لأول مرة بالعربية رائعة أميليو سالغاري القرصان الأسود
صدرت مؤخراً عن منشورات المتوسط – ميلانو، رواية «القرصان الأسود» للروائي الإيطالي الكبير أميليو سالغاري. وقد ترجمها عن الإيطالية كاصد محمد.
هذه أول ترجمة إلى العربية، لأميليو سالغاري والذي يعد، كما هو الحال مع أُمبِرتو إيكو وإيتالو كالفينو، أكثر الروائيين الإيطاليين ترجمة وإنتشاراً في العالم. وكان نتاج سالغاري الأدبي مصدر إلهام للكثير من عظماء الأدباء والسينمائيين الذين شغفوا بحب رواياته. فقد أُنتج من رواياته ما يقارب الإثنين والأربعين فيلماً سينمائياً. كان في مكتبة المخرج الإيطالي الشهير فيديريكو فيلليني يوجد أكثر من خمسين رواية لسالغاري. ومن بين الكتاب اللذين عشقوا سلغاري وقرأوه وألهمت رواياته خيالهم: أُمبِرتو إيكو، غابريل غارسيا ماركيز، كارلوس فوينتس، خورخي لويس بورخس وبابلو نيرودا. وقد الهمت اعماله كبار المخرجين، امثال ستيفن سبيلبيرغ وسرجو ليون. كما أن تشي جيفارا قرأ اثنين وستين رواية من روايات سالغاري، حتى أن "باكو انياثيو تايبو" كاتب مذكرات جيفارا، عزا أفكار جيفارا ضد الإمبريالية إلى سالغاري.
يكتب الناشر على كلمة الغلاف:
إن العلامة التي أحدثها أميليو سالغاري (أكبر أدباء المغامرة في إيطاليا) في تاريخ الأدب الإيطالي هي، باعتراف الجميع، علامة فارقة، فضلاً عن بصمته المميزة التي بات أثرها واضحاً في مجمل تاريخ الأدب العالمي.
صنع سالغاري بطلاً شعبياً تميز عن الذين صنعتهم الآداب الأوروبية والعالمية، وهذا ما لفت انتباه أنتونيو غرامشي حين حلّل النظرية القومية في الأدب الإيطاليّ، واصفاً سالغاري بالمبدع لقدرته على خلق بطلٍ شعبيّ تَرَوج حكاياته في أرجاء إيطاليا، رغم أنه من صنع الخيال، ومغامراته المفترضة تدور في بلادٍ بعيدة جداً عن إيطاليا، وتمتدّ من ماليزيا إلى وسط إفريقيا فالكاريبي والقارة الأمريكية.
وقد يصل بنا النقد إلى العثور على ظلال سالغاري في كلّ الأفلام السينمائية التي نقلت أدب المغامرة إلى الشاشة الكبيرة. وهنا نستذكر أُمبِرتو إيكو في تحليله لشخصية السوبرمان وأثرها على الجماهير. إذ ربط إيكو هذه الشخصيات السينمائية بجذورها الأدبية وعزز مكانة سالغاري في ابتكار هذا النموذج الهرقليّ الحديث، ناهيك عن إبداعه لبطل شجاع ينقذ الآخرين ويعيش لحظات مصيريّة فيها من الأهوال الجانبية ما يكفي لاستنزاف قضيته العالقة بين الحبّ والثأر.
وهذا الكتاب، هو إحدى أروع الروايات التي جادت بها مخيّلة أميليو سالغاري، وهي الحلقة الأولى من سلسلة «قراصنة جزر الانتيل»، التي تتحدث عن مغامرات القراصنة وصراعهم مع الأساطيل الإسبانية في القرن السابع عشر. تدور أحداث الرواية في بلادٍ تفوق الخيال، ويصوّر الكاتب المدن والغابات العجيبة ببراعة ودقّة فريدتين، وأسلوب سلس وبسيط. تمتاز بقوة التشويق في وصف المعارك الضارية التي تقع في عرض المحيط وعند أسوار القلاع، كما نتعرف من خلالها على أهوال البحار وقوانينها.
تعتبر هذه الرواية، الصادرة عام 1898، ملحمة الأدب الإيطالي المعاصر في سبرها لمعاني البطولة والنبل والفروسية.
عن الكاتب أميليو سالغاري (1862-1911):
ولد في مدينة فيرونا من أسرة ثريّة تعمل بالتجارة. التحق بالمعهد البحريّ في البندقية وسرعان ما ترك دراسته ليعمل في المجال الصحفيّ. اشتهر بكتابة القصص القصيرة والمسلسلة على صفحات الجرائد، حتى تهافتت عليه دور النشر فألّف ما يقارب الثمانين رواية تتحدث جميعها عن مغامرات البحار والبلاد البعيدة التي تعكس ولعه في الملاحة والاستكشاف. ورغم الاعتراف بمكانته الأدبية فقد عاش سالغاري فقيراً ومنعزلاً في مكتبه، وانغمس في الكتابة حتى دخل حالة اكتئاب أفضت به إلى الانتحار في مدينة تورينو.
ترك سالغاري إرثاً كبيراً من القصص والروايات، بلغ أكثر من ثمانين رواية ومائة قصة. وبعد موته، صدرت عشرات الروايات التي نسبت إليه؛ والتي لم تكن حقيقةً له، فقد أصبح يمثل بعد موته مدرسة قائمة بذاتها، وبدأ الكتاب يحذون حذوه ويقلدون أسلوبه، وصدرت إثر ذلك عدد هائل من الروايات التي اتخذ كُتّابها من أسلوب سالغاري وطريقته في الكتابة منهلاً لهم. معظم تلك الروايات صدرت بتوقيع كاتبٍ ما إضافة إلى اسم أحد أبناء سالغاري.