بسماتك تطفو فوق دموعي
تنقذنى من غرقى
وها هو بدر توفيق ( مصر ) يناديه كرمز بطولي اشترك فيه الحلم والواقع إذ يقول:
أيها العلم المشرئب على النيل ، من حافة البحر حتى الجنوب
يا جيب المسافر عبر البحار ، وعبر الدروب
وانتظار الجماعات في حلقات الخطر
أينا يستطيع العبور وحيداً على مزلق الممر ؟
نحن لما عشقناك كانت طفولتنا في يديك
فنمونا على صوت خطواتك الواثقة
واستوى عودنا الغض بالقبلة الصادقة
يا ذبيح السهاد الذي طارد النوم من مقلتيك
أينا يستعيد الليالي فلا يعرف النوم حزنا عليك؟!
وانطلقت في رثائه أقلامهم تؤكد رحيله بالجسد فقط، فروحه ما تزال مطلة ، تبث الثورة في النفوس ، ليتدفق العزم دوما
ويبقى الرمز أسطوريا خالدا في النفوس كرمز للعطاء ، يعبر عن هذا محمود درويش بقوله :
أبكيك يا جمال
فيما تبقى من يراب وطني
ومن دماء عزوتي
ومن بيوت بلدي
وهى تصيح من قرار جرحها وعارها
" ولو! لن تتركنى يا سندي"
أبكيك لكننى تعلمت إلى الأبناء والأحفاد
كيف يكون الصبر والجهاد
وكيف تحمى مصارع الرجال شرف الرجال
أكدت الشاعرة السورية طلعت الرفاعي رفضها لفكرة موته، مؤكدة على خلوده في قولها :
ما مات عملاق العروبة
قم وأذن يا بلال
الله أكبر
لن تروع أمة منها جمال
ستظل إصرار اليقين
يؤج في دمنا وضاء
ما زلت تجمع أمة
وتذيب أغلال الجفاء
يوم الفجيعة كنت وحدتها
كأيام الهناء
يوم الوداع عبر الموت
إشعاع البقاء
يوم الوداع تقطعت مهج
وجمدت الدماء
يوم الوداع رأيت كيف
بكت فتاها كربلاء
يوم الوداع كما شهدتك
كنت قلعة الكبرياء
وعبر محمود درويش ( فلسطين ) عن بقاء جمال عبد الناصر كرمز أسطوري خارق بقوله :
ولكن ظلك أخضر
نعيش معك
نجوع معك
وحين تموت
نحاول ألا نكون معك
ففوق ضريحك ينمو قمح جديد
وينزل ماء جديد
وأنت ترانا
نسير
نسير
نسير
ولاغرو أن القلوب الثكلى المكلومة ما تزال مقيمة، تنتظر عودته، فهناك أمل يحدوها أن تتناسخ روحه، وتبعث ثانية، يرصدها الفيتورى بقوله:
يا من يتجسد وهو شموخ، في قلب المأساة
يا عطر الأيام الحبلى بعذابات التكوين
يا من هو كل المهمومين وكل المظلومين
إني أصغى لصدى خطواتك في أرض فلسطين
أو أنت القادم عند الفجر في أرض فلسطين ؟!
عليك سلام الله عليك سلام الله
وعن أسطورة الزعيم الخالد عبر ( د. كمال يونس )في مقطوعة من النثر الفني بعنوان " جمال وزهرة الياسمين " عن ملامح أسطورته ، وخلودها فى ذاكرة الأمة ، مما حدث له ،ومعه في أدق اللحظات ،مثل نكسة 67 ، والتنحي وإعلان خبر وفاته الجسدية
"لا لم يمت جمال لقد تمدد على الأريكة قيلولة في سبتمبر فثورته لن تخبو أبدا ولن تذبل في رياض تاريخنا زهرة الياسمين نسيم العصارى راية مجد ترفرف نجم يهدينا في دجى الأيام أكليل الوفاء قلده إياه الزمان
قبض الفلاح بيمينه مفاتيح قصر عابدين وتربع العامل في قصر القبة وباركته بهية في قصر التين وأقمنا في منشية البكرى وألتف الكل حوله في الأزهر فملأ الأديب دواته وأملاه قلبه وخط بقلمه وأبدعت في يد المصور الفرشاة وانطلقنا نحقق الأحلام لا نعرف المستحيل ويفجر فينا نبع الهمة
ارتجف المذياع أيها الأخوة المواطنون المشاعر تأججت والحمية تدفقت وانصتنا وسالت عبراته ماذا؟!! تتنحى وابينا حتى الأجنة فى الأرحام وقلنا لا فلتكمل فأنت وجندك لم تحاربوا هلموا نداوى الجرح فنحن لا لا لا لم ولن ننكسر
لهف عليك طعنك الأصدقاء قبل الأعداء واستنزفك الأشقاء فى أيلول أسود وكم من أيامنا أيلول وتداعى فؤادك لحال أمة ورثت عن البداوة الاختلاف وكأنهم ماسمعوا "واعتصموا" تتلى عليهم وافترقوا وسقط الجسد
آه آه تبكيك حجارة السد ومياه البحيرة وحوائط الفصول وأجران القمح و شاطئا القناة وطين أرض مرقدك في قلبها ذراعاك دلتا النيل وإحدى رجليك النهر وتنثنى ركبة الأخرى عند توشكي و نظرة الحسرة تطل من عينيك الشرق الشرق تنادى أفيقوا ترنو الجنوب اتحدوا تحذر الغرب لا تختصم فلا الشرق أفاق ولا الجنوب استيقظ ولا الغرب رد
أيا نخلة مثمرة في صحراء تاريخنا كم رموها وتولى التاريخ عنك الرد فلتسر فينا روحك مقاوم حجارة يلقها الطفل الأعزل يلقى يلقي هواما فينا تنهش
أيها الوفي أبا خالد أنادى روحك يا جمال عودى تناسخي حققي الحلم فأنا المنتظر عبر السنين فليطل علينا صوت ناصر " أيها الأخوة المواطنون "
وما أحوجنا الآن كعرب، فى ظل الظروف العصيبة ،التي تمر بها الأمة العربية والإسلامية إلى هذا الرمز الخالد ، وتلك الأسطورة ، ليتوحد الشعب العربي كله ، لنربط الماضي بالحاضر الرائع ، فنفض عن كواهلنا ذّل الحاضر وغبرة أحداثه ، وواقعه الأليم
عبد الناصر أيها الأسطورة العربية الرائعة العذبة، إننا نفتقدك كثيرا كثيرا، فما زلنا ننام ونصحو على حلم بالبطل الرمز، الذي نلتف حوله ليقودنا إلى دنيا المجد ، فينير ظلمة الحاضر .