والتي دعت إلى التحسيس المتواصل وغير المنقطع بأهمية القراءة باعتبارها ضرورة ملحة من شأنها أن تُكُوِّن مواطنا واعيا ومنخرطا في مختلف قضايا بلده، ومدخلا لتنمية مستدامة، معتبرة القراءة السبيل الوحيد للإبداع، لذلك وجب على الكتاب تقديم كتبهم في الثانويات والإعداديات والانفتاح على جل المؤسسات التربوية، وذلك لتشجيع الأطفال والشباب على القراءة والكتابة، والإسهام في نشر أعمالهم والإشادة بما يقومون به في سبيل ترسيخ ثقافة القراءة والمطالعة.
بعد ذلك كان الموعد مع تقديم وتوقيع كتاب الطاهرة حجازي "بيداغوجيا الإبداع في شعر الطفل"، والذي سير أشغاله صفية أكطاي التي أشادت بالشاعرة حجازي التي جمعت بين الإبداع والعمل التربوي، عبر القيام بالعديد من الندوات تهم المرأة والطفل في عدة مؤسسات تربوية، وجمعيات للمجتمع المدني، والإسهام في تطوير شعر الطفل على مستوى الأكاديمية الجهوية لجهة الدار البيضاء الكبرى، كما استطاعت بتجربتها الشعرية المتميزة وخبرتها التربوية الإلمام بمجهودات ومواهب وإبداعات مجموعة من تلاميذ مدارس الدار البيضاء، كما توقفت في الكتاب على مهارات الإيحاء ومواهب الفطرة في الشعر وبالخصوص شعر الأطفال، وكيفية استيعاب شاعرية الطفل داخل المؤسسات التعليمية، ناهيك عن دور الشعر باعتباره تجربة ميدانية للفنون الإنسانية وآثارها في تهذيب النفوس والحد من ظاهرة العنف المدرسي.
وفي تمام الساعة الثالثة والنصف كان لزوار المعرض موعد مع محاضرة من إلقاء الباحث عبد اللطيف حباشي وذلك في موضوع "تأثير التكنولوجيات الحديثة في سلوكات القارئ ـ مقاربة أنتروبولوجية"، وأكد الباحث أن اختياره للموضوع كان استجابة لسياق التحولات التي شهدها العالم على عدة مستويات، ملاحظا أن مجتمعاتنا لم تشارك في هذه التحولات، بل مازالت تواجه إكراهاتها والتي من بينها ثورة التكنولوجيا المعلوماتية، وعليه فهناك نتائج أفرزتها هذه التحولات ويمكن تلخيصها في المواقف المختلفة التي اتخذت بصدد الوسائل التكنولوجية حيث تتأرجح بين الإيجاب والسلب في تأثيرها.
كما تطرق إلى مختلف الاستعمالات للتكنولوجيا الحديثة من وجهة نظر السوسيولوجي "كاتس". وفي ختام اللقاء تفاعل الجمهور الحاضر مع الموضوع، وذلك بإغناء النقاش حول آثار التكنولوجيات على مستهلكيها، كما تم تسليم الدرع التكريمي للأستاذ الباحث من طرف عبد المجيد الجهاد وذلك تقديرا لمجهوداته المتواصلة في سبيل خدمة الثقافة.
وأتاح معرض الكتاب المستعمل الفرصة لتلاميذ سيدي مومن على الساعة الخامسة، حيث كان الموعد مع قراءاتهم الشعرية والزجلية والتي نسقها محمد محي الدين، وسيرتها التلميذة مريم بناني، وشارك في هذا المحفل الشعري والزجلي، كل من التلاميذ: ياسين أنفلوس بقصيدة شعرية "أمتي العربية"، وحمزة البربري بقصيدة زجلية "القرودة تبعوا الموضة"، ومريم السعيدي بقصيدة بعنوان "سلام عليك يا أمي"، وفاطمة الزهراء لشهب بقصيدة "المِّيما"، ويوسف كطني بقصيدة بعنوان "الوحدة"، كما تم تكريم التلميذ والفنان التشكيلي أيوب المودن من ثانوية الحسن الثاني بالدروة على إسهامه في فعاليات الأنشطة الثقافية، عبر عرضه للوحاته التشكيلية بفضاء المعرض لمدة ثلاثة أيام.
واختتم الأسبوع الأول من معرض الكتاب المستعمل والذي كان محوره الشعر والزجل بتكريم الزجال والروائي إدريس أمغار المسناوي، وقد نسق لهذا الحفل حميد لغشاوي الذي اعتبر في البداية أن الزجال والناقد والروائي المسناوي من المؤسسين للقصيدة الزجلية والرواية المكتوبة بالدراجة، وواحدا من المثقفين الذين سطعوا في الساحة الثقافية منذ السبعينات.
وشارك في هذا التكريم مجموعة من الباحثين، منهم: محمد محي الدين الذي وسم ورقته بعنوان "عندما تتسع الرؤيا والعبارة"، وهي دراسة لبلاغة الرواية المغربية المكتوبة بالدارجة، متخذا رواية "تاعروروت" لإدريس أمغار مسناوي نموذجا، مركزا على أهم أحداث هذه الرواية، كما وقف عند مجموعة من التيمات التي تحضنها الرواية (نضال المرأة ـ التعايش ـ الحب)، واستلهامها لمختلف أنواع القصص الشعبي، ولسجلات الكلام المأثور والكتابة بالأثر.
وفي مداخلة بعنوان "الرواية والتاريخ" في رواية "تاعروروت"، تحدث أحمد بلاطي عن التعاويد باعتباره المادة الخام لكتابة جنس لا يتم إلا بطلب من أحد، في حين الرواية تكتب حين يريد مبدع ما أن يكتب. مضيفا أن الرواية تقدم تخييل التاريخ الذي لا تقوم عليه الذاكرة. ليطرح بعد ذلك محمد الدهبي قضية التجنيس بين الرواية والتعاويد، حيث اعتبر أن كلمة التعاويد تعود بشاكلة الخرافة فهي تتضمن الزجل والدراما والأسطورة والعجيب والغريب... ليأتي الدور على محمد عرش ليسلط الضوء على جانب آخر من اهتمام المسناوي وهو الزجل دارسا بذلك ديوانه الزجلي "كناش المعاش" الذي يحتوي على قصائد كتبت في سنة 1997.
وقدم محمد ماسكي في مداخلته "القصيدة الزجلية المسناوية نحو رؤية جديدة في الكتابة" بحثا في تقنيات السطر الزجلي والمزاوجة بين السطر الشعري والبيت وتقنية المعجم، والتناص الأسطوري، والانزياح عن المستويات النصية وغير ذلك من التقنيات. ليقدم في الأخير إدريس المسناوي الشكر لطلبة الدكتوراه على قراءاتهم العميقة سواء في شق الزجل أو الرواية، كما تقدم بالشكر لشعيب حليفي على اهتمامه بهذا الجنس السردي المكتوب بالدارجة. ومن جهته سلم حليفي درع التكريم للمبدع إدريس المسناوي.
وبتنسيق محمد فالح افتتح اللقاء الذي كان محوره قراءة في الأعمال الروائية لعبد القادر خلدون، والتي تقدم بها طلبة مختبر السرديات وقدم في البداية محمد فالح ورقة تعريفية بالروائي عبد القادر خلدون، ليأخذ المهدي أيت بعراب الكلمة حيث عالج في رواية "وشم في الذاكرة" الأجيال المغربية منذ جيل مرحلة الاستعمار حتى جيل الانتقال من المغرب للخارج أي من الألفة للاغتراب، وفي قراءته لرواية "لعبة القدر" أكد مصطفى المصمودي على أن هذه الرواية تمتاز بقدرتها على تشييد مجتمع تخييلي مواز لعالم الواقع، أما زهيرة أيت بعيس فقد اعتبرت رواية وجوه تائهة تمثيلا للواقع والحياة، وتبني عالمها انطلاقا من الواقع من خلال شخصيات تتفاعل مع الأحداث والفضاء والزمان.
لتقدم في الأخير لمياء جوهري قراءة في رواية "أرغفة على الرصيف الأخير" معتبرة الرواية نسيجا من خيوط علائقية، ومركزة في الأخير على قضية الوطن والعلم والمعرفة. وكان الختام مع المحتفى به عبد القادر خلدون الذي توجه بالشكر لطلبة الباحثين على مجهودهم المتميز، ليتحدث عن معاناته مع المرض وعن الظرفية التي كتب فيها هذه الروايات .
الفترة الثانية 18-24 أبريل:
متابعة :محمد فالح- المهدي ايت بعراب- حسن بنزعرية
اليوم العاشر (الاثنين 18 أبريل2016) :
انطلقت يوم الاثنين 18 أبريل فعاليات الفترة الثانية المخصصة للرواية والنقد والمجتمع، من المعرض الوطني للكتاب المستعمل في دورته التاسعة حيث عرفت أربع لقاءات انطلقت بمائدة مستديرة في موضوع "الصحافة الثقافية بالمغرب" نسق أشغالها عبد العالي الدمياني (عن الأحداث المغربية) والذي ركز على الاختلافات الموجودة بين الخبر الثقافي وسواه من الأخبار، أما الطاهر الحمزاوي(عن جريدة آخر ساعة) فقد اعتبر أن الصحفي الثقافي عكس الصحفي التقني الذي يصوغ الخبر فقط، إنما هو شخص له وعي بالساحة الثقافية عن طريق احتكاكه مع كل ما هو ثقافي، في حين أكد شفيق الزكاري (عن جريدة المساء) على أن الاستراتيجيات المتخذة في الصحافة الثقافية المغربية اليوم عرفت تراجعا كبيرا جدا ساهم فيه المكلفون بالصحف لعدم إعطائهم أهمية للجانب الثقافي، أما محمد جليد (عن جريدة أخبار اليوم) فقد أشار لضرورة تكوين جيل من الصحفيين القادرين على متابعة كل الأنشطة في مختلف الاختصاصات الثقافية، مؤكدا بدوره على عدم اهتمام المسؤولين على الجرائد بالممارسة الصحفية الثقافية، ليختتم النشاط بكلمة القاعة حيث اجمعت كل المداخلات على التحولات الكبيرة والكثيرة التي أصابت تاريخ الصحافة الثقافية بالمغرب.
بعد هذا اللقاء انطلقت أشغال اللقاء مع الكاتب عبد الغني عارف وتقديم روايته "مرايا الظلال". سير اللقاء عبد العالي الدمياني الذي أشار إلى أن الكاتب كان يكتب السرد في السر قادما إليه من الشعر، أما إبراهيم أبويه فقد أشار في مداخلته إلى أن "مرايا الظلال" عمل يقع بين السيرة الذاتية والرواية، وأنه يطرح ثنائيات الحضور والغياب، الواقع والحلم، وكذلك قضية الصراع الطبقي، واختتم اللقاء بكلمة للمحتفى به الذي أشار إلى أن كتابته لهذا النص هي نوع من الوفاء لهذا الوطن، ذلك الوفاء الذي يعني كشف الغطاء عن بعض المفاتيح التي تمنح إمكانية التغيير، وأنها تضم معطيات من التاريخ المغربي الحديث، حيث قال:"حاولت أن أكتب هذا النص كوني مجرد شاهد على الأحداث".
واختتم هذا اليوم بتقديم روايتين :"ليال بلا جدران"لحسن المددي، التي قدمها عبد الحكيم الجابري عبر ورقة وسمها ب "اغتراب الشخصية في رواية ليال بلا جدران"تطرق فيها الى مظاهر الاغتراب في هذه الرواية التي، على حد قوله، ترصد أحداث سنة 1965 ما يجعل من الرواية رواية تاريخية. أما رواية"وجبة من طحالب الكتابة" لحسن السلموني اللواتي، فقام بتقديمها كل من ابراهيم اجويش الذي أشار الى ان هذا العمل الروائي هو تعبير صريح عن الطريق التي يخرج بها الإنسان عن النسق العادي المتعارف عليه عن طريق المعاناة، أما محمد الطويل فقد اعتبر أن تجربة حسن السلموني هي انحياز أدبي إلى غنوصية لم يقترفها بل اقترفتها نصوصه.
اليوم الحادي عشر (الثلاثاء 19 أبريل2016):
افتتح هذا اليوم بتقديم ورقة بحثية للنقاش معنونة ب " الأنشطة الموازية وجسور التواصل" أنجزها محمد شقران مشيرا إلى الدور الكبير الذي تلعبه هذه الأنشطة في خلق روح التعاون والعمل الجماعي، واعتبرها مجالا خصبا للتواصل الديمقراطي الحر بين المشتركين فيها من أساتذة وتلاميذ، وقد نسق هذا اللقاء ميلود الهرمودي الذي أشار أيضا إلى أهمية هذه الأنشطة في صقل مواهب التلميذ وتكوين شخصيته، ليفتح المجال للحضور الذين تباينت آرائهم؛ إذ ذهب البعض إلى أن سبب غياب هذه الأنشطة في المؤسسات التعليمية هم الأساتذة، بينما ذهب آخرون إلى أن التلاميذ هم السبب في هذا الغياب.
وانطلقت ندوة حول الأعمال الروائية للروائي والشاعر توفيقي بلعيد، نسق أشغالها عبد اللطيف حباشي الذي وضع أرضية للقاء أشاد فيها بالكاتب الذي اعتبره من الأدباء المهمين سواء في الشعر أو السرد، وشارك في هذا اللقاء كل من عبد النبي غزال الذي وسم ورقته ب "ذاكرة الجراح: من أجل ذاكرة عادلة " اعتبر فيها أن رواية " ذاكرة الجراح " عبارة عن نشيد جريح، تنتقد من خلاله تجربة اليسار، وهي أيضا مساءلة للماضي باعتمادها التاريخ والذاكرة، أما سلمى براهمة فقد عبرت عن إعجابها برواية " مسارات حادة جدا " كونها أعادتها إلى الزمن الجميل زمن الروايات الحاملة للقيم، وأشارت أيضا إلى اشتباك هذه الرواية مع أدب السجون والتاريخ والسيرة الذاتية دون أن تكون واحدة منهم، وأنها إضافة نوعية للمشهد الروائي المغربي ولثقافة اليسار وهي رد بالسرد على محاولة طمس ما جرى، ليأخذ المحتفى به الكلمة ويعبر عن فرحه الشديد بهذا التكريم.
وكانت الجلسة الثالثة عبارة عن تقديم كتابين للمؤلف محمد شداد الحراق " الأسرة العلمية في خدمة تراث البادية " و" مقدمات في نقد الثقافة الشعبية "، سير هذا اللقاء محمد فالح الذي قدم نبذة عن المؤلف وعن أعماله الأخرى، مشيرا إلى أهمية هذه الدراسات في الساحة الثقافية المغربية، وفي حديثه عن المؤلفين أشار محمد شداد الحراق إلى أنهم يتناولان بالدرس شيئا من الهوية المغربية، وأن الكتاب الأول "الأسرة العلمية الناصرية " هو إعادة اعتبار للبادية والهاش والمغرب العميق، بطرحه لقضية المثقف البدوي، أما الكتاب الثاني " مقدمات في نقد الثقافة الشعبية " الذي اعتبره مجرد مقدمات ومحاولات لنقد الثقافة الشعبية وليس نقدا، وطرح كذلك إشكالية تلقي واستعمال مصطلح الشعبي الذي يحمل دلالات إيديولوجية على حد قوله.
وانتهت أنشطة هذا اليوم بلقاء مفتوح مع الناقد والمترجم لحسن حمامة، قام بتنسيقه كل من محمد عرش الذي أشاد بالدور الذي يلعبه لحسن حمامة في ميدان الترجمة ، وعبد اللطيف حباشي الذي طرح سؤال الترجمة في العالم العربي وطبيعة الأشياء التي تترجم، وأكد أيضا على انفتاح ضيف اللقاء على لغات عدة ومجالات معرفية أخرى خارج الأدب، وفي كلمته أشار لحسن حمامة إلى تصوره للنقد حيث اعتبره " فنا وهواية وربما موهبة "، مشيرا فيما بعد إلى تبوأ المغرب الريادة في العالم العربي في ما يخص الترجمة، ليخصص الحديث عن روايته " ذاكرة المرايا " معتبرا أن الكتابة الروائية تقدم للشخص فسحة لاستغلال مقروءاته، عكس الكتابة النقدية التي يجد فيها الناقد نفسه محصورا في نص إبداعي ما، لينهي حديثه بضرورة إنشاء منظمة أو هيئة خاصة بالترجمة للدفاع عن هذا المجال وعن المختصين فيه.
اليوم الثاني عشر ( الأربعاء 20 أبريل2016) :
زينت قاعة الندوات بالورود في اليوم الثاني عشر، احتفاءً بثلة من المبدعين المغاربة، عبر لقاءات مفتوحة، ابتدأت بلقاء قدمته الأديبة صفية أكطاي الشرقاوي بكلمة تناولت فيها الأهمية الكبرى التي يلعبها هذا المعرض في تقريب الثقافة من المواطن، أما محمد محضار، الذي سير هذا اللقاء، فقد وضع أرضية عرّف خلالها بكل من الأديب عبد الكريم عباسي والشاعرة فاطمة غزالي، كما شارك في هذا اللقاء عبد الرحمان مسحت الذي قدم قراءة لرواية "ميلاد الوهم والتيه" لعبد الكريم عباسي حيث اعتبرها خاضعة لشروط الكتابة الروائية ، في حين اعتبر عبد الكريم عباسي أن هذا اليوم هو بمثابة عيد ثقافي، مشيرا إلى أن الكتابة بالنسبة إليه هي مزج بين الواقع والخيال، وأن روايته هي محاكمة للواقع الصعب الذي يعيشه المعلم في الجبل. أما الشاعرة فاطمة غزالي فقد اعتبرت أن الفضل في صدور ديوانها "لن تحتضر أشواقنا" يعود بالدرجة الأولى إلى أصدقائها الذين شجعوها، وقد قامت بقراءة بعض الأبيات من هذا الديوان.وتخلل هذا اللقاء تقديم الأستاذة صفية أكطاي هدية أحسن قارئ التي نالها القارئ عبد الهادي بزاخ، ليختتم اللقاء بقراءة عبد الكريم عباسي فقرة من روايته "ميلاد الوهم والتيه".
في اللقاء الموالي الذي نسق أشغاله نور الدين الدوامي في موضوع حول تجربة الروائي ابراهيم الحجري من خلال روايته "صابون تازة"، مشيدا بالطريقة التي استثمرت بها الرواية الثقافة الشعبية في عنونة روايته. وفي كلمته نوه ابراهيم الحجري بالمشرفين على المعرض لإخراجهم الثقافة من القاعات الخاصة إلى الشارع العام، مؤكدا أيضا على أن المبدع لا يكتب من فراغ ولا يأتي من عدم بل من تراكم الخبرات والتجارب، مؤكدا على الدور الكبير الذي لعبته البادية في بناء مخياله الأدبي، لأن المكان بالنسبة له عبارة عن شحنة إضافية للإنسان المبدع.
وفي جلسة اعتراف بالمثقفين وعطاءاتهم، أكد شعيب حليفي على ضرورة تشييد ثقافة الاعتراف، معتبرا هذا اللقاء عربون محبة واعتراف بالمجهودات التي بذلتها كل من صفية أكطاي والطاهرة حجازي ومالكة طالب ومالكة عسال في الثقافة المغربية وفي العمل الجمعوي، ليقدم محمد فالح كلمة في حق عن الأديبة صفية أكطاي منوها بالدعم الكبير الذي تقدمه لفائدة الطلبة، وفي كلمتها نوهت الأستاذة صفية بهذه البادرة وبالدور الكبير لهذا المعرض في النهوض بالثقافة في المغرب، وقدمت لها درع التكريم مالكة غبار، في حين تكلفت زهيرة أيت بعيس بتقديم ورقة عن الشاعرة الطاهرة حجازي والدور الكبير الذي تلعبه في العمل الجمعوي، لتعبر المحتفى بها عن خالص اعتزازها وفخرها بهذه الالتفاتة وبتواجدها بهذا الحفل، وقدم لها درع التكريم المقاوم محمد برهماني، أما نسيمة النيسابوري فقد أكدت على أهمية الاحتفاء بنساء المجتمع، وقدمت ورقة تعريفية بالشاعرة مالكة طالب، ونظرا لغياب المحتفى بها نابت عنها ابنتها فاطمة الزهراء التي تسلمت درع التكريم من طرف الشاعرة أمينة الإدريسي، وقبل الختام أشار منسق اللقاء إلى أن مالكة عسال تعذر عليها الحضور ونابت عنها بثينة الليلي التي سلمها درع التكريم محمد عرش.
ومن الاحتفاء بالنساء إلى تقديم أعمال مجموعة من المبدعين، بحيث قامت صفية أكطاي بتقديم ورقة أشارت فيها إلى الأهمية القصوى لأدب السجون في الحياة العامة، وأن الحديث عن أدب السجون هو احتفاء بالحديث عن المحظور، لتقدم بثينة الليلي مدخلا عن الكاتب محمد ازويتة، الذي أكد في كلمته على أن كتابه " ميشيل فوكو وقضايا السجون " هو محاولة للبحث عن بدائل جديدة غير السجن. كما عرفت صفية أكطاي الحضور بكتاب " العين والليل " لعبد اللطيف اللعبي الذي اعتبرته من أبرز الكتابات الأدبية الخاصة بالسجون، وقدمت بعد ذلك نبذة عن الكاتب محمد شروق، الذي قدم كتابه " أنا والسرطان " معبرا عن تجربة رائدة في مجال الكتب العلاجية بالمغرب.
واختتم هذا اليوم بندوة في موضوع " الشباب وعصر إثبات الذات "، سير أشغالها محمد فالح الذي اعتبر أن الشباب هم مستقبل هذا الوطن ومن له القدرة على النهوض بالمجتمع، وأكد محمد الخسواني في ورقته على أن المبادرة الحرة والمسؤولية والمثابرة هي طريق إثبات ذات الشباب، أما عبد اللطيف خربوش فقد أشار إلى إشكالية عزوف الشباب عن الندوات وعن التفاعل مع الأنشطة الثقافية، وأنهى هشام أيت علا الندوة بتأكيده على أن إثبات الذات مسألة فطرية في الإنسان .
اليوم الثالث عشر (الخميس 21 أبريل2016) :
افتتحت أنشطة اليوم الثالث عشر باللقاء التقديمي مع الإعلامي محمد الغيداني، الذي قدم مؤلفيه: "الإعلام السمعي البصري الأمازيغي ومسألة الهوية" وكتاب "للإذاعة المغربية أعلام"، نسق أشغال هذا اللقاء الزهرة الغلبي التي قدمت نبذة عن الكاتب وتكوينه المعرفي والعلمي، واعتبرت مؤلفه الثاني "للإذاعة المغربية أعلام" بادرة حسنة كونه أول وثيقة تؤرخ للإعلام الإذاعي المغربي. وفي كلمته اعتبر الإعلامي محمد الغيداني أن كتابه الأول دفاع عن الإذاعة الأمازيغية التي لم يؤرخ لها أحد، أما الكتاب الثاني فهو تجميع للأعلام المغاربة في مجال الإعلام.
وتكلفت مؤسسة الزرقطوني، في ثاني نشاط لهذا اليوم، بتقديم كتابين: الأول هو كتاب "ذاكرة مقاوم" للحاج بوشعيب مؤدب، والثاني كتاب "مسار مقاوم" لفاطمة الأزرق، في لقاء سير أشغاله أسامة الزكاري الذي أشاد بالدور الكبير الذي لعبه بوشعيب مؤدب خلال فترة الاستعمار، مشيرا إلى أن تجربته تجربة غنية وثرية. وفي كلمته أعاد بوشعيب مؤدب الذاكرة إلى علاقته بالشهيد محمد الزرقطوني وعديد القصص التي عاشوها إبان الاستعمار، ليختتم اللقاء بمداخلة فاطمة الأزرق نجلة المقاوم محمد الأزرق التي نوهت بالمجهودات التي يبذلها كل من المشرفين على المعرض وأعضاء مؤسسة الزرقطوني، وقدمت سيرة والدها وبعض الشذرات عن تجاربه وأصدقائه، وقالت أنها اعتمدت في كتابها على الرواية الشفهية كمصدر أساس، نظرا لاحتفاظ ذاكرتها بكل ما كان يسرده الوالد في الطفولة.
ومن ذكريات رجال الماضي إلى جهود شباب الحاضر، قام مجموعة من الطلبة الباحثين بتقديم ثلاث روايات في لقاء نسق أشغاله محمد فالح، منطلقا من كون الرواية استطاعت استقطاب مؤلفين من حقول معرفية مختلفة، لقدرتها على تضمن موضوعات متعددة، واعتبر الرواية ككرة ثلج ساقطة من أعلى الجبل تجمع بصيغها المختلفة كل ما تجده في طريقها. واهتم المهدي أيت بعراب نيابة عن الباحثة سارة الأحمر التي تعذر عليها الحضور، بتقديم رواية "ساق الريح" في ورقة وسمتها الباحثة سارة ب"الكتابة والحلم في رواية ساق الريح لليلى مهيدرة" اعتبرت فيها أن الحلم هو محرك هذه الرواية المتعيشة على أجناس أخرى كالرسائل والأشعار والمونولوج، وأكد في النهاية على أن كل كتابة إنما هي حلم وتحرر من قيود الواقع. أما لطيفة لمغاري التي قدمت رواية "طقوس العبث" لعبد الرحيم بهير، فقد أشارت إلى أن هذه الرواية جعلت من الحيرة النفسية أمام المعتقد متنا خاصا لها، اشتغلت عليه من زوايا المادية والعقلية.
واختتم مداخلات هذا اللقاء عبد الجليل أنوار بتقديم ورقة نقدية حول رواية "دوار الكية"، عنونها ب"شعرية المكان في رواية دوار الكية لهشام ناجح" أشاد فيها باحتفاء هذه الرواية بالمحلية الطافحة مكانا وزمانا وأحداثا وشخصيات واعتبرها بمثابة تأريخ لمنطقة دكالة، لينتهي اللقاء بكلمة للروائي عبد الرحيم بهير الذي أشاد بهذه الالتفاتة متحدثا عن عوالمه الروائية التي يتقاطع فيها التخييلي بالواقعي بهواجس الكاتب التي لا تفتأ تولد مع كل رواية .
اليوم الرابع عشر (الجمعة 22 أبريل2016) :
شهد اليوم الرابع عشر أنشطة جديدة افتتحتها الأستاذة صفية أكطاي بلقاء تكريمي، احتفت من خلاله بالفاعلة الجمعوية مليكة غبار، التي عبرت عن سعادتها بهذا التكريم واعتبرته بادرة طيبة تشجع على إكمال المسير في خدمة الثقافة المغربية، وفي كلمتها نوهت صفية أكطاي بالمجهود الكبير الذي تقوم به مليكة غبار في تقريب الثقافة من المواطن بإنشائها مجموعة من المكتبات.
وعرف اللقاء الثاني الذي نسق أشغاله القاص أنيس الرافعي تقديم مجموعة من الأعمال القصصية،. أولها مع القاصة فاطمة الزهراء رياض،التي قالت بأن كتابة المرأة شكل من أشكال النضال ونافذة تطل من داخل كوكب النساء، مؤكدة على أن القصص التي كتبتها تكون قد عاشتها فعلا في الواقع أو في حياة موازية، أما القاص عبد الهادي الفحيلي فقد صرح بالصعوبات التي تواجهه في نشر أعماله القصصية، وقرأ نصا قصصيا يحمل عنوان " العقرب الذي لسع وجهه "، ليختم اللقاء بكلمة للقاص إبراهيم أبويه الذي اعتبر القصة القصيرة جدا ملجأ آمنا في الكتابة، لينهي كلمته بقراءة بعض من نصوصه القصصية.
ومن الجو الإبداعي إلى الجو التربوي، قام د/أحمد رزيق بتنسيق لقاء قدم من خلاله كتاب " تدبير الاجتماعات وتنشيط المجموعات " لمؤلفيه د/عطاء الله الأزمي ود/عبد اللطيف جابري، وتطرق منسق هذا اللقاء لمجموعة من الجوانب المميزة له، واعتبره ملأ الفراغ الذي لطالما رافق المكتبة المغربية. وفي كلمته أقر عطاء الله الأزمي على أن هذا الكتاب جاء لتوحيد تقنيات الاجتماعات؛ وهو ما ثمنه د/الميلود العثماني حينما قال بأن هذا اللقاء تشجيع للكاتب المغربي وتشجيع للثروة الثقافية المغربية، معتبرا أن هذا الكتاب يحتوي على ميزة تميز قرننا وهي العقلانية بمعناها الدال على التنظيم والمراقبة.
واختتمت أنشطة هذا اليوم، بلقاء اجتمع فيه ثلة من النقاد الشباب، سير أشغاله محمد محي الدين الذي وضع أرضية أشاد فيها بالمنجز السردي للكاتب والناقد بوشعيب الساوري، وقدم نبذة عن هذا الكاتب وعن بعض أعماله. المداخلة الأولى كانت لمحمد عرش الذي تطرق في ورقة وسمها ب "قراءة في ترجمة: رحلة مراقب صحفي إلى المغرب" أشاد فيها بالطريقة التي اعتمدها الساوري في ترجمته لهذا المؤلف، حيث قام بوضع النص الأصلي إلى جانب النص المترجم، أي أن المترجم يتوخى الموضوعية في عمله، كما أشار إلى أن هذا الكتاب يجب قراءته في أي تخصص لأنه قد يفيد المؤرخ والسوسيولوجي والروائي. أما المداخلة الثانية فكانت لعبد الحكيم جابري في ورقة وسمها ب "ملاحظات على كتاب: رحلة إلى المغرب" أشار فيها إلى أن الساوري اختار هذا الموضوع ليترجمه انطلاقا من عاملين، أولهما الاشتغال بالنص الرحلي وانتماؤه لمنطقة دكالة التي ارتحل إليها الرحالة. أما نسيمة نسابوري فقد اختارت لورقتها عنوان "قراءة في كتاب الناقد محمد داني: في شعرية الرواية المغربية (قراءة في المنجز السردي لبوشعيب الساوري)" أوضحت فيها إلى أن مؤلف هذا الكتاب (محمد داني)، اعتبر أن المنجز السردي للساوري يقوم على تعالق الفكري بالجمالي، واعتبرت أن خطاب الساوري الروائي إنما هو خطاب مبدع ومثقف، هذا ما دفع الناقد لدراسة المنجز السردي لهذا الروائي. أما محمد شقران فقد وسم ورقته ب" تشكل النسق الروائي ضمن مشروع بوشعيب الساوري: رهانات روائية، قراءة في الروايات المغربية"، طرح فيها إشكالية الواقع بين السينما والرواية في علاقة الاقتباس والاستنبات، ليقدم فؤاد حجاجي ورقة عنونها ب" استراتيجية التناص في بنية النص الروائي "غابت سعاد" وتشكله"، استهلها بتقديم الرواية، ثم انتقل إلى محور مداخلته التي عالجت استراتيجية التناص في بنية الرواية وتشكلها وكيفية بنائها. وأشار محمد الذهبي في ورقته المعنونة ب" إصرار البوح والكتابة" إلى أن الطريقة التي يحضر بها مفهوم الكتابة داخل الحكي ، والطريقة العالية الجودة التي كتب بها النص الروائي "إصرار"، لينهي بوشعيب الساوري هذا اللقاء بكلمة شكر الباحثين على أوراقهم النقدية الرصينة ، وأكد أيضا على أن الخيط الناظم لأعماله الروائية هو الحضور القوي للمرأة، وصرح كذلك على أن مساره مع الكتابة ابتدأه كناقد، ليصل بعد ذلك إلى الترجمة والإبداع الروائي.
اليوم الخامس عشر ( السبت23 أبريل2016) :
انطلقت أشغال اليوم الخامس عشر (اليوم السبت 23 أبريل 2016) من الأنشطة الثقافية بالمعرض الوطني للكتاب المستعمل، ، بلقاء مفتوح مع الشاعرة مليكة عسال من خلال قراءة في كتابها "لطيف المقال في الأدب والترحال"، قامت بها خديجة الزاوي، وسير أشغاله محمد فالح الذي اعتبر الرحلة نصا ثقافيا لما يحمله من معارف، فهو مادة خصبة للباحثين من شتى المجالات، كما أشار إلى الضعف الذي يصل حد الافتقار إلى كاتبات للرحلة، أما خديجة الزاوي فقد اعتبرت أن تجربة مليكة عسال تجربة متميزة لما تحمله من رؤية للعالم ومحطات تاريخية مهمة تموقع الذات الكاتبة في التاريخ، كما تناولت اللغة باعتبارها حاملة لميولات وأحاسيس الكاتبة من خلال جمع هذه اللغة بين الشعري والنثري، فيما تحدثت مليكة عسال عن تجربتها مع هذا النوع السردي وتناولت الصور باعتبارها حاملة لدلالات مستقلة ولا تكمل دلالات اللغة المكتوبة.
كما حضرت إلى القاعة القاضية السابقة والحقوقية والجمعوية زهور الحر التي سرت كثيرا بالاحتفاء بها في مسقط رأسها (ساحة السراغنة)، وأجابت عن أسئلة القاعة المتعلقة بالمسائل القانونية.
كما جرى الاحتفاء في هذا اليوم، بواحد من أعلام المقاومة المغربية وهو محمد بن عبد القادر الشتوكي، حيث قدم د/محمد معروف الدفالي ورقة عن مسار المقاومة بالمغرب، ودورها في تشكل الوعي الجمعي إذ امتلك المغاربة في نظره وعيا متقدما بدليل أننا من أواخر من استُعمر ومن أوائل من حصل على الاستقلال، وقدم د/ علال ركوك ورقة حث فيها على ضرورة تدوين وكتابة الذاكرة الجمعية للمقاومة المغربية عبر تجميعها من ألسن المقاومين من أمثال محمد بن عبد القادر الشتوكي .
واختتمت أشغال هذا اليوم بقراءات في روايات مغربية، في لقاء نسق أشغاله محمد فالح الذي حث على ضرورة القراءة النقدية للرواية المغربية، وأشاد بالجهود الذي يقوم به ثلة من الباحثين في هذا الباب، وفي مداخلته أشار نورالدين بلكودري الذي أنجز ورقة في رواية "أضاعوني" لعبد الرزاق بوتمزار عنونها ب " سيرة الأمل والألم"، اعتبر فيها أن السيرة تحكي متنوعة تركت أثرها في نفسية الكاتب، وأن هذا العمل يسافر بنا إلى طفولته. وفي ورقة أخرى بعنوان "تبدل القيم وفضح الواقع"، قام بها رضوان متوكل في رواية "أحلام فراشات" لمحمد فهيد، أشاد فيها بقدرة السارد على وصف الواقع والتاريخ، وأن الروائي سعى إلى إصلاح المجتمع وتغييره بعودة الأفراد إلى القيم المثلى. أما ناصر ليديم الذي اختار لورقته عنوان "رواية واقعية من وحي الخيال" تناول فيها رواية "روائح مقاهي المكسيك" لعبد الواحد كفيح، أشار فيها إلى التقاطع بين الواقعي والتخييلي من خلال التأكيد على الغنى المعرفي والتعبير الواعي عن مجتمع يتغير مع السياق السوسيوثقافي.وفي مداخلة ثانية لنورالدين بلكودري وسمها ب"تشكلات الوعي في درب المعاكيز" لسعيد الشفاج، اعتبر أن الكاتب يتوارى خلف البطل ليحقق الالتباس بين الكاتب والسارد، ويدخل القارئ في لعبة القبض عليه في هذه التجربة الحافلة بالمفاجآت والانكسارات والأفراح المؤقتة، وفي شهادة للكاتبين عبد الواحد كفيح وعبد الرزاق بوت مزار، تطرقا إلى تجربتهما من وجهة نظر فنية في تلاحمها مع الذاتي والمجتمعي .
اليوم السادس عشر ( 24 أبريل2016):
في هذا اليوم ، السادس عشر،اختتمت أنشطة الفترة الثانية بجلسة صباحية في موضوع "الكتبي في المجتمع المغربي" ليوسف بورة رئيس الجمعية البيضاوية للكتبيين، سير أشغاله القاص أنيس الرافعي الذي عبر عن سعادته لتقديم أحد المناضلين الثقافيين والجمعويين، وأشار إلى دور يوسف بورة في إرساء فكرة الثقافة في الشارع بتأسيسه للمعرض الوطني للكتب المستعملة. وفي كلمة يوسف بورة رئيس الجمعية البيضاوية للكتبيين، أشار إلى أهمية الكتبي في التاريخ الثقافي للبشرية، وعلى أن هذه المهنة ظهرت في المغرب في مدينة فاس، ومع مرور الوقت ازداد عدد الكتبيين في المدن، هؤلاء كان لهم الفضل على عديد المثقفين في مدهم بمجموعة من الكتب، كما نبه إلى ضرورة تقنين مهنة الكتبي الذي يشتغل دون إطار قانوني، منهيا حديثه بحلمه الكبير هو وجميع الكتبيين المتمثل في إنشاء قرية الكتاب. وقد تدخل في هذا اللقاء عبد اللطيف حباشي الذي دعا إلى ضرورة التساؤل حول إمكانية اعتبار مهنة الكتبي مهنة حقا، وأشار إلى أن المشاكل التي يعانيها الكتبي مردها تراجع نسب القراءة وتدهور المنظومة التعليمية.
اللقاء الموالي كان مع الباحث السوسيولوجي مصطفى أبو مالك، نسق أشغالها عبد اللطيف حباشي الذي اعتبر هذا اللقاء دردشة مفتوحة حول الأعمال الميدانية للباحث أبو مالك حول إشكالية العزوبة، وشارك في هذه الجلسة عبد المجيد الجهاد الذي صرح بافتخاره بالصداقة المعرفية التي تربطه بمصطفى أبومالك، وأشاد باهتمام هذا الأخير بكل ما يتعلق بالأسرة عامة وبالعزوبة داخل المجالين القروي والحضري على وجه الخصوص. أما مصطفى أبو مالك فقد بين أسباب اختياره لموضوع العزوبة نظرا لرغبته الدائمة في الابتعاد عن المواضيع السهلة والمستهلكة، وأن أسباب العزوف عن الزواج هي أسباب مادية ونفسية بالأساس.
وقدم مجموعة من تلاميذ ثانوية عبد الخالق الطريس التأهيلية بسيدي مومن تحت إشراف أنوار عبد الجليل، مجموعة من الأنشطة المسرحية المتمثلة في رقصة موسيقية على أنغام "يما" لسعيدة فكري، ثم لوحة مسرحية ترصد المراحل التي قطعها التعليم المغربي ليصل إلى ما هو عليه الآن، إضافة إلى لوحة ميمية تطرقت لمعضلة المخدرات التي باتت تنخر أوساطنا التعليمية، وتخلل كل هذا قراءات شعرية لكل من التلميذ الزبير، وعبد الكريم، والتلميذة مريم هواري.
وافتتحت الأنشطة المسائية، بلقاء إبداعي لطلبة الأدب العربي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك، وهم: آسية ادراعو، المهدي أيت بعراب، كوثر الصحراوي، يوسف اكبار، زهيرة أيت بعيس، إبراهيم اجويش، أنس هاشيم، يوسف يتيم، محمد بادو، ونسق أشغاله شريشي المعاشي الذي أشار إلى ضرورة إبداع الطلبة في مواضيع تبدو معقدة ويصعب الخوض فيها، وقد نوه بهذه المحاولات الناجحة على حد قوله في كتابة نصوص إبداعية على لسان ذبابة، جاء بعضها لمحاكمة الواقع، والبعض الآخر اعتد السخرية والمفارقة العجيبة. ليختتم اللقاء بنص حكائي للطفلة مريم الشاوي.
كما كان اللقاء مع الروائي عزيز بنحدوش مميزا حيث سير أشغاله عبد اللطيف خربوش الذي وضع أرضية قدم فيها نبذة عن الكاتب ومساره المعرفي، منوها بأعماله الروائية "جزيرة الذكور" و"أسنان شيطان". وفي مداخلته التي وسمها ب"استراتيجية البوح ومتعة القراءة في رواية أسنان الشيطان" أشار فيها أيت علا موسى إلى أن هذا النص يمكن تناوله من مداخل متعددة أبرزها أن ارتكاز الرواية على تيمة الوطن، واعتبارها بمثابة تصوير فوتوغرافي لوضع هذا الوطن باعتمادها أسلوب التذويت، واختتم هذا اللقاء بكلمة المحتفى به الذي أقر بعلاقة رواياته بالواقع المغربي المر، وأن الإنسان المبدع في هذا الزمن لن يكتب إلا الوجع والصراع وأن أعماله تتحدث عن الفساد الذي يسود المجتمع.
وأشرقت القاعة بإبداعات تلاميذ ثانوية ولادة: خديجة المالكي، يوسف كطني، نعيمة شجرة، وليد مشاط، إكرام الوكال، هشام لعلج، نوال الصديقي، أنس العامري، يونس أشمرار، شيماء السراري. تحت إشراف محمد محي الدين، في لقاء سيرت أشغاله التلميذة مريم بناني التي وضعت أرضية قدمت فيها لمحة عن الخيال العلمي الذي اعتبرته تخمينا واقعيا عن الأحداث المستقبلية، لتتوالى النصوص الإبداعية التي تناولت تيمة مدينة الدار البيضاء من منظور خيالي محض، ينم عن المخيال الواسع لهؤلاء التلاميذ.
واختتمت لقاءات هذا اليوم بتقديم قراءات نقدية لمجموعة من الروايات العربية فازت بجائزة حورس العربية، في لقاء نسق أشغاله شريشي المعاشي الذي أشار إلى أهمية الدراسة النقدية للمتن الروائي العربي، وكانت أول مداخلة من نصيب إبراهيم أزوغ من خلال ورقة وسمها ب"السرد بلغة الشعر أو الرواية قصيدة" تناول فيها رواية "إليها المسير" لبغداد السايح على أنها إدانة لقيم الخيانة والغدر واحتفال باللغة ومكابرة لكتابة الرواية بلغة شعرية تقف من خلالها على المقاومة وتجارة القيم. أما سالم الفائدة فقد اختار لورقته عنوان "غراب أسود يحلق فوق المدينة" درس من خلالها رواية "ملامح مستعارة لوجه يبدو عليه الموت" لمجدي محمد، حاول من خلالها رصد تجليات وتمظهرات الموت عبر مفاصل المجتمع كما عرض طبيعة المعجم الموظف، في حين قام محمد محي الدين بقراءة رواية "ابتشاك" لعلاء الدين الذي خاض في موضوعة الربيع العربي، وحاول من خلاله وصف العالم بعين أنثوية وهي عين الأنثى الساردة وأيضا تعرية نظام مقيت وكشف عن التحول السلبي الذي حصل لمصر المتفككة جراء تناوب حكم العسكر على اغتصابها واختم هذا اللقاء بمداخلة ميلود الهرمودي ( ناب عنه إبراهيم جويش)، وارتكزت مداخلته على قراءة رواية "دروب الآلهة" لمريا سورياك، حيث اعتبر أن الكاتبة اشتغلت على محكي التاريخ وعادت إلى غزو الفرس لمصر الفرعونية والعودة إلى التاريخ هنا، تؤشر على مجموعة من المخاطر التي أغدقت الواقع المصري الحديث، أي أن وعي الكاتبة بالماضي كان سببا لازدياد وعيها بالحاضر.
الفترة الثالثة 25-30 أبريل:
عبد النبي غزال- المصطفى المصمودي – حسن بشري
اليوم السابع عشر ( 25 أبريل2016) :
افتتحت يوم الاثنين 25 أبريل، أنشطة الفترة الثالثة من الأنشطة الثقافية المخصصة للقصة والمسرح والسينما، في سياق الدورة التاسعة للمعرض الوطني للكتاب المستعمل بساحة السراغنة ، وذلك بمجموعة من اللقاءات الثقافية، كان أولها في موضوع "العزوف على القاعات المسرحية"، الذي سيّر أشغاله ياسين مرنيس، الذي افتتحهُ بالتنويه بالمساهمةِ الفعالة لمختبر السرديات في تكريس ثقافة شعبية تقترب من هموم المجتمع والثّقافة.
وركز حسن بنزعرية في مداخلته الموسومة ب" قيمة الجمهور داخل القاعات المسرحية" على إشكالية التلقي في المشهد المسرحي المغربي، وهي إشكالية يشترك فيها النص المسرحي مع سائر النصوص الإبداعية الأخرى، وإن كان المتلقي في العرض المسرحي ذو خصوصية نوعية ممثلة في كونه نصا يقرأ و يعرض، مؤكدا أن هناك 'شروخ حقيقية بين الجمهور والمسرح اليوم لتظافر مجموعة من العوامل يتداخل الثقافي بالسياسي بالاجتماعي. وقد عزا أنس هاشيم في مداخلة عنونها ب" أسباب العزوف على القاعات المسرحية"، هذه الفجوة بين المسرح والمتلقي إلى تأثير الثورة التكنولوجية على الإبداع والتلقي في عصر ينعت عادة حضارة الصورة، حيث سرقت الثورة التكنولوجية هذا الجمهور فتخلى عن عادة الذهاب إلى القاعات المسرحية، على قلتها. ناهيك عن غياب عرض مسرحي قوي وجذاب، فضلا على حداثة الفن المسرحي بالمغرب.
أما المهدي أيت بعراب الذي أعدّ ورقة بعنوان "الواقع المسرحي المغربي : ملاحظات هاو"، فقد عالج إشكالية هشاشة الثقافة المسرحية عند الإنسان العربي عموما، بحكم هشاشة هذا الفن في المشهد الثقافي العربي والمغربي على حد سواء. وكذا بحكم غياب سياسة ثقافية تعتبر الثقافة حقا مشروعاٌ ومدخلاٌ للتنمية.
وقد تفاعل الجمهور الحاضر مع هذه المداخلات بشكل جعل هذه الإشكالية تنفتح على أسئلة أخرى تلتقي حول الأزمة التي تعيشها الثقافة المغربية بشكل عام سواء على مستوى التلقي، أو على مستوى الكتابة في ظل عولمة ثقافية تسعى إلى تنميط ثقافي يكرس هيمنة ثقافة الاستهلاك، وتحارب كل الخصوصيات الثقافية الوطنية.
أما الجلسة الثانية فقد قدم فيها إبراهيم أزوغ كتاب "الخبر والحكاية" لبشرى قانت. الذي اعتبره تتميما للمشروع النقدي السردي للأستاذ سعيد يقطين، باعتباره سباقا إلى تفكيك بنية الخبر والحكاية، عارجا على بنية التأليف فيه (فصوله وأبوابه)، ومذكرا بمساهمة الناقدة في أثراء النقاش حول المنجز السردي التراثي بغية التأصيل لعملية السرد في السياق الثقافي العربي الذي يراهن على إنتاج معرفة بالذات وبالواقع وبالذاكرة والتاريخ.
وفيما يخص الجلسة الثالثة، فقد خصصت لمساءلة التجربة الإبداعية لعبد الحميد الغرباوي التي تنمازُ بالتّنوعِ (القصة، الرواية، التشكيل)، إذ ركّزت المداخلة الأولى لميلود الهرمودي في قراءته لرواية "امرأة حلم أزرق" على آلية السخرية باعتبارها رؤية فنية تشتغل على ترميز الكائنات والأشياء والعوالم، أضف إلى ذلك اشتغالها على المجابهة الصراعية بين الحلم والواقع في حياة امرأة تتلون أحلامها بشكل يتساوق مع المواقف الحياتية في إطار من اللعب الحر باللغة السردية، في حين غاص إبراهيم اجويش في المجموعة القصصية "أكواريوم" ، في عالم البؤساء الذين جعل منهم الغرباوي نماذج بشرية يعبر من خلالها عن قسوة الحياة، حيث تصبح هذه الأخيرة مرادفة للفضيحة من جهة ومن جهة أخرى محفزة على النزوع نحو العبث في ظل واقع يعمق جراحات الوجود الصعب.
اليوم الثامن عشر ( 26 أبريل2016) :
بعد زوال اليوم الثامن عشر، تواصلت الأنشطة الثقافية ،وكانت البداية مع ثلاثة أوراق تتصل بموضوع (الكتابة الجدارية وحرية التعبير). حيث اعتبر عبد الجليل أنوار هذه الكتابة نصا يوميا ينكتب بعجالة وبتلقائية في نفس الآن على جسد الفضاء العمومي، وهي ظاهرة تعبر عن انشغالات أصحابها بما يعتمل داخل المجتمع المغربي، وإن كانت تثير حفيظة البعض الذي يعتبرها ظاهرة سلبية، كما ذهب إلى ذلك صاحب الورقة الثانية المهدي أيت بعراب الذي اعتبر أن كتابات الجماهير الرياضية (التراس) لا تخلو من عنف رمزي، وكذا من بعض الأبعاد العنصرية التي تشعل فتيل الصراع بين الشباب، والذي قد يتخذ شكلا دمويا.
أما محمد فالح فقد ربط بين الكتابة الجدارية وبين تلك الرغبة الدفينة في الإنسان إلى التعبير، حيث الكتابة تصبح استعادة للحق في الكلام. خصوصا وأن التربية التقليدية لا تفسح المجال لحرية التعبير، سواء داخل الأسرة، أو داخل المدرسة، أو في الفضاءات العامة. الشيء الذي يحول دون ترسيخ الحرية في التعبير، باعتبارها تجسيدا للوعي بالحق غي المواطنة، بل للحق غي الوجود.
وخصصت الجلسة الثانية لقراءات قصصية قدمها ثلة من القصاصين الشباب، الذين غاصوا في عمق المجتمع المغربي من خلال عناوين تتداخل فيها التيمات والقضايا ذات الصلة بالحياة الاجتماعية المغربية : "عصافير الجنة" و"الظل والمتشرد" (يوسف يتيم)، و"شموع باردة" (نادية أوان)، و"مونولوغ شيخة" و"حلم" (مهدي أيت بعراب). وقد كانت قصيدة القطيب التناني "الحب الإلهي" خاتمة هذه الجلسة القراءات التي تجاور فيها الشعر بالقصة.
الجلسة الثالثة صدحت فيها القصة بصوت يغوي المسامع بعد أن عاد التسيير فيها لأنيس الرافعي، الذي قدم في بدايتها القاص علي أزحاف، باعتباره صوتا قصصيا واعدا، آتيا من جغرافيا بيضاء (تطوان)، يخط من نسغها عوالم قصصية، جمعها تحت عنوان "نخب البحر"، ليقدم هذا النخب السردي للقارئ المغربي في شكل محكيات تحتفي بالعين (البعد البصري)، في حين ركزت كلمة محمد يوب على العوالم السردية في هذه المجموعة القصصية المتصلة، زمانيا، بتسعينيات القرن الماضي. لكن الزمن المتخيل يربك هذا الزمن الوقائعي، أما الشخصيات فيها فهي شخصيات انكسارية، دونجوانية، تعيش العبث على المستويين النفسي والاجتماعي، وتعبر عن فوضى الشباب المحتفي بالحياة حد الجنون. إضافة إلى أن اللغة القصصية في هذه المجموعة لم تفقد شعريتها المتناغمة مع الإحساس بالتذمر من منطق المواضعات العاقلة، يجسده الاحتماء بوعي قصصي يمتزج فيه الألم بالمتعة.
وقد أشار عمر العسري، في بداية مداخلته إلى ذلك التناغم، على مستوى الوعي بالكتابة، بين القصاص والناقد البشير القمري في تقديمه للمجموعة. إن هذه الأخيرة تنسج فرادتها من خلال التوازن الكمي والنوعي بين نصوصها (11 قصة).إذ كتبت بلغة مباشرة، وذات نفس سردي واحد، دون أن تفقد طاقتها التخييلية. إضافة إلى تداخل الخطابين: الذاتي والموضوعي فيها. ناهيك عن تعبيرها عن أزمة الفرد في واقع يغذي الإحساس بخيار العبث والفوضى. مما يمنح تلك النصوص طابعا وجوديا إلى جانب طابعها الأيروسي، أنه واقع يزرع الشك والحيرة والقلق في نفسية الفرد.
أما الورقة الثالثة فقد قدمها عز الدين بوركة الذي أنجز قراءة لديوان على أزحاف "ترانيم بوذا الصغير"، معتبرا أن القصيدة هنا قصيدة كريستالية جاءت شفافة، متقشفة، يطبعها الاختزال والتكثيف، عبر لغة شعرية تحتفي بترانيم بوذية صوفية تقف على حافة التوحد الوجودي.
مسك الختام في هذا المشهد الثقافي العمومي والمفتوح كان للقاص والناقد والباحث محمود الرحبي (عمان)، الذي اعتبره أنيس الرافعي ساردا للطبيعة الميتة، التي يزرع فيها المبدع الحياة عبر فعل الحكي. إذ قدم محمود الرحبي تقييما لتجربة علي أزحاف الشعرية والقصصية، معتبرا إياها معبرة عن الواقعية الإبداعية، فالشخصيات في قصص "نخب البحر" تجسد الضياع في عالم يغتال المعنى. بعدها قرأ نصا من مجموعته القصصية (مرعى النجوم).
اليوم التاسع عشر ( 27 أبريل2016) :
انطلقت الأمسية الثقافية لليوم التاسع عشر بتقديم الترجمة العربية لكتاب "الدار البيضاء والشاوية"، لنور الدين فردي، تحدث فيها شعيب حليفي عن قيمة الكتاب في التاريخ الجهوي، وقيمة الترجمة والوعي النقدي والتاريخي للمترجم. كما تحدث عن الدور الذي تلعبه مثل هذه التي أنجزها الفكر التبشيري الفرنسي بالمغرب، باعتباره يلقي الضوء على جزء مغمور من تاريخ المغرب حينئذ، وفي رؤية الباحث الغربي للشرق المتخلف؛ في حين تدخل الباحث والمؤرخ نور الدين فردي ليضع الكتاب في سياقه التاريخي والثقافي، مبرزا عددا من الأسئلة المتعلقة بالمؤرخ وبالمثقف وبالتاريخ الجهوي ثم الدار البيضاء والشاوية : هذه المنطقة التي أغرت المستعمر الفرنسي قبل عهد الحماية. إذ كانت انتفاضة الشاوية ايدانا باستعمار المغرب، لما لها من أهمية، وما تزخر به من خيرات. بعد ذلك تدخل أسامة الزكاري متحدثا عن سياق إنجاز الكتاب وأهميته باعتباره يتناول منطقة الدار البيضاء والشاوية تمهيدا للاحتلال الفرنسي، حيث شكل الكتاب دراسة مختبرية للبحث السوسيولوجي حول المغرب.
أما اللقاء الثاني فكان عبارة عن قراءة في منجز الباحث والصحافي محمد جليد "الخطاب الغربي حول الإسلام السياسي"، وقد سير اللقاء إبراهيم أبويه الذي أبرز الأهمية القصوى للخطاب الإسلامي في الساحة الغربية والعربية على حد سواء، ليتحدث أسامة الزكاري عن سياق ظهور الكتاب النّابع من الانفتاح على الانجاز الثقافي الغربي حول الخطابات السياسية الإسلامية، واعتبر عمل جليد انعطافةَ مهمّة في التناول العربي لهذا الموضوع الحسّاس، وخصوصا من خلال اعتماده على الثقافة الأنجلوسكسونية. وتعقيبا على ما جاء في بعض المداخلات، أعرب محمد جليد أنه من الصعب على الكاتب التحدث عن عمله، واعتبره