همزة وصل
بِلادَ العِزِّ إِنَّ القَلبَ لَبَّى
نِدَاءَ العَاشِقينَ وَكَانَ صَبَّا
حُمَيَّا العِشقِ أَجَّجَ فِي فُؤادِي
لَهِيبَ الشَّوقِ فجَّر مُستَتِبَّا
سَنَاءُ الحُسنِ حَلَّقَ فِي خَيالي
فَأَسبَى بِذِكرهِ قَلباً وَلُبَّا
أَيَا وَطني عَرُوُسكَ قَد تَجَلَّت
وَعَاينَ عُرسَهَا عَجَمَاً وَعُرْبَا
عَروسَ البَحرِ أَعجَبَني التَّباهِي
بِعِيدكِ فِي الوَرى وَأَرَاهُ قُربَى
وَقَد طَرِبَت لِعُرسكِ كُلُّ نَفسٍ
تَجَرَّعَت الهَنَاءَ فَكَانَ عَذبَا
وَعَانَقَكِ الجَمَالُ فَصَاغَ حُسنَاً
فَأَصلُكِ فِي الفُنونِ عَليكِ أَنبَا
وَإِنَّ الحُسنَ لَا يَخفَى وَيَحلُو
بِعَينِ العَاشِقينَ وَإِنْ تَخَبَّى
بَرَاحُ الأُمنياتِ لمِن تَبَاهى
وَأَرضُ الحَالمينَ وَمَن تَأَبَّى
سَمَاءُ الملهَمينَ وَكُلُّ لَحنٍ
جَميلٍ زَادَهَا فِي النَّفسِ قُرْبا
طَرَابُلسَ الجَمَالُ عَليكِ زَكَّى
زَكَاةَ الحُسنِ قَدَّرَ فِيكِ حُبَّا
رَأيتُ الدَّفءَ يَغمرُ سَاكِنيكِ
وَعِطرُ اليَاسمينَ كَساكِ ثَوبَا
وَفَوحُ الزَّهرِ وَالحِناءِ خَلَّى
نُفوسَ النَّاسِ بِالنَّسماتِ طَربَا
عَروسَ البَحرِ زَانَكِ يَومُ عِيدٍ
بَهِيجٍ كُلُّ مَن وَاتَاهُ هَبَّا
فِداءُ الرُّوحِ دُونكِ قَدَّمُوهُ
صُقورُ الجَوِ خاضوا الجو سِربَا
وَجُندُ البَحرِ حَلُّو البَحرَ عَزماً
ومِلحُ المَاءِ كَادَ يَغيبُ ذَوبَا
وَوقعُ الجُندِ بِالأَقدامِ أَضفَى
جَمَالاً هَزَّ بِالحَركاتِ قَلبَا
بِعيدِ الأَربعينَ أَخُصُّ شِعري
لِمَفخرةِ الرِّجالِ وَطَابَ إِربَا
عَقِيدٌ ثَارَ عَن بُؤسٍ وَظُلمٍ
وَحَرَّرَ شَعبَهُ وَكَفَاهُ لَغبَا
وَفَكَّرَ فِي العُروبةِ بَعدَ يَأسٍ
وَكَانَ زَعِيمَها فَارتَابَ عُجبَا
وَطَلَّقَهَا بِلا كُرهٍ وَوَلَّى
بُنَيَّاتِ الطَّريقِ لِمَن تَصَبَّى
تَسَخَّرَ لِلسَّلامِ فَكانَ عَوناً
لِرَأبِ الصَّدعِ لَملَمَ فِيهِ شَجبَا
فَلُقِّبَ عَن مَساعِي الخَير فِيهِ
رَسولاً لِلسَّلامِ وَنَالَ رُتبَا
وَأَلبسَهُ المُلوكُ وِسَامَ فَخرٍ
وَتَاجاً لِلمُلوكِ إِليهِ يُحبَى
رَأيتُ المجَد نَحوكَ مُشرَئِبَّا
وَعِندَ النَّاسِ قَدركَ صَارَ حُبَّا
عَظيمَ الشَّأنِ ذِكركَ فِي المجالى
مِن الإطراءِ خَلَّى القَولَ رَطبا
وَسِعتَ بِفكركَ الآفاقَ عِلماً
وَقُدتَ بِثورةِ الأَبطالِ شَعبَا
وَزادكَ رِفعةً وَعُلوَ شَأنٍ
تَواضُعكَ الذي قَد كَان رَحبَا
حَكمتَ بِحلمكَ المَحمودِ شَعبا
وَصَيَّرتَ اليَبابَ كَلاً وَخِصبَا
أَقمتَ العَدلَ عِندنا فِي خِطابٍ
أَزلتَ بِه مِن الليبيِّ رَيبَا
وَقُلتَ مُخاطباً شَعباً أَبِيَّاً:
فَلا مَظلومَ يَحيا العَيشَ كَربَا
وَلا مَغبونَ بَعدَ اليَومِ يَبقى
وَلا مَسيودَ بِالأَسيادِ سُبَّا
وَلكن إِخوةً أَحرارَ تَحيوا
وَيبقى النَّذلُ فِي الضُّلالِ كَلبَا
وَشَيَّدتَ الَمصانعَ وَالمباني
وَعَبَّدتَ الطَّريقَ فَصُنتَ رَكبا
وَأَمَّنتَ المَوانئَ مِن عُداةٍ
وَأَجليتَ العِدى بِالقَهرِ غُلبَا
وَحَطَّمتَ السُّجونَ وَكُلَّ حَدٍ
بَنَاهُ المُعتدونَ وَصُنتَ نَهبَا
وَمَزَّقتَ القَوائمَ مِن أُناسٍ
جُناةٍ سَاندوا بِالجَهلِ غَربَا
وَأمهلتَ الذي قَد زَاغَ مِنهم
فَعفوكَ قَد مَحا فِي النَّاسِ ذَنبَا
وَنِلتَ مِن المَحامد كُلَّ خَيرٍ
وَلو عَدَّدتُ مَا وَفَّيتُ حَسبَا
فَقد شَرَّعتَ بِالقُرآنِ نَهجاً
يَرى مِن نُورهِ المحرومُ رَبَّا
وَحَرَّمتَ التَّطرفَ مِن غُلوٍ
لِدينِ اللهِ وَاستنكرتَ رَهبَا
وَأَحللتَ الأَمانَ وَكُلَّ أَمنٍ
وَقَد خَانَ الذي قَد رَامَ حِزبَا
وَنَظَّفتَ البِلادَ بِكُلِّ حَزمٍ
مِن الحَاناتِ وَاستَقبحتَ شُربَا
وَمُعجزةُ الدُّنَا نَهرٌ عَظيمٌ
مِن الصَّحراءِ سُقتَ الماءَ جَلبَا
وَجَاءكَ خَاضِعَاً ذُلَّاً وَقَهراً
رَئيسُ وِزارةٍ يَرجوكَ صَحبا
وَكَفَّرَ فِي المَلأ بَعدَ اعتذارٍ
عَن الطُّليانِ جَاءَ يَحُطُّ حَوبَا
وَيَرفعُ شَأنَ مَن صَبروا وَنَالوا
بِعِزِّكَ عِزةَ الأَشرافِ نَسبَا
وَلمَ يَمنعكَ حِلمكَ أَن تُسَلِّم
عَلى مَن جَاءَكم تَعلوهُ أَوبَا
فنصرك دائم في كل حين
وشعبك كله يفديك ذبا
رِفَاقُكَ فِي الشَّدائدِ قَد تَبارَوا
لِدفعِ الضُّرِ عَن وَطنٍ تَنَبَّا
بِكُلِّ المُخلصينَ وَكُلِّ حُرٍّ
رَأى فِي الفَاتِحِ المَنصورِ دَربَا
لَقد شَرَّفتنَا وَقَضيتَ حَقَّاً
يُبَرِّدُ مِن صُدورِ النَّاسِ لُهبَا
بَلَغتَ بِصَوتِكَ الآفَاقَ جَهراً
وَصُغتَ جَرائمَ الأَوغادِ ثَلبَا
وَقَوَّمتَ مِن المِيثاقِ نَصَّاً
سَرى بِالزُّورِ وَالبُهتانِ كِذبَا
وَفَصَّلتَ الفَضَائحَ مِن جُناةٍ
يَبيعونَ الوَرى بِاللهو لَعبَا
أَباحوا بِالسَّلامِ قِتالَ قَومٍ
نِيامٍ حَوَّلوا الأَحلامَ رُعبَا
وَهم مَن مَارسوا الإِرهابَ ظُلماً
وَشنوا بِدَولةِ الإسلامِ حَربَا
أَبو غِريبٍ سَيَشهدُ عَن وُحوشٍ
لَهَا شَبقٌ بِنَهشِ النَّاسِ حُجبَا
وَغَزةَ طَالَهَا العُدوانُ قَهراً
فَمَا اسطَاعَت عَلى المفقود نحبا
وَمَا الأَفغانُ غُولٌ حَتى يُخشَى
فَيُسحقَ مُذعِنَناً وَقِرَاهُ كَعْبَا
وَغِنتَامُوا يَرجُفُ مِن أَنينٍ
لِرُوحٍ دُمِّرت ْوَنَعَتْنَا صُلبَا
فَكيفَ الأَمنُ يُرجي مِن أُناسٍ؟
مَصِيرُ كَلامِهم نَلقَاهُ حَدْبَا
وَكَيفَ مَصيرُ مَن وَقَعت عَليهِ؟
بَلِياتُ الظَّلومِ عِدىً وَنَكْبَا
وَقَدَّمتَ الحُلولَ مُنَقَّحاتٍ
لَدى جِمعِيةٍ أَخزَاهَا خَطبَا
وَفَسَّرتَ السِّياسةَ بِاتِّهامٍ
يُدينُ المجرمينَ وَعِبتَ سَلبَا
ذَرُوا الصُّومالَ تَأكلُ قُوتَ بَحرٍ
فَلا إِرهابَ عَمَّن رَامَ كَسبَا
وَعَن إِفريقيا حَقٌ سَيبَقى
رَهِينُ قَوَرابٍ تَتَوَلَّى عَتْبَا
وَتَطلبُ كُلَّ مَن سَرقُوا بِحَدٍّ
يَرُدُّ كُنُوزَهَا وَيَرُدُّ هَيبَا
وَقرَّرتَ الوِئامَ وَقُلتَ فِيهِ:
كِتابي يُسلمُ الشَّعبينِ عُقبَى
وَإِسراطينُ يَنعمُ فِيها شَعبٌ
قَضَى لِلحقدِ وَالأَضغانِ جَبَّا
فَمَا فِي مَجلسِ الأَمنِ المَعَمَّى
أَمانٌ أَو سَلامٌ صَانَ عَيبَا
سوى ستر على أمم تحامت
لتشرب من دماء الناس نخبا
رَعَاكَ اللهُ يَا مَلِكَ المَبادئ
وَيَا أُسطورةً سَطَّرتَ حِقبَا
حَمَاكَ اللهُ بِالسَّبعِ المَثاني
فَإنَّكَ أَحسنُ الأَمثالِ ضَربَا
رصعها ناظم الجمان/ رضا محمد مسعود جبران
9 /9/2009
الرباط المغرب