صدى الخالدي مبدع جديد
عدد الرسائل : 28 نقاط : 30763 تاريخ التسجيل : 19/01/2008
| موضوع: ..القصيدةُ الأخيرةُ ...أُقصوصة. الخميس أغسطس 14, 2008 5:22 am | |
| القصيدةُ الأخيرةُ
بعينينِ دامعتينِ،يستدرجها كي تتعشّق بقريحتهِ، لكنّ سحاباتٍ من الحزنِ ِتحمله إلى رحمِ الغيمِ ليجدَهُ يابساً والحروفُ كأنّها الرملُ ما يلبثُ أن تسفّهُ الريحُ ، وكلُّ كلمةٍ تستهلُّ صارخةً بالرعدِ تقدحُ في سماءِ زنزانتهِ فيغمضُ عينيه حتى يتسللِ الوميضِ إلى قلبهِ ثمّ إلى لسانهِ ، ينسجُ الحبُّ على نبضاتِ قلبهِ خيوطاً منَ الأملِ ،تتسللُ معَ لأحلام من الشباك الوحيد في أعلى الزنزانةِ لتسرح بعيداً في رياض الله البديعةِ، يسافرُ ممتطياً صهوتها يمسكُ اليهِ لجامها يجرهُ تارةً ثمّ يرخيهِ ليُطلِقَ لها العنان، لكنّها جامحةٌ حتّى كأنّها تلوكُ الرصاص ،تتعالى وتسموفوقَ البحورِ، بياضُها أشهبٌ يتهادى مع الموجِِ ِ وجراحُ فؤادهِ تعوي كلما يصخبُ الموجُ ويتعالى صراخهُ حتّى باتَ يقطرُ الماءَ في فمهِ وهو يغرغرُ الرويَ ويسكرُ القافية َ، أسبابُ سكراتهِ أوتادٌ ساخنةٌ يمسكها كي يعتلى الجدارَ الذي يفصله عن ذاتهِ ، فالأسلاكُ الشّائكةُ فواصلُ صغرى، وبينها الحواجز الخرسانية تزدحم والأسيجةُ العاليةُ فواصلُ كبرى، ولكي يتمكن من القفزِ فوقَ لغةٍ قد لايفهمها الجميعُ قررَ أن يشتعلَ تحتها لتنفلقَ كحباتِ الذرةِ بنصاعةِ بياضِها وشهوةِ رائحتِها، إنّها دلالاتٌ واضحةٌ بِأمكانهِ أن يقتحمُ بها الخوفَ ويغتذي بها اللهفةَ ،كانت أجنحةُ الزمان ِيابسةٌ على الأبوابِ ،لكنّهُ ظلّ يطرقها من بيتٍ إلى بيت ، يمتدُّ إليها شريانَهُ لتحيا من جديد، ويواجهَ بها النفسَ في محاولةٍ لتحريرها من الأسرِ، حتى إذا ماوصلَ إلى آخرِ بيتٍ حلّقَ معَ قصيدتِه ِفي الآفاق .وحُملَ نعشُهُ إلى مثواه ُ .
الخالدي مشهد وداع الشاعر الكبير محمود درويش رحمه الله 13/8/2008 | |
|