر فيه العلم كما جاء في المقطع الأخير من القصة .. ( أقسمت الحاجة ألا تذهب لكن إبرة واحدة كانت كافية للحسم في عنادها والتخلص من صلابة آرائها.)إلا أن ما تضمر هذه القصة ، هو صراع أجيال ، و صراع الوعي و التخلف ، صراع المتعلم و الأمي ، بهذه الثنائية. نجد القراءة الدلالية للنص قد اتجهت بنا صوب اكتشاف البنية الثنائية المتمثلة في ثنائيات: العلم/ الشعوذة. المتعلم/ الأمي. الوعي/ التخلف. الطالب/ الفقير. وحتى لاتفوتنا خصيصة أخرى لاستكمال البنية للنص ، تلك البنية التي تم التعبير عنها بصيغة المذكر ، وأخرى بصيغة المؤنث..(إنني المرأة / الرجل..الوحيد (ة) الت(ذ) ي ت(ي) جلس ، وهذه الثنائية المتناوب عنها سرديا تعبر عن ثنائية( الارتياب/الاطمئنان.) لتعبير عن نفسية السارد المضطربة : (خلافا لما أرغب فيه ، شاءت الظروف أن أغير عادتي ، وأن أفسخ العقد الذي يجمعني و قناعتي .) ومهما تسلح الإنسان بالعلم والوعي تبقى تنازعه عوائد وتقاليد بالية ، و يقف حائرا بين قطبين متناقضين ،كما جاء على لسان السارد لا أعرف كيف الخروج من موقف كهذا ذي قطبين متناقضين كهذا؟) و لا ريب في أن استخدام السارد مشهد بنية الافتتاح و الختام المتمثلين في ظاهرة/ ظاهرات.. هي خرافات تكاد تكون معاصرة ، و توظيف معطياتها جسدت واحدا من أساليب السرد الفني المعبر عن القيم و الأخلاق، و التخلف و الفقر ، والأمية والبطالة ، والهجرة السرية و تجارة المخدرات ...الخ إن التناظر الرمزي في هذه المجموعة هو الفاعل الحقيقي و تبقى قراءتنا تجاهد لتكييف الموضوعي ب الذاتي ، في غياب نقد قصصي متخصص، و هي قراءة تروم إلى التصورات الجمالية ، و النقد الذاتي الذي نطمح أن يكون-علميا- أو موضوعيا- بطرائقه الخاصة ، النابعة من ذات "امتلأت " وأكيد أن القراءة والتأمل يؤججان الأحاسيس مثلما يوقدان شحنة الخيال، و هما قادران أن يستثير ذلك لدى الناقد والمبدع على حد سواء.
ملاحظة: (ربما الإشارة التي ساقتها، د. نبيلة إبراهيم في مؤلفها –فن القص – حول النقد القصصي الذي لا يمثل حتى عشر ما في المسرح و الرواية. ص.168) نجدها أعيدت بصيغة أخرى للناقد المغربي شرف الدين مجدولين في العدد الأخير من مجلة ثقافات. ع .19/ 20 وبخطة إحصائية صرف يمكن تعداد عشرات الأسماء في النقد المسرحي في المغرب و تونس و مصر وسوريا .. لايناظرها عشر ذلك العدد في مجال نقد القصة القصيرة أو السيرة الذاتية . ص .136 و رغم هذه الملاحظات تبقى مجهودات نقدية مبذولة تتجلى في جيل النقاد الذي برز أواخر الثمانينات. | |
|