منتدى ابن امسيك للثقافة
انت غير مسجل
تفضل بالدخول او التسجيل معنا
منتدى ابن امسيك للثقافة
انت غير مسجل
تفضل بالدخول او التسجيل معنا
منتدى ابن امسيك للثقافة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى ابن امسيك للثقافة

منتدى ابن امسيك للثقافة يرحب بكم
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 اليرابيع العمياء / صالح جبارمحمد

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
صالح جبار
مبدع جديد
مبدع جديد
صالح جبار


عدد الرسائل : 1
نقاط : 29970
تاريخ التسجيل : 10/12/2007

اليرابيع العمياء / صالح جبارمحمد Empty
مُساهمةموضوع: اليرابيع العمياء / صالح جبارمحمد   اليرابيع العمياء / صالح جبارمحمد Emptyالسبت فبراير 07, 2009 2:16 pm

اليرابيع العمياء
صالح جبارمحمد





فقدت أصدقائي الواحد تلو الأخر في حرب ضروس .. فكرت في الهروب (الهروب يعني مغادرة جماجم متروكة في حيز الذاكرة حين تصبح الابتسامة رمزا للأسى لقلة الحيلة ) من جبهات القتال واللجوء إلى قريتي الصغيرة(الاحتماء بالقرية لجوء لعالم يحتفي بطقوس متشنجة زوجة لاتغري وبيت لايأوي أليه سوى الذباب ) لكنها ما عادت تغريني بأرضها الطينية وأسراب البق المنتشرة بكثافة
ظهر أسمي ضمن قوائم أستلا م السيارات الخاصة بالمراتب المتطوعين ..
كان الأمر بمثابة قرار تأجيل الهروب .. منحت إجازة لمدة أسبوعا لإكمال المعاملة
لشدة فرحي لم اقرأ التعليمات حين دخلت إلى الدائرة المعنية ..
( دخول الدوائر يترك في نفسي بقعا من لطخات ضوئية معتمة تسدل ثقوب ظلي المتهرىءخارج جسدي المطلي بلون كاكي )
تفحص الجندي ذو الوجه الحليق والبشرة الناعمة من خلف النافذة المفتوحة على الباحة الكتاب الذي دسسته له .. لم ادر لم تذكرت قريتي النائية وملاجىء الجبهات المشتعلة .. انتبهت لصوته :
أين إجازة السوق ؟ ابتسمت ببلاهة وقلت :-
ألا يكفي كتاب الترشيح ..؟ رمقني بنظرة ازدراء وقال :
- لا .. تركني استدار نحو الجهة الأخرى ليكمل حديثه مع احد الجالسين معه في الغرفة التي تنضح بردا ( البرد في قريتنا لايأتي سوى في الشتاء يصنع لنا الأوحال وتشقق الجلود وأمراض البرد المتصاعدة مع دخان ( المطال ) يبقى موسما يجلب الانكفاء في دثارمهمل على كتفي الناحل )
أسندت راسي على جدار بيتنا الطيني متمددا على الحصير أقلب كتاب الترشيح
فكرت بطريقة تخرجني من الورطة .. لمع أسم (شاكر فرهود ) قلت في سري
( أنه الوحيد الذي يمكنه إنقاذي من المحنة .. )

بيتهم يقع في الطرف الغربي من قريتنا منعزلا عن بقية الدور .. (شاكر ) رجل في الخامسة والأربعين من العمر يعمل سائقا بين القرية والمدينة التي نرتبط بها أداريا ..
(بيقى السائق وسيطا في بوصلة تحدد الاتجاه المتحرك لهدف هلامي بين الرغبة المطلوبة وتقاطع المصالح المتشابكة و لاينبغي للحلول أن تأخذ نهايات سعيدة )
مازال يحاول إطفاء محرك سيارته حييته بصوت عال ردالتحية
أهلا تفضل ..
لم يكن لدي متسع من الوقت للجلوس معه والتحدث كنت على عجلة من أمري وأيام الإجازة قليلة .. لابد من الحصول على مبتغاي ..
اتفقنا على الذهاب غدا إلى مديرية المرور .. لديه علاقات واسعة سينهي الأمر بأسرع وقت لكن المسألة تحتاج بعض المال لأجل ذلك .. ( هنا تكمن معضلة تنمو بلا وعي تحت نسيج جلدي لأن النقود تعني نكأ جرح لا يتآلف مع آصرة علاقاتي ) ولأني رجل ريفي لايجيد المجاملات .. صرخت بغضب واستهجان قائلا : تقصد رشوة..!

اتكأ صاحبي على سيارته المتوقفة حملق في وجهي باستغراب , بعد ردة الفعل التي أبديتها ..قائلا :
لا ياأخي ..أية رشوة .. أنها إكرامية للإسراع في أنجاز المعاملة
أردف : - أم أنك لاتريد لمعاملتك أن تكتمل بسرعة ؟
أحسست شيئا داخلي قد أستيقظ .. ( يستيقظ الجنود بعد بوق الفجريتسابقون نحو بيت الخلاء لإفراغ أمعائهم ويتبولون بحرقة ) أيقنت أنها لن تنجز بدون ذلك
توجهنا في اليوم التالي نحو دائرة المرور
تحسست أوراق النقد في جيب السروال كان المبلغ ثمن البقرة التي بعتها
خيط من الشك يتسرب داخلي مخافة عدم حصولي على أجازة السوق بادرته
هل أنت متأكد من الحصول عليها ؟ نفث دخان لفافة التبغ أمسك مقود السيارة باليد اليسرىدون أن يلتفت نحوي قائلا :

أطمأن ... ستحصل عليها ..
أتفقنا عند عدم حصولي على الرخصة لن أعطيه النقود .. لكنه أخبرني :
: أنهم لا يؤدون أي عمل قبل استلام الإكرامية
وإزاء حيرتي , صار لزاما القول :
أنت الكفيل .. وبدون تردد قال : الكفيل خسار ..
( من يحمل عبء غيره تتقاطر عليه هموم متلاحقة تعيد ترتيب الأشياء بفضاضة تتساوى عند أخاديد زرعت في وهم رأسي الموجوع وحينما يستبد بي الألم أرضخ للضغوطات لأنها حل لايمكن الاستهانة به )
مضت السيارة تجري بسرعة لاحت بناية المرور قبض ( شاكر فرهود ) حزمة الأوراق توقفنا على جانب الطريق مضى مندفعا وسط الزحام مندسا بين الجموع الواقفة أمام النوافذ المواربة الضجيج يعلو ثم يخفت بعد طول أنتظارعاد ليبلغني :

: علينا مغادرة المكان .. اتفقت على موعد معهم احتجت القول: الموعد قريب أم بعيد ..؟ أجابني وهو يمضي نحو السيارة المتوقفة ملوحا بمفتاح العربة
: سنبقى في المدينة .. حتى يحين اللقاء عصرا ..
( موعد حصاد الشلب يتزامن مع خلو القرية من الشباب والأمسيات تنكفأعلى برك الوحل المنكمشة على أسراب الهوام )
كنت غير مقتنع لما يحصل , ولكن لاتوجد فرصة أغتنمها , لأجل الحصول على الرخصة ألا هذه ..
بعد الظهيرة حاولت جادا تعلم السياقة لكن دون جدوى. في الموعد المحدد حضر رجل حليق اللحية قفز صاحبي من وراء المقود مرحبا به عرفت أنه الرجل الذي أتفق معه صباحا كان يبدو في عجلة من أمره قائلا :

: يجب أن نذهب إلى دار السيد العام ..
بدون تردد أجاب شاكر : حاضر لاعليك سوى أن تدلنا على الطريق ..
( في الدرب الممتد نحو المثابة الواقعة أسفل الوادي حيث البرك المتبقية من مطر البارحة نبقى نواجه الساتر الترابي طوال الليل واجبنا تشكيل كمين للمتسللين و رطوبة التراب الندي تأكل أحشائي )
انطلقت السيارة وسط الشوارع الفسيحة نسمات الهواء تداعب وجهي جلست خلف الرجل النحيف لاأدري لم تذكرت قريتي الطينية .. زوجتي التي لاتمل من الاعتناء بالبقرات الثلاث حضيرة الحيوانات حيث رائحة الروث تملأ الفضاء فكرت بمرارة فجأة وجدت نفسي أكره زوجتي ..رددت داخلي ( يجب أن أتزوج من امرأة أخرى..) انتبهت السيارة تقف أمام منزل فخم رائحة الرازقي تعطر الجو شعرت كأني أ حلم

مضى الرجل الجالس جوار السائق نحو الباب وضع أبهامه على جرس الدار
سمعنا صوتا نسائيا يأتي من الداخل :
: من الطارق ..؟
: عفوا .. أنا الملازم أحمد ..
ظهرت امرأة أمام الباب الخارجي للمنزل حيث كنا نقف بدت طرية مثل (قشطه ) قوامها رشيق وبشرتها بيضاء أزداد كرهي لزوجتي

أعطت السيدة الجميلة ورقة إلى الضابط شكرها ومضينا معا
في السيارة قال : علينا ا لذهاب إلى السيطرة التي تقع خارج المدينة .. اتجهنا صوب الشمال الغربي للمدينة الواسعة . الغروب يزحف ببطء ليكسب الأشياء لون العتمة ..
عند نقطة التفتيش سمعت الملازم يحدث شاكرا
أعطني النقود ألان ..
ألا تذهب لترى .. قاطعه الضابط قائلا
لا وقت لدينا .. هاتها ألان دس السائق يده في جيبه اخرج النقود وضعها بيد الملازم احمد ) )
هل النقود كاملة العد ؟!
( كانت اليرابيع تتحرك بسرعة نحو جحورها ونحن ننظر بعيون متعبة الطرق النيسمية علها تخبىءعدوا يتربص بنا بين كثبان الرمل وأسلحتنا تنام تحت برد الليل المرتجف في أعضائنا الواهنة )
سحب النقود وضعها في جيب بنطاله ترجل لوحده .. طلب منا البقاء داخل السيارة لانتظاره ..
مضى نحو الغرفة الوحيدة في الفضاء الواسع .. احتجت أن أدخن سيجارة فقد تعبت أعصابي من الانتظار وعدم الوثوق بما يجري قلت لصاحبي ترى لماذا جاء بنا إلى هنا ؟!
لا اعلم
قلبي يحدثني باني لن أحصل على شيء ..
انتظر لنرى ما يحدث وبعدها نقرر
عاد الملازم احمد لمحت على وجهه ابتسامة ساخرة .. أيقنت أننا مغفلين وانه
يستهزأ بنا ونحن صيد ثمين له ..
اعتدل في جلسته تحركت العربة باتجاه المدينة .. استدار بنصف جسده نحوي وقال :
تعالوا بعد أسبوع ستجدون الرخصة جاهزة ..
ضحكت في سري لان إحساسي لم يخب قلت جازما بعد أن تركنا الضابط الذي غادرنا متبخترا ..
لقد كذب علينا
لا تقل ذلك !!
قلت بحس تلقائي سترى إذا صدق معنا .. فاجئني غثيان موجع ونحن نتجه نحو قريتنا المنسية راودني مرة أخرى هاجس طلاق زوجتي لأنهي معاناتي معها
شعرت بالغضب لأني بعت البقرة وصرفت ثمنها لأجل الحصول على إجازة سوق و قد لا احصل عليها ..
( تغادرني المسرة حين تلوح القرية من بعيد لأن روح المعسكرات تنبض بلا تودد وسط أرتعاشة مخجلة في دهاليز مغلقة من مكان غير مرئي لحضور متردد يكشف خصوصية أخر واجب حين أطلقت الرصاص باتجاه اليرابيع العمياء من العطش لأني سئمت الانتظار )
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
اليرابيع العمياء / صالح جبارمحمد
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» "الطيور العمياء" لـ "ليلى قصراني".
»  رحلة صالح
» نتعلم القهر شعر صالح القاسم
» الفائزون بجائزة الطيب صالح
» « ظـمــأ ».صالح الفرجاني أبو بصير

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى ابن امسيك للثقافة :: منتدى القصة و الرواية-
انتقل الى: