الإبداع والشخصية المغربية
الزوهرة صدقي
تتواصل اللقاءات الثقافية في خيمة الندوات بمعرض الكتاب في دورته الرابعة بساحة السراغنة – الدار البيضاء ؛ في ما يلي يوميات أخرى ..
الاثنين حادي عشر أبريل
شهدت جلسة هذا اليوم احتفاء خاصا بالرواية المغربية من خلال حضور الروائيين مصطفى لغتيري وسعيد العلام ،حيث افتتحت سلمى براهمة ، منسقة اللقاء الجلسة معرفة بالمسار الإبداعي لمصطفى لغتيري، الذي بدأ بكتابة القصة القصيرة، ثم القصة القصيرة جدا، وأخيرا الرواية ، ،مبرزة احتفاء الكاتب بالحكاية التي يستقي أحداثها من اليومي المغربي العربي والإفريقي، بذل دخوله غمار التجريب وانشغاله بالتقنية.
بعد ذلك تناول الكاتب متحدثا عن رواياته الأربع: "رجال وكلاب"، "عائشة القديسة"، "ليلة إفريقية"، و"رقصة العنكبوت"، كما تعرض للمراحل التي عرفتها الرواية المغربية، مؤكدا فقدان هذه الأخيرة لقارئها منذ انشغالها بقضايا الكتابة والتجريب بدل الانشغال بقضايا الإنسان ، كما أوضح أن رهانه الأساسي منصب على المتلقي العربي، من ثمة يأتي اهتمامه باللغة العربية.
أما سعيد العلام صاحب رواية"مدائن نون"فقد أوضح أنه جاء إلى الرواية من الفلسفة والقانون،يحذوه طموح قوي للوصول إلى الكونية، وبلوغ القارئ أينما كان، لذلك يمتطي صهوة الأسطورة ، ويتعالى عن الزمن والمكان، وتكون موضوعة الرواية الأساسية الوجود الإنساني بكل أبعاده وتجلياته، أو سيرة الإنسان منذ بداية الخلق إلى تطور الحضارة. وككل عمل روائي متميز، فإن أسئلة عدة تطرح بخصوصه، وضع الأسطورة داخل النص، العمل الضخم والقارئ وأزمة القراءة، ألا يمكن اعتبار كل عمل جيد، منطلق من المحلية هو طريق للكونية..
وقبل الختام وفي جلسة ثانية نسقت أشغالها الباحثة الزوهرة الغلبي قرأت كل مليكة الصراري وصفية الشرقاوي قصة من مجموعتيهما التي لاقت ترحيبا واستحسانا من الجمهور.
الثلاثاء ثاني عشرأبريل
تمحورت ندوة هذا اليوم حول توقيع المجموعة القصصية لسعيد جومال "الباب" وتوقيع مجموعة أحمد لطف الله "بياض من رباب" ومجموعة حنان كوتاري "النقش بالحناء" وقد نسق أشغال هذه الجلسات كل من الناقد محمد يوب والباحثة الزوهرة صدقي والباحثة الزوهرة الغلبي بالتناوب ، حيث تناول تناول الكاتب سعيد بوكرامي في دراسته لمجموعة "الباب" مفهوم الباب في القصص ودلالته السحرية المتعددة. واعتبر أن ساردها متلذذ وساخر ومحاذر ومرتاب وناقم يتمثل العالم بوعي شقي يدرك أن ما نسميه واقعا ليس سوى تجليات وعلاقات وأفعال مقنعة،ثم ناقش العناصر المكونة للبناء الحكائي مركزا على عنصر تعشيق القصة الذي اعتبره مكونا أساسيا في المجموعة لأنها مزيج من القطع الحكائية هناك برائحة تتمسك برائحة وذكرى تتمسك بأخرى وحكاية صغيرة تتمسك بحكاية أكبر. وشخصية عاجزة تتمسك بشخصية حيوية وشيء ثابت بشيء متحرك.
أما صاحب مجموعة الباب" فقد سلط الضوء على عنوان المجموعة القصصية " الباب " من الناحية اللغوية وعلاقته بالتيمة العامة للمجموعة وكذا بالنصوص الخمسة عشر المترتبة في خمسة أجزاء بين دفات الكتاب مذكرا أن للعنوان ارتباط وثيق بالنص ولهذا الأخير نفس الشيء بالنسبة للأول، ارتباط يولد علاقة تكاملية ، مؤثرة ومتأثرة، إذ لم يقل جدلية بين الطرفين في الكثير من الأحيان.
وقدم أحمد شكر بدورة شهادة في سعيد جومال .
وفي الجلسة الموالية قرأت حنان كوتاري قصة من مجموعتها "النقش بالحناء" كما عرفت بالتاريخ الأنتروبولوجي لهذا الطقس الذي تعتمده النساء في لفت انتباه الرجال وقبل توقيع مجموعتها تدخلت العديد من النساء منوهين بهذه المجموعة. .
كما وقع القاص أحمد لطف الله مجموعته القصصية "رباب من بياض".
الأربعاء ثالث عشر أبريل
نسق أشغاله الناقد والروائي شعيب حليفي بحضور عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك عبد المجيد قدوري،الذي تقدم بكلمة مركزة حول تيارين مختلفين يتوزعان العالم ، راهنا ،بخصوص الإصلاح والتغيير ، أحدهما براكماتي ، وثانيهما مفاهيمي وخلص إلى أنه لكل منهما مزاياه وسلبياته، غير أن هذا الأخير، هو الذي يطفو حاليا على السطح، وتنهجه كلية الاداب، باعتماد توجه بناء الإنسان الذي تكمن ثروته في شبابه المتمثل في إشراك الطلبة في الانفتاح على محيط الكلية، وعلى العالم أيضا.
تناول الكلمة بعده عبد الواحد خيري،رئيس مركز الدكتوراه بالكلية ،مشيرا إلى أهمية اللقاءات الثقافية المنفتحة على محيطها في ترسيخ تقاليد أدبية وثقافية تجعل هذه الأخيرة فعلا مشاعا في المجتمع، وليس حكرا على فئة دون أخرى .
في الجلسة الثانية التي نسقها الشاعر محمد عرش قدمت قراءات شعرية متنوعة،شارك فيها ثلة من الشعراء و أهل الزجل ، إلى جانب شاعرة صغيرة لم تتجاوز خمس سنوات .كل ذلك مر في جو حميمي حظي بإعجاب وتقدير الجميع.
فمن ديوان "خارج التعاليم، ملهاة الكائن" قرأ الشاعر رشيد الخديري قصيدة تنم على أن هذا الديوان يحتفل بتيمة الموت بشكل مناقض للطبيعة المأساوية لهذا اللغز الكبير ولعله وهو يقرأ قصيدته كان كمن يتغنى بالحياة وزخمها مما جعله يشد أسماع الجمهور إليه بفخامة الكلمة الشعرية وسحرها الآخاد . وبعد أمينة الإدريسي والطاهرة حجازي اللتين قرأتا قصيدتين جميلتين ،صدح صوت الزجال لحسن باديس الذي استقطب كثيرا من الجمهور الذي وفد كي يستمع لبعض قصائده ،ختمها بنوع زجلي يسمى السلام وهو النوع الذي لاقى ترحيبا لافتا..
الخميس رابع عشر أبريل
افتتح الجلسة الناقد نور الدين صدوق انطلاقا من كتاب فاتحة الطايب( أستاذة بكلية الآداب الرباط)، مبينا أهمية الترجمة ودورها الفاعل في تلاقح الثقافات وتثاقف الأعراق المختلفة مذكرا بأن الترجمة في بلدان متقدمة تحظى بأهمية قصوى وتتقلص أهميتها في البلدان العربية إلى أقصى الحدود. بعد ذلك أعطى الكلمة إلى فاتحة الطايب لتقدم نبذة عن كتابها وانطلاقا من استعراضها لمسار حضور الأدب العربي الحديث في المشهد الثقافي الفرنسي، خاصة بعد حصول نجيب محفوظ على جائزة نوبل، خلصت الباحثة في تقديمها إلى أن جائزة نوبل، التي منحت لروائي عربي، تزامنت مع بداية النشاط الفعلي لمعهد العالم العربي بباريس، وانخراط الروايات العربية وبشكل متواتر في مسار ترجمات الروايات الأجنبية إلى اللغة الفرنسية، ساهمت بشكل كبير في الرفع من اهتمام فرنسا والدول الأوروبية بوجه عام بالإنتاج الروائي العربي، وهذا ما يؤكد حسب الكاتبة على "ارتباط عملية الترجمة إجمالا بإشعاع الكتابة، الذي يفترض فيه )أي الإشعاع (الارتكاز على تميز النصوص في لغاتها الأصلية".
وأشارت إلى أنه إذا كان يحق لمن يتأمل في الانقطاعات المتتالية لحلقات "النهضة العربية"، وتعثر المسيرة الثقافية العربية بوجه عام، أن يطالب بالتفعيل المعقلن لحركة الترجمة إلى العربية، حتى يصبح هذا العصر عصر الترجمة بامتياز بالنسبة للعرب ـ من منطلق كون الترجمة سلاحا فعالا في معركة التحديث واكتساب الوعي في بلدان ما يسمى "بالعالم الثالث" ـ يحق لنا نحن، أيضا، الإعلان ولو بحذر شديد- ونحن نتأمل في حركة ترجمة الرواية العربية إلى اللغات الأوروبية في العقود الأخيرة - بأن الزمن الترجمي لم يعد أحادي الاتجاه، فعملية المثاقفة بين العرب والأوروبيين في المجال الروائي أصبحت تجري، رغم كل ما يعتورها من نقص وقصور، في اتجاهين بدل اتجاه واحد، بفضل تدعيم جائزة نوبل ـ النسبي ـ لتفاعل الرواية العربية مع منطق حداثة تتأسس على دينامية التمازج والتفاعل، وتزامن هذا الأمر مع اضطرار جل الدول الأوروبية في الآونة الأخيرة إلى التزود بالإنتاج الروائي المزدهر خارج أوروبا، لملء الفراغ الذي تعرفه أنساقها الثقافية على مستوى الإنتاج الروائي المتميز.