التزامات الحكومة وملف التشغيل
الزهرة الغلبي*
يعتبر المغرب من بين البلدان التي توجد بها كثافة سكانية تتجاوز 34 مليون نسمة ، أكثر من 50 بالمائة من المتمدرسين وحوالي 40 بالمائة من الأميين ،11 مليون منها ساكنة نشيطة حيث تتأهل لعالم الشغل كل سنة ما بين 173 ألف إلى 248 ألف مواطن ومواطنة ، وحتى نتمكن من الحفاظ على معدل البطالة لا يتجاوز مليون عاطل في السنة يجب خلق 200 ألف منصب شغل للسنة ، في حين أن البطالة تتزايد كل سنة نظرا لعدم تدبير هذا الملف من قبل مؤسسات الدولة ، وبالتالي يجب الوقوف عند هذه الأزمة التي تؤرق الفئة النشيطة والشابة في المغرب وتُفقدها الإحساس بالعيش الحسن، وتقتل الأمل لديها .
فإذا لم نستطع أن نجد عملا قارا لهؤلاء الذين جاهدوا وثابروا حتى الحصول على شواهد عليا ،أي بعد جهد مرير ،وهم نخبة البلاد ، فكيف يمكننا أن نوفر الشغل والكرامة لغير المتمدرسين ، لذا يجب على كل القوى الشريفة و الضمائر الصاحية في هذا الوطن أن تقوم بنقد ذاتي بناء لهذا المشهد ، كي تدرس هذا الملف وتخفف من ثقله على المجتمع، إلا أنه إذا استمرت هذه المفارقة غير الصحيحة سنجد أنفسنا يوما في مكان لا نحسد عليه ، وبالتالي قد تفتح أمامه صعاب ومعيقات يستحيل إيجاد حل لها، فإما أن نكون أو لا نكون، إما أن نضع حدا للسياسات غير العادلة في التشغيل ، وإقرار المساواة ، أقول المساواة وأركز على هذه الكلمة ، فإذا استفادت فئة من التوظيف المباشر بواسطة مرسوم وزاري فيجب أن تستفيد منه الفئات الأخرى كذلك ، خاصة إذا أخدنا بعين الاعتبار كون الامتحانات في هذا البلد يستحيل أن تعرف النزاهة نظرا لوجود فئات لا تريد ذلك.
وإما سنضطر للخوض في غمار مليء بالأخطاء و السبب في ذلك يرجع إلى سوء التسيير والتدبير من قبل مؤسسات الدولة ، خاصة أن القانون ينص على استمرارية المرفق العام ، لأننا أصبحنا نعيش تراجعات على مستوى التزامات الحكومات، مثال على ذلك مشكل الأطر العليا الموقعة على محضر 20 يوليوز ، التي تتكون من أربع تنسيقيات : تضم التنسيقية الوطنية للأطر العليا المعطلة ، والتنسيقية الموحدة والأولى والمرابطة ، تشكلوا بعدما تم تلبية نداء الحكومة السابقة ، والذي تدعو من خلاله الأطر العليا المعطلة والحاصلة على الشهادة سنة 2010 وما قبلها التهاطل على مدينة الرباط من أجل تشكيل مجموعات ووضع الملفات في إطار التوظيف المباشر ، تم توظيف الدفعة الأولى في سنة 2011، وتم الالتزام مع الدفعة الثانية والتي تتكون من التنسقيات الأربع السابق ذكرها، الأمر الذي شكل أزمة بين رئاسة الحكومة ومجموعات المعطلين الموقعة على محضر 20 يوليوز 2011، بعد أن التزمت الحكومة السابقة، تحت ضغط الشارع وقرب موعد الانتخابات بموجب محضر وقعه ممثلو المجموعات المعنية، والوزير الأول السابق ووزير تحديث القطاعات العامة وعامل ملحق بولاية جهة الرباط – سلا – زمور - ازعير،بضمانة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، يقضي بتوظيف حملة شهادة الماستر وما فوقها برسم سنة 2010 وما قبلها بشكل مباشر واستثنائي، وبرمجة المناصب المالية الخاصة بهذه العملية في القانون المالي لسنة 2012، قبل أن أصدرت الحكومة بتاريخ 8 أبريل 2011 مرسوما بالجريدة الرسمية يقضي بتنفيذ مقتضيات هذا الاتفاق، غير أن الحكومة الجديدة و بعد أن أكد وزير الاقتصاد و المالية نزار البركة و الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالشؤون العامة و الحكامة وزير وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى الخلفي ورئيس الحكومة بنكيران .. ، التزامهم بالمحضر تم التراجع عن ذلك ، و عمل رئيس الحكومة على وضعه في الأمانة العامة للحكومة من أجل التنصل من هذا الملف الذي يؤرق الجميع حسب تصريحات بعض وزراء حكومة بنكيران .فلجأوا إلى المقاربة الأمنية ، تلخصت في التدخلات الهمجية ، لتتراجع بعد ذلك عن التزاماتها بعد أن تجاوز انتظار التوظيف حول كاملا .
*باحثة في الدكتوراه
كلية الآداب بنمسيك الدار البيضاء