بقدر ما تتضخم أنا المثقف بقدر ما يواجه بالتبخيس و التسخيف - لم لا ؟ - من طرف الجهات الرسمية و غير الرسمية أيضا ،فالمثقف في نظر هذه الجهات ليس إلا مجرد آلة لإنتاج الكلام الذي لا يشبع بطنا و لا يقدم حلا ،و هو في حالات أخرى مثير شغب و زارع فتنة.
ما زلت أتذكر أحد المثقفين المغاربة وهو يلقي محاضرة عندما قال:"نحن نتحدث عن المثقفين ، و لو وعينا المعنى الحقيقي لكلمة ثقافة لحصلنا بالكاد على مائة مثقف في المغرب كله".
المثقف هو في الحقيقة منتج للمعرفة ،و ليس هو من يقوم بتنويع على ما هو حاصل منها ، فعلال الفاسي رحمه الله كما يروي عنه من درسوا على يديه كان يقول بأنه يقرأ من ثلاثة إلى خمسة كتب في اليوم،و لما سئل عن كيفية ذلك ، أجاب بأنه يجد كتبا تعيد ما هو في كتب أخرى بأسلوب آخر ،و لذا فهو لا يكلف نفسه مشقة قراءة ما هو معاد ،فيقفز على المعاد إلى غير المعاد الذي يشكل نسبة قليلة من الكتاب ،و لذا كان يتنقل من كتاب إلى كتاب آخر دون الإخلال بعملية الإلمام و التدبر.
أرى أن المثقف سيعثر على نفسه يوم يتجرد من لبوس النفعية و يشهر قلمه في وجه الزيف و الرداءة و من أجل الكرامة ،أما إذا لم يفعل فستبقى دار لقمان على حالها إلى إشعار آخر.
مع تحياتي.