لـك اللـه يـا أمـي

لـك اللـه يـا أمـي

أمي المنسية في تاريخ فاجرة نزواته ، تستيقظ فجرا من غفوتها
الملعونة كي تلعن هذا الزمن المقلي بزيت عهارته وتجرجر أسمال
البؤس المشفق ... تشعل "مجمرها" المتعب بالحطب الجاف ...
وتستغفر ...تلك دجاجتها تحلم في صمت أزلي ....
تلك طفولتها المقذوفة بالأقدام الوطنية ...
تلك تجاعيد محياها المغموسة في ماء الله وفي طين الله ...
وتلك "القهرة" تقتلع الفرحة من عينيها ، تلك ، وتلك ...
"خليني الله يرحم والديك" .....

فلك الله ... لك الآخرة الجنة يا امرأة تكتب في تاريخ تعاستها
آخر ما يمكن أن يبقى للمعدم من ملفوظ وهو يودع قاتله ...
ولهم هذي الدنيا بالعملات الصعبة ، بالشمبانيا ، بالتكنولوجيا ،
بالسيجار الكوبي ، بالفستان الإيطالي، بالعطر الباريسي، وبالـ
مخترعات اليابانية، بالـ ... بالـ ...
"خليني الله يرحم والديك" .

أذكر يا أمي أن كنا نتحلق حول الموقد ... ننفخ ريح البؤس على "الفاخر"
في البرد القارس ... نضحك ... نذكر أحبابا هجرونا أو هجرناهم رغما عنا...
نذرف دمعات حرى فوق "المجمر" ... لا من يسمع أنات تعاستنا ...
الله هنا ولكن ... لم يا أمي كتب البؤس علينا ؟ ... الله هنا ...
لكن ... من يسمعنا ؟ ... هل ما زالت نفس طقوس الموقد تجمعك
الآن مع الأخ رغم عطالته الأزلية في وطن النخبة والإنجازات الوهمية... ؟
أذكر يا أمي أنا أحرقنا آلاف الشمعات ونحن نتمتم "ربي احفظنا"
من زمجرة الرعد وكارثة الفيضان وعنف العاصفة الشتوية، نعيب البومة...
لكن لم يا أمي كنا ننسى الصلوات ليحفظنا الله من العاصفة البؤسية ؟
لم كنا نخشى أن تنطفئ الشمعة في وقت كانت شمعتنا الأزلية
مطفأة ؟ لم ... لم ... يا أمي ...
"خليني الله يرحم والديك" ...