منتدى ابن امسيك للثقافة
انت غير مسجل
تفضل بالدخول او التسجيل معنا
منتدى ابن امسيك للثقافة
انت غير مسجل
تفضل بالدخول او التسجيل معنا
منتدى ابن امسيك للثقافة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى ابن امسيك للثقافة

منتدى ابن امسيك للثقافة يرحب بكم
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 إطلالة على رواية "ظلمة يائيل"الفائزة بجائزة الطيب صالح

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابن امسيك
عضو فعال
عضو فعال
ابن امسيك


عدد الرسائل : 1310
نقاط : 35652
تاريخ التسجيل : 17/05/2007

إطلالة على رواية "ظلمة يائيل"الفائزة بجائزة الطيب صالح  Empty
مُساهمةموضوع: إطلالة على رواية "ظلمة يائيل"الفائزة بجائزة الطيب صالح    إطلالة على رواية "ظلمة يائيل"الفائزة بجائزة الطيب صالح  Emptyالأربعاء سبتمبر 05, 2012 4:28 pm

إطلالة على روية "ظلمة يائيل"الفائزة بجائزة الطيب صالح العالمية 2012م
محمد محسن الحوثي
جامعة صنعاء

الروائي محمد الغربي عمران.. باحث في التاريخ المعاصر، وله علاقة بالكتابة الصحفية، متمكن من كتابة القصة والرواية، وتجربته في هذا المجال عميقة، غالباً ما تثير الجدل والخلاف، لأنه يتناول الموضوعات بجرأة وشجاعة، لاسيما ما تعارف الأدباء والكتاب على تسميتها بالتابوهات الثلاث (الجنس، الدين، السلطة) نصيبه من الأعمال الأدبية خمس مجموعات قصصية ورواية إلى جانب الرواية التي بين أيدينا، وهي (الشراشف 1997م، "الظل العاري" طبعتان 98، 1999م، "حريم أعزكم الله" طبعتان 2000، 2001م، "ختان بلقيس" 2003م، "مارة سوداء 2004م، أما الرواية فصدرت عام 2010م تحت عنوان "مصحف أحمر" .
قبل الافتتاح: نشير إلى النقاط التالية:-
1. نهنئ الوسط الثقافي، ووطننا ممثلا بالغربي عمران على مثل هذا العمل الذي استحق جائزة الطيب صالح (العالمية) للعام 2012م، وتستحق الرواية أكثر من ذلك، وليس بغريب على أن نجد مثل هذه الأعمال لكاتب يبذل جهده لينقش نتاجه الذي يظلّ علينا في شكل أدبي وفني بديع، مترقياً في درجاته، مستفيداً من قراءاته،وكل عمل جديد للغربي نجده أجود من الذين سبقه، فإلى عمل أرقى وأجود.
2. إذا كان الدكتور/ إبراهيم أبو طالب لا يتفق مع الكاتب في بعض الرؤى، حسب إشارته على الغلاف الخلفي للرواية – فإني أختلف مع الكاتب كثيراً، وفي موضوعات (فكرية وعقائدية وتاريخية)، سيتم الإشارة إلى بعضها لاحقاً. وهذا الاختلاف لا يفسد للود قضية، بل على العكس ربما يسهم في إثراء الموضوع، وقد استمتعت ودهشت ، وتخيلت ، وصَمَتُّ وفسَّرت ، وأولت خلال قراءتي السريعة للرواية، وأعتبرها بحق من أهم الروايات التي قرأتها ، سواء للكتاب العرب أو غير العرب "المترجمة" وسيظل أثرها محفوراً في ذاكرتي إلى ما شاء الله، ولابد من إعادة قراءتها بتأن وهوادة.
3. كما هو معتاد في قراءاتي باعتباري مهتم بالمشهد الثقافي، والأدبي خاصة، ولأني غير متخصص، فقراءتي عبارة عن انطباعات شخصية، تقترب من الأَسلوبية أكثر من المنهجية النقدية العلمية.
الغلاف الأمامي للرواية :-
* أول ما يلفت انتباه القارئ سريالية العنوان "ظلمة" ببنط كبير، و "يائيل" المضاف إليه، ببنط أصغر وفي هذا تصرف حسن للهروب مما تثيره المفردة من جدل عقائدي" أيديولوجي".
• اسم المؤلف بوضعه الجانبي والبنط العريض أيضاً.
• اللوحة التشكيلية ، وتنتمي إلى المدرسة الواقعية، للفنان التشكيلي والأديب/ سمير مجيد البياتي، وهي عبارة عن صورة لفتاة حوت المحاسن الجميلة تكاد تنطق كما وصفتها الرواية في أحد الموضوعات الذي ورد تحت عنوان يحمل اسمها "شوذب" ، وهي أحد شخوص الرواية الرئيسيين، واللون الأحمر هو السائد على "الزّي" الذي تلبسه.
• دار الحجر "دار المنظر" ضمن اللوحة التشكيلية، أحد الأماكن الذي سكنه أحد الأئمة ومنه دخل إلى صنعاء، كما ورد في الرواية.
• خلف الفتاة والدار يبدو الأفق بلون السماء الأزرق الفاتح والسحب المتقطعة باللون الأبيض، وهما يخففان ويهدءان من حمرة – نارية – "الزي" التقليدي.
واللوحة في مجملها تكاد تكون نصاً معادلاً – موازياً – لموضوع الرواية ولو من زوايا محددة.
الطبعة الرابعة داخل دائرة مسننة باللون الأسود، كنت أتمنى لو حصلت ولو على الطبعة الأولى ، وقد طلبتها من الكاتب دون جدوى.
الغلاف الخلفي :
الأسود والأحمر ما زالا حاضرين في الغلاف الخلفي الذي احتوى على عبارات مكثفة، ومذيلة باسم الدكتور/ إبراهيم أبو طالب، ربما كتبها كملاحظات سريعة، أو توقيع سريع، وفضّل كاتب الرواية أن يجعل من الغلاف الخلفي مكاناً لها لإبرازها وبذلك تعطي القارئ موجزاً ومدخلاً للرواية، كما يحتوي على شعاري نادي القصة (إل مقه)، ومركز عبادي للدراسات والنشر (دار طباعة الرواية)، ورغم حضور اللونين الأسود والأحمر على كعب الرواية، إلا أن اللون الأبيض لاسم المؤلف والمفردة الثانية من عنوان الرواية خفف قليلاً من النزعة التشاؤمية، ليبعث أملاً وضوءاً يبدد الظلمة.
اللونان – الأحمر والأسود – يرمزان إلى الظلم والتوق إلى الحرية التي لا تتأتى إلا عبر نضال وتضحية – بل يرمز اللون الأحمر إلى الثورة – ويدعونا الموقف إلى استحضار بيت الشاعر/ أحمد شوقي وللحرية الحمراء باب للحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة يدق) والكاتب يستدعي اللونين الأسود والأحمر من عقله الباطن، فهما مرسومان بداخله، ونجدهما في نتاجه الأدبي، ويبرزان في العنوان مثلاً (منارة سوداء، مصحف أحمر).
العنـــــوان: يمثل عتبة رئيسية بارزة وواضحة للولوج إلى نص الرواية ويمثله، ويبدو أن الكاتب تخلص من وضع العنوان الرئيسي الموجود كعنوان للمخطوطة التي بنا روايته عليها "ظلمة يائيل"، دون الإخلال بالموضوع أو الخروج عن المضمون، وزاوج بين عنوانين داخليين أحدهما : عنوان الجزء الثاني من الرواية وقلبها "ظلمة يائيل" ص129.
والثاني عنوان داخلي لأحد شخوص الرواية المهمين "يائيل" ص68 ولها دلالة رمزية عقائدية- صوفية ثورية- بلمسة فلسفية، وبعض العقائد التي تستمد مبادئها من المجال الروحاني والفلسفي تُمجّد الظلمة، ومنها البوذية اليابانية"الزِّن"، التي تعني استغراق التفكير أو التأمل، أو التعبد المطلق، وللفائدة نقف عند مقتطفات تعبر عن الظُّلمة في ثقافة الزن، نستخلصها من كتاب "إشراقات زنِّيَّة: مختارات من أحاديث المفكر الهندي المشهور(أوشو)" ترجمة/ عبد الوهاب المقالح، في إجابة (شو) على سؤال: هل الـ"أنا" ظلمة؟ طرح عدداً من القضايا منطلقاً من الثنائية، "إن للظلمة بهجتها الخاصة، والشخص العارف سيستمتع بالظلمة والنور معاً، وسوف لن يخلق أي تناقض، وسوف لن يختار للظلمة صمتها الذي ليس لأي نور مثله، وللظلمة سكينتها السكينة التامة، التي ليست لأي نور، وللظلمة لا نهائيتها التي لا تحد، إن للضوء حدوداً دائماً، والضوء ليس لا نهائياً، إنه محدود، الضوء يذهب ويجيء، والظلمة تدوم، الظلمة خالدة"، وفي هذه الرؤية يشبهه الشاعر العربي " أبو الطيب المتنبي" عند مدح سيف الدولة، فشبّهه با لليل- الظلام.
وبهذا تفرّد المتنبي في صوره الشعرية وتشبيهاته التأملية والفلسفية الحكيمة، لأن المتعارف عليه بين الشعراء والأدباء أن التشبيه يكون بالنور والضوء والأجسام التي تصدر منها، كـ(الشمس، القمر، النجوم،..الخ)، من الأمثلة قول الشاعر:
(كأنك شمسٌ والملوك كواكب إذا طلعت لم يبق منهن كوكب)
وقول أخر:
(بدا كالبدر توّجَ بالثريا غزالٌ بالحمى باهي المحيّا)
نعود إلى المفكر(أوشو) في قوله: "الظلمة عمقٌ، والبياض ضحلٌ، البياض يبدو دائماً سطحياًّ، ابدأوا بالاستمتاع بالظلمة، استشعروا خلودها، فلتتأثروا بها،[...] إنها ناعمة الملمس، ولها جمالها الخاص، وما لم تكونوا قادرين على محبة الظلمة، فليس من حقكم أن تعرفوا الضوء،[...] إن النور الذي تعرفون هو النور الخارجي، إنه نقيض الظلمة، والنور الذي ستعرفون حين تتجاوزون الظلمة الداخلية ليس نوراً نقيضاً للظلمة،[...] إن المكان الذي تلتقي فيه الثنائية هو في منتهى الروعة، إذ يصبُّ كل طرف فيها كل جماله للآخر فينشأ جمال جديد أبهى وأسمى، (جمال الوحدة والاندماج)"، ثمّ يفسّر ما ينتج عن الوحدة والاندماج بقوله: "حين تحب شيئاً ما تختفي الثنائية، وحين تحب الظلمة تصير ظلمة، وحين لا تكون ثمة ثنائية ينبثق إشراق من نوع فريد مختلف تماما، إنه ليس النور الذي يجيء من الشمس، وليس النور الذي يجيء من الكهرباء، ولا ذلك الذي ينبعث من القمر، حينئذٍ تكون قد اقتربت من مصدر كل الأنوار وكل الظلمات معاً، لقد اقتربت من جذر وأساس الكينونة ذاتها"، ثم يعرِّج على صعوبة تصوّر الظلمة بقوله: "لم يستطع الإغريق أن يتصوروها، إن العقل المنطقي لا يقدر على تصورها،[...] لا تكن كذلك الـ(سيزيف) الإغريقي، تذكر ما أقوله لك: أحبب الظلمة،[...]، إنها تفوق الوصف، ولا يمكن تعريفها، الدخول في الظلمة خطوة عظيمة، إن أهل (الزن) يسمونها {الشك العظيم}، ويسميها نسّاك المسيحية {ليل الروح المظلم}، بيد أن الصبح قادم، إنه يعقبها على الفور مثل الظلال، لا تقلقوا كثيراً بشأن الظلمة، لا تهتموا لها كثيراً، وإلا فإنكم ستفقدون الصباح الذي يعقبها في الحال".
ومما سبق نستطيع القول بأن جانباً مهمّاً من "ظلمة يائيل" للغربي عمران ينصبّ في هذا المسار التفسيري، وبالتحديد في الحوارات الداخلية لشخوص الرواية، وفي مقدمتهم البطل الرئيسي "جوذر" في سجنه، وتأملاته وتصوراته، ورحلاته، وأحاديثه لنفسه ولغيره، سواء كان هذا الغير في الـ"أنا" الذاتية أو المعنوية.
نقطتان لابد من الإشارة إليهما:-
1. الإهداء: "إلى وطني التواق للعدالة والحرية" .
جملة قصيرة، ولكنها كبيرة في معناها، فالتماهي مع الوطن يعتبر أبلغ تعبير، أما ربطها بالقيم الكلية "العدالة والحرية" ، فإنما يعني ذلك الاستمرارية، من جانب، والتطلع إلى ما هو أفضل من جانب آخر.
2. الشكر : بل "جزيل الشكر" ، وحدد المؤلف عدداً من الأدباء والشعراء والقاصين والنقاد الخ" يأتي في مقدمتهم الشاعر الأديب د/عبد العزيز المقالح وثمانية من الأصدقاء الأعزاء الذين أمدوه بملاحظاتهم القيمة، حسب توضيحه، والاعتراف بالجميل من الأمور المحمودة.
وعمل بهذا الحجم جدير أن يحظى باهتمام الأدباء والكتاب، ومنهم الذين ذكرهم الكاتب وشكرهم.
حجم الرواية وتقسيماتها:
تضم الرواية بين دفتيها- الغلاف- 391 صفحة من القطع المتوسط ، اشتملت على (32) عنوناً داخلياً ، موزعة على ثلاثة أجزاء رئيسية على النحو التالي:-
م العنوان الصفحات إجمالي الصفحات م العنوان الصفحات إجمالي الصفحات
من إلى من إلى
أولاً : صنعاء: 7 128 118 23 النساء القرع 280 292 13
1 صعصعة 9 21 13 24 ختان 293 304 12
2 بيت الله 22 32 11 25 مسجد النبات 305 314 10
3 شواذب 33 43 11 26 ولي الجبل 315 322 8
4 أغيار 44 53 9 27 قصر مكة 323 332 10
5 غيوم 54 67 13 28 إخوانيات 333 345 13
6 يائيل 68 81 14 29 الختدرية 346 355 10
7 الملثمون 82 93 12 30 تهامة 356 368 13
8 ثلاثة عيون 94 106 13 31 أم الجواري 369 375 7
9 لذة الله 107 117 11 32 مسجد طاووس 376 387 12
10 رسول 118 128 11 إجمالي صفحات المادة السردية 373
ثانيا:ظلمة الله: 129 224 94
11 عفن 131 142 12
12 فقرة 143 156 14 م عنوان الجزء عدد العناوين عدد الصفحات
13 أظافر 157 170 14 ج1 صنعاء 10 118
14 قانح 171 180 10 ج2 ظلمة الله 7 94
15 فيض 181 193 13 ج3 الرحلة 15 161
16 وجع مدينة الله 194 207 14 3 إجمالي 32 373
17 الدفتي 208 224 17
ثالثا:الرحلة 225 387 161
18 نخاس 227 236 10
19 راكبو الثيران 237 248 12
20 أبن ظبية 249 259 11
21 حبال الله 260 269 10
22 صيد النساء 270 279 10


جدول يوضح إجمالي صفحات كل عنوان، وعدد العناوين
إجمالي صفحات موضوع العناوين الداخلية عدد العناوين
7
8
9
10
11
12
13
14
17 1
1
1
7
5
5
7
4
1
إجمالي 32
ونلاحظ من واقع الجداول ، أن العناوين الداخلية تمثل موضوعاتها وتعبر عنها، وتحمل أسماء شخوص أو أماكن مرتبطة بأحداث الرواية، أو صفات ارتبطت بالأحداث ، وبإلقاء نظرة سريعة لا نرى أو أن القارئ لا يلحظ اسم بطل الرواية (جوذر)، رغم حضوره في كل صفحة تقريباً ، الأمر الآخر أن الجزء الثاني "ظلمة الله" يتمثل (جوذر)،
والعناوين الداخلية مستقاة أو أن لها إشارة في الموضوع الذي قبلها ، تتناسل وتتوالد من بعضها البعض إلى آخر الرواية، فآخر كل عنوان مقدمة للعنوان الذي يليه، والدراسة بشكل عام محكمة البناء، ويرجع ذلك إلى قدرة وتجربة الكاتب .
أما الجدول الأخير فيعطينا مؤشراً حول المؤلف، وقدرته السردية وإشباع الموضوع من حيث الحجم (عدد الصفحات) وكما يلاحظ من الجدول نجد قدرة المؤلف على الإشباع للموضوع بين 10-13 صفحة، حيث احتلت 10-13 صفحة سبعة عناوين لكل منهما، ثم 11، 12 صفحة خمسة عناوين لكل منهما، ثم يأتي في المرتبة الثالثة 14 صفحة ، أربعة عناوين، ولا يعني ذلك أن المؤلف لا يشبع الموضوع في صفحات أقل أو أكثر ، وإنما نجد نفسه كما سبق.
والعمل الأدبي الذي بين أيدينا مكون من نصين ،
- النص الأول : متن الرواية .
- النص الثاني: يتمثل في القصة الواردة في الهامش والتي وزعها الكاتب على صفحات متناثرة ، ويذهب اعتقادي إلى أنه سبق نشر هذه القصة قبل سنوات وهي واقعية، وربما حدثت فعلاً أو اقتربت مما يحدث وهي محكمة الباء والموضوع، ومثلت دافعاً رئيسياً لدى الكاتب لينسج وينتج الرواية (المتن)، ولها علاقة بالثقافة، والتراث الوطني العملي المهدر.
تصنيف الرواية :
من خلال القراءة نجد الرواية تقع بين تاريخين هما 435-461ه ، وبذلك تناولت مرحلة مهمة من تاريخ اليمن، وهي فترة الداعية/ علي بن محمد الصليحي مع التجاوز القبلي والبعدي، هذا هو الوجه التاريخي فيها، ولكنها ليست تاريخية بحتة ، ففيها أبعاد وجوانب متعددة ومن وجهة نظري أعتبرها نصاً مفتوحاً (من حيث المضمون)، ففيها البعد الفكري – العقلي – والنفسي- السيكولوجي – صراع العقل والنفس، في سبيل البحث عن الحقيقة والجمال، الوارد في أكثر من موضع في الرواية صراحة أو إشارة أو رمزاً ، ومن يبحث عن الحقيقة يتعب كثيراً ويشقى كما هو شأن "جوذر" بطل الرواية – والراوي في نفس اللحظة، ودخوله – ظلمة الله" وحديثه مع نفسه ، والشك،.... الخ، لكنه الشقاء الذي عبر عنه الشاعر أو الطيب المتنبي في البيت الثاني (ذو العقل يشقى في النعيم بعقله وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم).
ويتمثل البعد العقائدي في الحيرة والتأمل والارتباك أحياناً بين عقائد وديانات (يهودية، إسلامية) وتعدد الطرق والمذاهب، والرحلة إلى الحج، وما شاهد فيها بطل الرواية من معتقدات وممارسات، وقبر النخاس الذي أصبح مزاراً ، وتتناول أصلاً من أصول الدين – العقيدة – البحث عن الله عز وجل .
- ويلحظ القارئ الجانب العقائدي في صورته الواقعية عبر صفحات الرواية، ويمكن استنباطه أو استقراؤه من بداية الرواية التي يفتتحها بدعاء يردده المعلم صعصعة، (ص2) ، ويتكرر الدعاء في أماكن أخرى من الرواية، مثلاً في السجن (ظلمة الله) صص153-154، وفيه مفردات تتردد في الأدعية المصاغة وفقاً لأئمة المذهب الإسماعيلي .
- صراع الأئمة وتعددهم، وانعكاس ذلك على مدينة صنعاء واستباحتها ونهبها بين الفينة والأخرى من قبل القبائل التابعة للمتصارعين ، وانقسامهم كل يدعو لنفسه ويدعى ويخطب له حتى وهم في السجن (ظلمة الله) مثلاً خطبة قانح الداعي للإمام معد بن تميم، ص172.
- خطبة علي بن محمد الصليحي في حراز الداعي للإمام معد بن تميم، صص173-174.
- بعد مقتل الصليحي تغيرت الخطبة للداعي العباسي ص326.
إلى جانب الخطب، وعند الدعوة للإمام أو الخليفة يتم أخذ القسم أو العهد ، وهي متعدة في الرواية منها عهود وقسم في الصفحات 165، 167، 172.
ويرتبط بالجانب العقائدي التعاليم والأدعية ومنها : -
- الوصايا السبع، ونسبة الابن إلى الأم (في اليهودية).
- الحديث عن النور والعقل والأفق العاشر (المذهب الإسماعيلي)ص176-177) .
- قراءة في فقه الإمام أبي حنيفة عن التشيع ، ص191.
- دعاء "جوذر" وهو يتساءل باليهودية كما تعلّم من أمه، ص191.
- تذكر (جوذر) آية الكرسي كالمعلم صعصعة ص207.
أضف إلى ذلك ورود العديد من المفردات أثناء الكلام والحديث عند السرد مثل (العقل والنقل، الشك و اليقين ، الناسوت واللاهوت ، السر ، المراتب ، التأويل ، الظاهر والباطن، ... الخ ).
البعد التأويلي/ الرمزي:-
أكدت عليه الرواية في أكثر من موضع، مثلاً "لكل شيء ظاهر وباطن" ص164.
أيضاً التأويل للحج ، يجيئون من مصر والشام ..الخ " للمتعة" بيع وشراء الجواري والغلمان.
وبالنسبة للرمز فالرواية بشكل عام وبطلها "جوذر" بشكل خاص إنما يمثل مسيرة لحياة الإنسان، منذ الولادة حتى الوفاة، والقبر وحياة البرزخ ثم القيامة والحساب، فالسعادة أو الشقاء .
أخيراً نستطيع القول أن في الرواية جانب اجتماعي بلمسة سياسية لأنها ارتبطت موضوعياً بالحكام والولاة والدعاة، وبمعنى آخر جعلت منهم مدخلاً ومتكئاً للتعبير عن حياة المجتمع اليمني خلال الفترة التي تناولتها، بالتركيز على وضع المثقف "النَّسّاخ، النقاش، المفكر، المتأمل" ، الذي يواجه نفس المشاكل التي واجهها من قبله، مراعاة بعض التغيرات.
شخوص الرواية :
استطاع الكاتب أن يضبط شخوص الرواية بحسب الأحداث والأسماء بما يتناسب ويتلاءم مع المرحلة التي تناولتها الرواية ، ورغم تعددهم وارتباطهم بالمجتمع، والسفر إلى أماكن أخرى، إلا أنه يمكن تقسيمها إلى الأصناف التالية :-
1. "جوذر" بطل الرواية – الراوي الأساسي – ربما يمثل شخصية رمزية للإنسان المتأمل، الباحث عن الحقيقة، منذ الولادة حتى الوفاة، والقبر والبرزخ والبعث..الخ، فهو أنت وهو أنا، وهو كل إنسان يتأمل ويتفكر، هو الحائر المرتبك، الباحث عن الإله، يستخدم عقله حتى في الحوار مع نفسه، لماذا؟
لأنه عاش في بيئة متعددة ومتنوعة الاتجاهات، الأم ذات المعتقد اليهودي، المعلم"صعصعة" الذي عمل معه ومارس نشاطه "النسخ والنقش" ، ومعتقده الإمامي – الإسماعيلي، ثم السلطة الأئمة الذين يتبنون المذهب الزيدي .. الخ.
وفي هذا الوسط يظل جوذر في صراع بين العقل والنفس. ويواجه العديد من المشاكل والابتلاء، ويستمر في أداء مهنة (الخط، النقش، النسخ) ويتطور فيها حتى يُستدعي لنقش ورسم الصور في القلعة بأمر الراعي، ويمضي في رحلة الحج، -باحثاً عن محبوبته، ويعود إلى الحانوت الذي بدأ فيه ممارسة الخط والنقش، ليتأمل وينسخ من جديد – مؤدياً دوره ومسيطراً على مكانته ووظيفته .
ولأني قريب عهد من قراءة رواية الحسن محمد سعيد "صمت الأفق" فقد لمست التعانق في هذه القصة مع قصة العسكري الجنوبي (بيتر) الذي تعلم الثقافة والأدب والعلم على يد "العوض" الذي احتضنه ورباه ، ثم عاد إلى جنوب السودان.
وإذا اعتبرنا من ينسخ وينقش ويرسم – في تلك الفترة مثقفاً، فإن نظرة المجتمع إلى المثقف لا تختلف كثيراً عما هو عليه اليوم مع الأخذ في الاعتبار التغيرات الحديثة، فعندما تم تعيين "جوذر" ضمن النساخ في القلعة وصف وضعه كالتالي:
"أسهر شطراً من الليل أحاكي أرواحاً... والبعض يقول بأني مسكون أو مسحور، وآخر يظنني مجرد أبله، وفريق يجزم بأني خبيث وينصح بتجنبي"، ص203.
ومستوى التفكير والتأمل العقلي تطور عنده بتطور الأحداث والمشاهد التي ترسخت في ذهنه، وعززها بالحوارات الذاتية، ولها دلالاتها الرمزية الظاهرة والباطنة.
فعندما كان في "ظلمة الله" كان يحدث نفسه ويتذكر ويتخيل أشخاصاً وحياة كأنها حياة البرزخ – القبر- وينسيه كثيراً من الألم والحزن.
كذلك بعد عودته من الحج إلى صنعاء ومشاهدته لأمه العجوز التي لم تعد تميز بين الأشياء قال:
"هل كنت أبحث بحثي عنها، أم عن شوذب؟ أم عن روح لازالت في مجاهل الغيب تائهة" ، ص370.
وهنا تأتي الدلالة الرمزية للشخوص والموضوع العقلي الباحث عن الحقيقة ، ويثبت بما أكده في موضع آخر، حيث قال متسائلاً: "لا أدري أأبحث عنها وعن أمي، أم أني أبحث عن نفسي؟ هل أبحث من أجل نفي الوهم الذي يحتل مساحات يقيني؟ أم لإقراره" ص380.
2. شخوص محيطة ببطل الرواية "جوذر" ومؤثرة فيها:-
قبل ذكرهم نشير إلى أن الشخوص ليس بالضرورة أن يكونوا حقيقة، حتى وإن وجدت الأسماء وتحددت الأدوار لرمزية الرواية، فقد تعني [العقل، الروح، الدنيا، الهوى ، النفس، ...الخ]، وتم التعبير عنها في وضع الأشخاص ومنهم:-
- يائيل: والدة جوذر من زوجها المسلم (البشاري)، وهي المؤثرة فيه عقائدياً وفق "التعاليم اليهودية".
- صعصعة: المعلم الذي علمه النسخ والنقش منذ صغره، والمؤثرة فيه عقائدياً وفق المذهب الإمامي – الإسماعيلي ، الزيدي.
- شوذب: ابنة المعلم صعصعة التي هام بها، وظل يبحث عنها، وتعتبر الشخصية الثانية بعد "جوذر" وعليهما بنا الكاتب روايته، وواجهت ما واجه من مشاق ومتاعب، وعلى ذكرها، يوجد في اليمن جمعية شوذب للطفولة" ترأسها الناشطة/ لمياء الإرياني.
- والدة شوذب (زوجة المعلم صعصعة).
- قانح: الصاحب الذي تعرف عليه "جوذر" في "ظلمة الله" وبشره بقرب الفرج والخروج إلى النور.
- جعدن: مساعد جوذر ورفيقه إلى الحج.
- النخاس: أحد تجار العبيد والإماء الذي كان يعلق عليه الأمل في وجود "شوذب".
3. شخوص لهم أثر في الدائرة الثالثة:
- الإمام الملثم (أبو الفتوح).
- الإمام الداعي.
- الحرازي: (الذي كان يأتي بالكتب ليتم نسخها).
- الجاسوس الذي ادعى أنه رسول الحرازي، فقاده إلى الظلمة.
- العيلوم.
- المقدمي (شهاب الدين).
- السلطان أبي حاشد .
- قعطاب.
- القاضي: الذي أجرى عقد النكاح لبشاري بيائيل.
- قائم المسجد.
4. شخوص في الدائرة الرابعة:
ويمكن طرحهم في صنفين:
أ‌. بالاسم: وهم :
- علي بن محمد الصليحي.
- أحمد المكرم.
- معد بن تميم (المستنصر بالله).
- جابر الضحاك، سعيد الأحول.
- ابن جهور.
- (فرج): عبد الصليحي الذي تأمر بقتله).
- أسماء (زوجة مولانا)، الحجة (فندة).
- ابن الحصين، أولاد الصليحي (عبد الله وإبراهيم). ب‌. بالصفة، وهم:
- النساء القرع
- القبائل المتقاتلة
- جواسيس شريف مكة
- صبايا وصبيان القلعة
- .... الخ.

أمكنة الرواية :
كما ارتبطت الرواية بفترة محددة، وشخوص متعددين ، فقد ارتبطت بأماكن متعددة ، غير أن بعض الأماكن لها حضور بارز سواء كان المكان صغيراً أو كبيراً (دكان، بيت ، مدينة ، سمسرة، كهف، جبل ، وادي... الخ)، مثلاً:
- في الجزأين الأول والثاني من الرواية دارت أحداثها ومشاهدها في مدينة صنعاء، (الحانوت، القلعة ، المساجد ، بيت المعلم صعصعة، بيت يائيل، الشوارع..الخ)، وتمت الإشارة إلى (حراز) الجبال العالية، وقرية المنظر (قرية القابل التي بها دار الحجر).
- كما أشارت الرواية إلى بعض الأمكنة والمدن والبلدان مثل (وادعة، الجوف، زبيد ، وصاب، حصن حب، الشعر، السحول، العدين، ذي سفال، عدن ، لحج، أبين، يافع، حضرموت ، الشحر ، مأرب ، وادي صوف ببلاد البستان، جزيرة دهلك، نجد الحاج من بلاد رداع، حصن التعكر، المعافر ، الجند، حصن الدملؤة، غجران، مكة ، القاهرة.
- في الجزء الثالث من الرواية (الرحلة): وفيه ذكرت العديد من القرى والمدن والجبال والوديان، نشير إليها في قسمين كالآتي:-
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
إطلالة على رواية "ظلمة يائيل"الفائزة بجائزة الطيب صالح
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» إطلالة على رواية "ظلمة يائيل"الفائزة بجائزة الطيب صالح ج2
» اية ظلمة...تفوز بجائزة الطيب صالح العالمية للإبداع الكتابي
»  إنطلاق الدورة السابعة لجائزة الطيب صالح العالمية للإبداع
» الفائزون بجائزة الطيب صالح العالمية للإبداع
» "جائزة الطيب صالح": لا نصوص صالحة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى ابن امسيك للثقافة :: دراسات أدبية-
انتقل الى: