صدر حديثا عن دار مرسم بالمغرب للشاعر نزار كربوط مجموعته الشعرية الرابعة بعنوان " أهب وجهي للفوضى ". هي لحظة شعرية مكتنزة بعد ديوانه الثالث " سقف من فراشات " الذي ترجم الى الفرنسية وصدر بباريس. الديوان قيد النظر، يتكون من قصائد عديدة، لكنها متفرعة كشجرة أنساب. في هذا العمل الشعري الجديد اشتغل الشاعر بوعي يحمل بين ثناياه ثقل القصيدة المعاصرة بكل ما فيها من تلوينات، كما تناول تيمة الوجه كعمود فقري ترتكز إليه جل القصائد وتلتحم في ما بينها لتطرح القارئ أمام عمل شعري جديد يرسم مسيرة الشاعر نزار بخطوط عريضة وثابتة. "أهب وجهي للفوضى" هو عنوان يطرح مجموعة من الأسئلة الوجودية ويحيلنا على تركيب مجازي عميق يجعل من الوجه مختبرا للفوضى الخلاقة وأداة للتعبير عن شعرية الوجه الإنساني.
يقول الشاعر والناقد فوزي عبد الغني:
" بالأخص ما يتعلق بالذات وتمظهرها، واللغة وشعرية التكثيف، إضافة للبعدين السردي والأوتوبيوغرافي. لا بد من التنصيص، على أن هذه الملامح والممكنات الجمالية حضرت في منجزه الشعري السابق بنسب متفاوتة الحضور والصياغة. لكن أراها الآن تمددت وبدأت تتشعب على ضوء تعدد المقروء وامتداد التجربة وقوة المشاهدة والتأمل، الشيء الذي جعلنا أمام نص مركب يرقصك عبر طبقات من
التشكيل الجمالي والتخييلي. لهذا فعناصر الإضافة بادية في الاشتغال الدؤوب لهذا الشاعر الذي يعمق الصلة دوما بالحياة والشعر."
سِيُورَانْ كَمَا عَوَّدَتْنِي أَزِقَّةُ مُونْمَارت صِرْتُ أُلاَحِقُ ظِلاَلَ كُلّ من عَبَر جِسْرَ الجَمِيلاَتِ وَفِي وَجْهِهِ زِلْزَال مِنَ النَّبِيذِ أَنْظُرُ إِلَى طَيْفِ سِيُورَانْ وَهُوَ يُزْعِجُ النَّائِمِينَ أولائك الذِينَ يَرْسُمُونَ أَشْجَارَ اللَّوْز عَلَى شَاشَة الهَاتِفِ النَّقال وَيَتَبادَلُون اللَّيْكَات في مُسْتَشْفَى المَجَانِين صِرْتُ أَشْحَن قَلْبِي فِي مَحَلَّاتِ لُعَبِ الأَطْفَال تَقْذِفُني ابْتِسَامة عَابِرَةٌ لَم تَكُن لِي وَتُرَوِضُنِي قِطْعة سُكر عَلَى الانْحِنَاء
من الديوان نقرأ:
سِيُورَانْ كَمَا عَوَّدَتْنِي أَزِقَّةُ مُونْمَارت
صِرْتُ أُلاَحِقُ ظِلاَلَ
كُلّ من عَبَر جِسْرَ الجَمِيلاَتِ
وَفِي وَجْهِهِ زِلْزَال مِنَ النَّبِيذِ
أَنْظُرُ
إِلَى طَيْفِ سِيُورَانْ
وَهُوَ يُزْعِجُ النَّائِمِينَ
أولائك الذِينَ يَرْسُمُونَ أَشْجَارَ اللَّوْز
عَلَى شَاشَة الهَاتِفِ النَّقال
وَيَتَبادَلُون اللَّيْكَات
في مُسْتَشْفَى المَجَانِين
صِرْتُ أَشْحَن قَلْبِي
فِي مَحَلَّاتِ لُعَبِ الأَطْفَال
تَقْذِفُني ابْتِسَامة عَابِرَةٌ لَم تَكُن لِي
وَتُرَوِضُنِي قِطْعة سُكر عَلَى الانْحِنَاء
أَمَامَ عَسَلِ السَّيِّدَات
صِرت أَقْرَأُ الأَلْوَانَ بِفَمِي
أَتَذَوَّقُ حَلْوَى النُّورْمَانْدِي بِفَمِي
وَأَكْتُبُ وَجْهِي بِفَم لَيْس لِي.