ضمن مشروع لجمع المجموعات القصصية للكتّاب العمانيين في إصدار واحد صدر عن (بيت الغشام للنشر والترجمة) مجموعة نوارس الحكايات للكاتب محمد بن سيف الرحبي التي تضم بين دفتيها خمسة إصدارات قدمها الرحبي في القصة القصيرة خلال العشرين سنة الماضية.
والإصدار هو الأول ضمن (سلسلة الأعمال شبه الكاملة) التي تنوي الدار تقديمها خلال المرحلة المقبلة خاصة أن معظم المجاميع القصصية العمانية الصادرة قبل سنوات لم تعد متوفرة للقارئ المتابع، في السلطنة وخارجها، ويتوقع صدور مجموعات أخرى لعدد من كتّاب القصة العمانيين.
تتضمن (نوارس الحكايات) المفتتح الذي قدمه الرحبي في مجموعته القصصية الأولى الصادرة في مسقط عام 1994 للعماد الأصفهاني الذي يلخص التجربة التي خاضها القاص في سعيه وراء الكتابة، يقول الأصفهاني: (إني رأيت أنه لا يكتب أحد كتابا في يومه إلا قال في غد لو غير هذا لكان أحسن، ولو زيد هذا لكان يستحسن، ولو قدم هذا لكان أفضل، ولو ترك هذا لكان أجمل، وهذا من اعظم العبر، وهو دليل على استيلاء النقص على جملة البشر).
وفي مقدمة الإصدار يتحدث محمد الرحبي عن مشروعه القصصي إذ يقول: سرنا على درب الحكاية، طويلا، وترددنا.. كثيرا، وبين حكاية وأخرى ثمة حكاية بقيت على حافة الشفاه تترقبنا، وعلى مدار ربع قرن من الالتصاق بالحكاية كتابة انسلّت الكلمات لترسم شخوصها وأحداثها ومتخيلها، لتقدم في عشرين عاما خمس مجموعات قصصية، تناثرت بين مسقط والقاهرة وعمّان وبيروت.. خمس خطوات، بها من أخطاء التجربة، وقصورها، ما لا يمكن القفز عليه، لأنه ما يعطي التجربة صدقها، والدرب خطوته الحقيقية بمنأى عن المراجعة والحذف والتعديل، فالجملة الواردة في الصفحات الأولى في المجموعة القصصية الأولى اختصرت ملامح الدرب على لسان الأصفهاني حيث إن كل عمل به من القصور ما يرى المرء فيه أوجها دائمة للتعديل وكتابة الأفضل.
ويبرر الرحبي إبقاءه على التجربة كما كانت بالقول (لتبقى الحكايات كما قيلت في حينها، بذات اللغة، على ذات الخطوات، بأخطائها وخطاياها، تروي مساراتها كما مرّت، وكيف تطورت ونضجت، وكيف تحولت، لا وجود لعمل كامل.. ولا لتجربة تدعي الكمال) مشيرا إلى أننا (مجبولون على النقص، وعلى ارتياد التجارب الجديدة في محاولة للاقتراب من الكمال، أو بالأحرى للتخفف من أوجه القصور قدر الإمكان).
ويتحدث محمد الرحبي عن علاقته بالقصة بالقول (منذ أن أغوتني الحكاية بكتابتها أردتها التعبير الذي يدهشني ككاتب في المقام الأول، لأنها مزاجي الخاص، ليراني الآخرون فيها الذات الباحثة عن فضاءاتها برسم ملامح الآخر، وإلباسه الحدث، مرورا بالمخيال القادر على فعل الدهشة ومقاربته مع واقعيات نكاد نلمسها تمشي بيننا وتنام في غرفنا، ونلقمها هواجسنا، وشهواتنا، وحروبنا.. مع أنفسنا، أو مع الآخرين، وبعد أن آوت مجموعاتي القصصية إلى النسيان، حيث نفاد الطبعة الأولى، أو تواريها لأسباب عدة، رأيت أن جمع الحكايات في إصدار واحد يعطي شاهدا على تجربتي القصصية، للقراء أو الباحثين، بدلا من البحث عنها منفردة، وغالبا لا تكون متوفرة) مشيرا إلى أن التجربة (شبه كاملة) حيث لا يمكن القطع بعدم وجود حكايات أخرى، وأيضا (لا كمال للأشياء، في فعل الكتابة أو كتابة الفعل).
يذكر أن محمد بن سيف الرحبي أصدر خمس مجموعات قصصية نثر فيها عشرات القصص، بدأت ببوابات المدينة في مسقط عام 1994، ثم ما قالته الريح عن دار الشروق في القاهرة عام 1999، وبعدها أغشية الرمل عن دار أزمنة في عمّان عام 2002 ثم وقال الحاوي والصفرد يعود غريبا الصادرتين في بيروت عامي على 2008 و2012 على التوالي.