منتدى ابن امسيك للثقافة
انت غير مسجل
تفضل بالدخول او التسجيل معنا
منتدى ابن امسيك للثقافة
انت غير مسجل
تفضل بالدخول او التسجيل معنا
منتدى ابن امسيك للثقافة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى ابن امسيك للثقافة

منتدى ابن امسيك للثقافة يرحب بكم
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 فاطنة بنت الحسين فـنـانــة الشـــعــب / سالم اكويندي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
محمد اكويندي
عضو فعال
عضو فعال
محمد اكويندي


عدد الرسائل : 93
الحالة : قاص مغربي
نقاط : 32033
تاريخ التسجيل : 20/11/2006

فاطنة بنت الحسين فـنـانــة الشـــعــب / سالم اكويندي Empty
مُساهمةموضوع: فاطنة بنت الحسين فـنـانــة الشـــعــب / سالم اكويندي   فاطنة بنت الحسين فـنـانــة الشـــعــب / سالم اكويندي Emptyالإثنين مايو 28, 2007 11:51 am

فاطنة بنت الحسين فـنـانــة الشـــعــب

سالم اكويندي



فاطنة بنت الحسين فنانة الشعب ، هكذا يمكننا أن ننعتها ليس بعد غيابها ، بل لكونها من منبت الشعب ، وعانقت آلامه وأفراحه حتى كانت في معانقتها تلتبس بهذه الآلام والأفراح ، فجاءت منشدة ومغنية وكأنها لا تتكلم إلا هذه اللغة التي علمها إياها الفن الشعبي ، هزها فن العيطة منذ نعومة أظافرها حتى مماتها ، لأن فن العيطة كان الأكثر تداولا ومازال كذلك في امتداداته خاصة فن الراي ، وما يعرف بفن المجموعات الغنائية بما في ذلك ناس الغيوان وجيل جيلالة وتكادة ولمشاهب ومسناوة ·
ولم تكن الفنانة فاطنة بنت الحسين لتبلغ هذا الاعتبار لو لم تكن قد تماهت في الولع بهذا الفن الذي أخذ عليها حياتها ، فعندما نتتبع سيرتها الشخصية نجد أنها تهاجر من مسقط رأسها بسيدي بنور الى اليوسفية ومنها الى أسفي ثم الى الدارالبيضاء ليصبح الغدو والرواح بين اسفي وسيدي بنور مستقرها الأخير ، وهذه الهجرة والاستقرار هي نفسها هجرة واستقرار صناعة فن العيطة خاصة الحصبة التي أصبحت وكما نعرفها الآن في أسفي مصنع العيطة وأقول مصنع ، بلغة الصنايعية في هذا الميدان ·
إن ولع المرأة بفن العيطة لم يكن ولعا عاديا حيث أخذ كل أحاسيسها ومشاعرها التي نلمسها في صوتها وفي أدائها الذي يفرض الاحترام والتقدير لدلالات معانيه وكأن القدر انتدبها لتحمل مشعل الغناء وهي امرأة في مجتمع رجولي بدوي يتصف بالصرامة ولا يريد للمرأة إلا بيتها ، ولنا أن نقدر ذلك عندما نعلم بالتشويش الذي أثير حول فن العيطة ومن يتعاطى لهذا الفن حتى كاد أن يصبح فنا محرما ، وعندما نرجع للوراء نلاحظ سبب هذا التشويش المقصود والمنظم ضد فن العيطة·
فمن الواضح أن فن العيطة جاء ميلاده مع الامتزاج الذي عرفته ساكنة المغرب لوفود القبائل العربية في العهد الموحدي وكان هذا الفن نتيجة كذلك لميلاد اللغة العامية، لغة الشعب الموحدة للسلالة الأمازيغية بالسلالة العربية ، وهي لغة عربية اللسان بتكسير في الاستعمال لبعض بنياتها التركيبية والصرفية ، وهو ما يمكن أن يعالج على مستوى التداوليات ، كما أن وجود اللغة هاته أعطى بالضرورة فن قول تعبيري متطور مما حمله العرب الوافدون معهم ومع ما وجدوا عليه فن أحواش · ومن هذا الامتزاج الفني نلاحظ وجود فن اعبيدات الرمى كبراويل في وحدة البيت الشعري مبنى ومعنى ، وفي بومقلاع كرابط بين أبيات القصيدة وهو ما يلاحظ لدى أنشاد وأنظام في أحواش· وتنتقل هذه المركبة الصوتية الغنائية لتتنوع وتتوحد في أداء عيطي يعبر عن الوجدان الشعبي بالمغرب · وقد كان لهذا الانتشار دور في توحيد الشعب وصياغة نظامه الثقافي الذي جاء كقرار سياسي كما نعلم عند الموحدين ، ونفس البناء النظمي والأداء نجده في تنويعات أخرى في الفن الشعبي المغربي ،الملحون مثلا ، طرب الآلة الأندلسي أو الغرناطي حيث المنبت الأصيل لهم جميعا هو فن أحواش و المواويل العربية التي جاءت مستخلفة ومدمجة في اعبيدات الرمى ، من هذا المنطلق نفسر الاستهواء التلقائي الذي كان عليه ولع فاطنة بنت الحسين بالعيطة والتي لم تكن إلا التعبير الجريء لدى النساء في مجتمعنا · و بالطبع هناك من سبقنها إليه وقد تتلمذت على بعضهن في هذا الميدان والذي لا يمكن أن يكتفى فيه بالرغبة والحس ، بل يتطلب الإجادة والإتقان لأنه وكما سبقت الإشارة صنعة ، كما أن هذا الانتشار الذي صار عليه فن العيطة والذي عم كل المناطق حتى أصبحت كل منطقة تضيف اليه من خصوصيتها ولكنها لاتخرج عن كونه فن العيطة مثلا : العيطة الفيلالية ، العيطة الملالية ، الجبلية ····
وكل هذا ناتج عن الإحساس بالهوية والانتماء لهذا الوطن ، وعندما يكون فن العيطة بهذه القوة في الوعي الجمعي ، فإنه لا محالة سيحارب وسيسعى الى حصاره ونعته بنعوت لا تليق به ولا بقيمته ودلالته الرمزية ، في ثقافتنا الوطنية والتي لا تعني بالضرورة الثقافة العالمة فقط ، وهذا الفصل كما نعلم كانت له دوافعه وأهدافه ، والتي لم تكن إلا ضد هذه الوحدة المتجلية والمعبر عنها وبما عليه الثقافة الوطنية من تنوع وتعدد ·
في أتون هذا الخضم انفتحت عينا فاطنة بنت الحسين واستجابت بداعي إحساسها الإنساني الرفيع ، فأنشدت وغنت وطربت وأطربت ، وقبل ذلك سعت بكل براءة لتعانق هذا الفن رغم النبذ والتنكر اللذين نالتهما من أسرتها الصغيرة والكبيرة ما عدا أختها ، ويتسع النبذ ليتجاوز الأغنية الشعبية لينال الناس في ذوقهم وحسهم الوجداني وإرثهم الرمزي في الثقافة الوطنية · ورغم ذلك تبقى الأغنية الشعبية فنا جماهيريا ويستمر الناس في عشقها وترديدها سرا وعلانية ، لأنها فنهم وتراثهم وخزان ذاكرتهم وموعد لإعادة نظامهم الثقافي وكما ترسخ في وعيهم الجمعي حتى أصبحت الأغنية الشعبية صنو الهواء الذي يستنشقونه ·
وتكبر فاطنة بنت الحسين ويكبر أملها في أن تكون ما أرادت هي أن تكونه لا ما أراده لها الآخرون ، وهاهي تنهض من صوتها الصداح لتنطلق الأغنية الشعبية عيطة مدوية ، بمعنى أن العيطة لا تعني دائما أنها البكاء والنواح فقط ، بل صوتا يعلن الفرح بعد استرجاع ما فات وحكيه لتبدأ الحياة رجراجة في ربوع وفيافي وجبال المغرب في تعدده وتنوعه الثقافي ، وكأن صوت فاطنة بنت الحسين يعلن هذه العودة ، وهي عودة لنقطة البدء والتلاقي في امتزاج سلالتين في سلالة واحدة ، وثقافتين في نظام ثقافي واحد في المغرب ·
لقد أحسنت فاطنة بنت الحسين الاختيار بحسها الفني عندما اختارت مدينة اسفي التي تعتبر تربتها مختبرا ومصنعا للعيطة · ولنا أن نلاحظ تركيب قصائد الحصبة وإيقاعاتها وطريقة أدائها حيث جاءت كلها مركبة غير بسيطة كما نلاحظ في العيطة الشيظمية مثلا أو المرساوي·· وهذا التركيب الذي عليه العيطة الحصباوية يأتي انطلاقا من وحدة القصيدة لا وحدة البيت الواحد ، كما هو في البروال، وليس كما يمكن أن يوحي به بومقلاع كرابط ، ويأتي كذلك محايثا كنص لطريقة أدائه والتي هي نفسها طريقة تلقيه وهنا مكمن الفرجة المركبة، فإن كان فن اعبيدات الرمى يتأسس على الركب فإن فن العيطة الحصباوية يتأسس من هذا التركيب الغنائي الذي يستدمج كل أنواع العيوط ضمن عيطة واحدة ولهذا نجده يعتمد الحمدوشي أو الحوزي في خاتمته ·
لقد أحسنت فاطنة بنت الحسين مرة أخرى عندما اهتدت الى اسفي ، كما أن صوتها المتميز والمتهدج يفرض على المستمع الانتباه بل يشده إليه ، والأمر هنا كذلك لا يتعلق بالشيوخ الذين أخذت منهم أو منهن بل هو هوى استنهضته بولعها وعشقها لهذا الفن فاستنهضها هذا الهوى وكأني بها تعبر عن هذا المعنى بلازمتها المعروفة :
" هاداك حبيبي "
مبنى ومعنى يدل عن معنى هذه العلاقة ، وتستمر العيطة كما تستمر فاطنة بنت الحسين في إنشادها الذي تبقى لنا ونستحضرها في علاقتها بفن العيطة وهي تغني :
" دايرة إيديا في يديه هذاك حبيبي "
نعم ماتت فاطنة بنت الحسين ، ويظل صوتها صداحا بما يجعل الناس يتذكرون أن العيطة فن الشعب ، وأنها فنانة الشعب ، ولم تكن فاطنة وحدها، بل كان قد سبقها أستاذ باحث كان سندا لها ولأمثالها هو المرحوم محمد بوحميد ، والذي عانى ما عانى في حياته ، كما في مماته ، من أجل أن تبقى العيطة فن الشعب، بل ارتقى بها في بحوثه لتصبح ميدانا علميا حقيقيا ، فطوبى لهذا الشعب ، بمن أنجب وبما أبدع·
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فاطنة بنت الحسين فـنـانــة الشـــعــب / سالم اكويندي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» المسرح المغربي/ سالم اكويندي
» من سالم اكويندي الى عبد النبي دشين :لست وحدك
» بريخت والمسرح المغربي/سالم اكويندي
» قصة قصيرة : وليمة زرقاء /سالم اكويندي
» المسرح العربي و فكر الهزيمة سالم اكويندي

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى ابن امسيك للثقافة :: دراسات أدبية-
انتقل الى: