بيان حقيقة.
أنا من المراصدة.
لماذا لن أشارك في أنشطة معرض الكتاب ؟
عبد اللطيف محفوظ
للمرة الثانية في أقل من شهر أضطر لإصدار بيان حقيقة آخر لأؤكد أنني في توافق تام مع زملائي في المرصد، وأن ما يروج من جديد ليس سوى تلفيقات مغرضة تريد النيل من حركتنا الثقافية ، بل تريد الإيقاع بصداقات سرمدية عميقة تتعالى عن المصالح على اختلاف أنواعها..
يبدو أن ما يروج له بخصوص كوني سأشارك في فعاليات المعرض ليس سوى ذريعة لتشجيع المدعوين على قبول الدعوة، وذلك من خلال قيام البعض بتمرير الدعوة التي توصلت بها من المكتب المركزي لاتحاد كتاب المغرب عبر رسالة جماعية. وإذا كان البعض ممن توصلوا بالدعوة نفسها، أو مررت لهم، قد اتصلوا بي مستفسرين ليس عن المشاركة وحسب، بل عن مصير حركتنا وكل الهيئات الجمعوية والعلمية التي نشتغل بداخلها ، بل حتى عن علاقتي بصديقي الحميم شعيب حليفي، فإن تلميحاتهم تفيد أن الترويج يهدف إلى ضرب مصداقية المرصد بتجسيد ازدواجية وتناقض مواقف أعضائه، وتصوير المراصدة منقسمين على أنفسهم. وقد تزامن هذا الترويج مع رسالة الأخت العزيزة والمبدعة الزوهرة رميج المنشورة بجريدة الاتحاد الاشتراكي غداة إعلانها عن سحب روايتها من المنافسة لنيل الجائزة استجابة لدعوة المرصد، والتي لمحت إلى كوني قد شاركت سابقا في ما أنتقده الآن وخاصة في اللجن، وطالبتني نيابة عن آخرين بتقديم نقد ذاتي, ولذلك صار واجبا علي أن أوضح موقفي الخاص الثابت والنهائي، وليس موقفي المندمج ضمن موقف المراصدة الذين يتكاثرون بشكل غير مسبوق والذين بات موقفهم معروفا للجميع. بل موقفي الشخصي أساسا:
ـ أولا: لم يسبق لي إطلاقا أن قاطعت أنشطة وزارة الثقافة ولا لجنها، ببساطة لأنني منذ أن أصبحت أدعَى لمؤتمرات دولية بالخارج وندوات وطنية ـ وقد تزامن تحقق ذلك مع وصول المبشرين بالديمقراطية الحقة إلى تسيير دواليب الوزارة في إطار ما عرف بالتناوب ـ لم أحظ قط بأية دعوة للمشاركة سواء في اللجن أو في الأنشطة أو اللقاءات، ولا في بعثات تمثلية للخارج. والواقع أن فضيلة هذا الإقصاء تشمل عددا كبيرا من المثقفين والكتاب المغاربة المرموقين والجادين الشرفاء.
ثانيا: لم يسبق لي إطلاقا أن قاطعت الكتابة في مجلتها الأساس "المناهل" ببساطة أيضا، لأنه لم يسبق لي أن تلقيت دعوة للكتابة في أحد محاورها، ولا بد أن ذلك يعود إلى تطبيقها لمبدأ تكافؤ الفرص بين الكتاب المغاربة، والذي من تجلياته الرائعة، التمييز بين الكتاب ليس في توجيه الدعوات للكتابة بل في التعويض أيضا..
ثالثا: يتبين للمتتبع، من خلال قراءة برامج أغلب الدورات السابقة، إن المعيار الوحيد الذي يعلل دعوة البعض دون بعض.. وتعديد مشاركة أسماء بعينها، وعقد ندوات لقراءة كتب أسماء معلومة دون الاهتمام بعشرات الكتب، هو المزاجية وتنفيذ سياسة التقرب لغاية ما، وسياسة تكريس الأسماء عوض الأفكار، دون أن نغفل وجود بعض الدعوات الملتبسة التي قد تكون رشاوى مقنعة، أو تغطية على طبيعة السياسة المتحكمة في الانتقاء سواء للمشاركين المغاربة أو الأجانب. وأقصد الدعوات التي غالبا ما تكون مفبركة في اللحظات الأخيرة إما لإرضاء ذوات معينة، أو لمداراة إحراج مكالمة، أو لإسكات البعض.. وكل ذلك للتمويه على حقيقة النسق العام. وما يكشف حقيقة هذا النوع من الدعوات كونها مرتجلة وبدون موضوع، لأن الهدف الأساس منها هو إصباغ المصداقية على اللعبة التي تتحكم الأيادي الخفية ـ العلنية في شد حبالها من بعيد..
- رابعا: أصبح ثابتا أن أغلب الندوات بدون نتيجة معرفية، لأنها خاضعة لمبدأ الكلام الخفيف!! وغير مرتبطة بمشروع معرفي واضح المعالم. وأغلبها بدون أوراق عمل ولا أرضيات معرفية صلبة الشيء الذي يجعلها تبدو ترجمة لأفكار متناثرة تقتنص في أوقات قياسية..
وبناء على ما سبق، فإنني أثمن مواقف زملائي المراصدة وأمتثل لها، أما بالنسبة لي فكما وضحت لا أقاطع، لأنني من عشرات الكتاب الذين أعفتهم الوزارة من مقاطعتها لأنها قاطعتهم منذ أزيد من عقد، بل فقط أشكر أصدقائي في المكتب المركزي لاتحاد الكتاب على دعوتهم، وأعتذر لهم عن المشاركة في هذه الندوة تحديدا. من جهة لأن الندوة بشراكة مع الوزارة التي قرر المراصدة مقاطعة أنشطتها مرحليا، ومن جهة ثانية كونها، في الحقيقة، بدون موضوع، وأساسا لكونها دعوة تخضع تماما للمواصفات التي سميتها تبييضا للنسق أو تمويها لإضفاء للشرعية عليه.
لا يعتبر رفضي للدعوة ومقاطعتي السنة السابقة وهذه السنة موقفا دائما بل إنه موقف مرحلي في انتظار:
ـ سيادة المعايير الشفافة والموضوعية التي على أساسها تتم دعوة المشاركين وتيرة مشاركتهم؛
- أخذ بالاعتبار الفعالية الثقافية للمدعوين خلال السنة بما يضمن للثقافة المغربية الإشعاع الوطني والعربي والدولي الذي هي أهل له؛
- الرصانة العلمية، والجدية والاستمرارية المنتجة والفعالة للمدعوين؛
ـ سيادة الموضوعية في اختيار لجن قراءة منشورات الوزارة والكتب المدعومة من قبلها، ومؤطري ورشاتها..
بناء على هذه المبادئ وغيرها مما يمكن أن يؤازرها من أجل تحقيق الشفافية المنشودة، ستصبح مشاركتي ومشاركة كل من يحترم حقه وحق الآخرين ويسعى إلى خدمة الثقافة الوطنية وليس إلى خدمة الذات ممكنة، أي حين تصبح المشاركة ذات جدوى ومعنى وإفادة، وتصبح فعاليات المعرض مناسبة لتكريم ومكافأة من يستحق بفكره وجهده وتفانيه في خدمة الثقافة الوطنية..