خالد الداودي مبدع جديد
عدد الرسائل : 19 نقاط : 30625 تاريخ التسجيل : 15/02/2008
| موضوع: موتي موت الجمعة أغسطس 15, 2008 5:38 pm | |
| موتي موت واعلمي يا سيدتي أني اخترت الموت في هذا الزمن،اخترت القسوة،الجلوس لتأمل الأحجار الناتئة،لأصرخ في وجه الحنان والود والحب.اخترت الموت،الصمت الأبدي لأنتقل إلى الحياة الأخرى،حياة الكلمات النابية وتشييء البراءة.وبموتي يا سيدتي مات الطفل الذي كان يداعب النسيم ويخرج ويحزن ويبكي في صدري يشاهد بعيني ويتكلم بفمه النيء،يتحسس النبل في وجوه الاتهام والنهش والعبث.. الطفل الذي يرسم رموزا على الرمال تحت أشعة الإحساس الذهبية في شاطئ الخيال على بحر الوجود الكئيب.وفي الحقيقة يا سيدتي أني لم أمت ،إنما مات الطفل الذي تكلمت عنه،قل تم وأده لأنه لم يطق صفعات الأقران واستسلم للاحتقار.صاروا يعبثون بوجهه الوسيم والاستهزاء به وكادوا نزع سرواله وهو شارد رغم صغر سنه.وبموته مت الموت الحقيقي لأني رأيتهم يبكون وتأكدت أنه ولد محبوب وبدونه انقلب زمنهم وصاروا يرثون ذلك الوقت الجميل الذي كانوا يقضون معه كأنه حلم.يذكرون عبارته،عناقه،وده،إنسانيته.أين أنت ياصديقي المحبب،أحن إلى فقدانك وألعن التلاقي والفراق كما ألعن الابتعاد عن أمي وأتكلم بضمير الأنا لأنه في الحقيقة انتحار ليس موت.والمنتحر لا أبا له يفصح عما يريد قوله.وما إفصاحه إلا دليل على أن الآخر من أسباب انتحاره،انتحار الولد الذي كان يقطن في صدره غير راض عن صفعات الزمن والأقران والأيام والتاريخ ويأسه في الأيام الأخيرة من الحروف التي كان يعتبرها حقيقته ووجوده. كان يظن نفسه يعيش السعادة والصفاء والحلم في دنيا الهناء وإذا به يرغم على الحربائية والتحجر والكلمات النابية مما جعله يفضل الانتحار في هذا السن المبكر،ربما أنه أحس أنه مخطئ،ولمدة طويلة،ليستفيق ويجد أن ليس كل ما يتمنى المرء يدركه،أو أنه كان يجري وراء السراب فلم يستسغ الأمر وفضل الصمت الأبدي،فضل الحياة الأخروية،حياة الروتين.أم أنه لم يصدق أنما كان يعيشه طيلة هذه المدة ما هو إلا هروب من الواقع،فرار نحو الثلث الخالي.صعود نحو البرج العاجي والاحتماء بالفضيلة،انتشاء بالعصفورية والندى والكمال.يريد هذا الطفل أن تحتفي به الايدي، أن تعزه ويبدو ملاكا في أوج ابتسامة وفرح ووجدان الآخرين بعيدا عن الأحقاد. واعلمي يا سيدتي أني كما قلت لك وأكرر القول أن موتي موت،وأنه كان اختيارا،كان نتيجة لافتراقنا في الرؤيا وأن الأقدار جعلت موتي الحقيقي يرتبط بك وموتي المزيف ربما قد يتقرر.
| |
|