محمد المهدي الجواهري
نظم الشعر في سن مبكرة وأظهر ميلاً منذ الطفولة إلى الأدب فأخذ يقرأ في كتاب البيان والتبيين ومقدمة ابن خلدون ودواوين الشعر، كان في أول حياته يرتدي لباس رجال الدين، واشترك في ثورة العشرين عام 1920 ضد السلطات البريطانية.
صدر له ديوان "بين الشعور والعاطفة" عام (1928). وكانت مجموعته الشعرية الأولى قد أعدت منذ عام (1924) لتُنشر تحت عنوان "خواطر الشعر في الحب والوطن والمديح". ثم اشتغل مدة قصيرة في بلاط الملك فيصل الأول عندما تُوج ملكاً على العراق وكان لا يزال يرتدي العمامة، ثم ترك العمامة كما ترك الاشتغال في البلاط الفيصلي وراح يعمل بالصحافة بعد أن غادر النجف إلى بغداد، فأصدر مجموعة من الصحف منها جريدة (الفرات) وجريدة (الانقلاب) ثم جريدة (الرأي العام) وانتخب عدة مرات رئيساً لاتحاد الأدباء العراقيين.
استقال من البلاط سنة 1930، ليصدر جريدته (الفرات) ثم ألغت الحكومة امتيازها وحاول أن يعيد إصدارها ولكن بدون جدوى، فبقي بدون عمل إلى أن عُيِّنَ معلماً في أواخر سنة 1931 في مدرسة المأمونية ، ثم نقل لإلى ديوان الوزارة رئيساً لديوان التحرير. في أواخر عام 1936 أصدر جريدة (الانقلاب) إثر الانقلاب العسكري الذي قاده بكر صدقي لكنه سرعان مابدأ برفض التوجهات الياسية للإنقلاب فحكم عليه بالسجن ثلاثة أشهر وبإيقاف الجريدة عن الصدور شهراً .
بعد سقوط حكومة الانقلاب غير اسم الجريدة إلى (الرأي العام)، ولم يتح لها مواصلة الصدور، فعطلت أكثر من مرة بسبب ما كان يكتب فيها من مقالات ناقدة للسياسات المتعاقبة . لما قامت حركة مارس 1941 أيّدها وبعد فشلها غادر العراق مع من غادر إلى إيران، ثم عاد إلى العراق في العام نفسه ليستأنف إصدار جريدته (الرأي العام). انتخب رئيساً لاتحاد الأدباء العراقيين ونقيباً للصحفيين, واجه مضايقات مختلفة فغادر العراق عام 1961 إلى لبنان ومن هناك استقر في براغ سبع سنوات ، وصدر له فيها في عام 1965ديوان جديد سمّاه " بريد الغربة ".
عاد إلى العراق في عام 1968
توفي الجواهري في العاصمة السورية دمشق سنة 1997 عن عمر يناهز الثامنة و التسعين
سبيل الجَماهير
لو أنَّ مقاليدَ الجَماهير في يدي سَلَكتُ بأوطاني سبيلَ التمرُّدِ
***إذن عَلِمَتْ أنْ لا حياةَ لأمّةٍ تُحاولُ أن تَحيا بغير التجدُّد
لوِ الأمرُ في كَفِّي لجهَّزتُ قوّةً تُعوِّدُ هذا الشعبَ ما لم يُعوَّد
***لو الأمرُ في كفِّي لاعلنتُ ثورةً على كلِّ هدّام بألفَي مشيِّد
على كُلِّ رجعيٍّ بألفَي منُاهضٍ يُرى اليوم مستاءً فيبكي على الغد
***ولكننَّي اسعَى بِرجلٍ مَؤوفةٍ ويا ربَّما اسطو ولكنْ بلا يَد
وحوليَ برّامونَ مَيْناً وكِذْبَةً متى تَختَبرهُم لا تَرى غيرَ قُعدد
***لعمرُكَ ما التجديدُ في أن يرى الفَتى يَروحُ كما يَهوَى خليعاً ويغتَذي
ولكنَّه بالفكر حُرّاً تزَينهُ تَجاريبُ مثل الكوكَبِ المُتَوقِّد
***مشَتْ اذ نضَتْ ثَوبَ الجُمود مواطنٌ رأت طَرْحَهُ حَتماً فلم تَتردَّد
وقَرَّتْ على ضَيْم بلادي تسومُها من الخَسف ما شاءَتْ يدُ المتعبِّد
***فيا لك من شعبٍ بَطيئاً لخيرِه ِ مَشَى وحثيثاً للعَمَى والتبلُّد
متى يُدْعَ للاصلاح يحرِنْ جِماحُه وان قيد في حبل الدَجالةِ يَنْقد
***زُرِ الساحةَ الغَبراء من كل منزلٍ تجد ما يثير الهَمَّ من كلِّ مَرقد
تجد وَكرَ أوهامٍ ، وملقَى خُرافةٍ وشَتّى شُجونٍ تَنتهي حيثُ تَبتدي
***هم استسلموا فاستعبَدتْهم عوائدٌ مَشت بِهمُ في الناس مشيَ المقيَّد
لعمْركَ في الشعب افتقارٌ لنهضةٍ تُهيِّجُ منه كل اشأمَ أربد
***فإمّا حياةٌ حرّةٌ مستقيمةٌ تَليقُ بِشَعبٍ ذي كيان وسؤدُد
وإمّا مماتٌ ينتهَي الجهدُ عِندَهُ فتُعذَرُ ، فاختر أيَّ ثَوْبيَك ترتدي
***وإلا فلا يُرجى نهوضٌ لأمّةٍ تقوم على هذا الأساس المهدَّد
وماذا تُرَجِّي من بلاد بشعرة تُقاد ، وشَعب بالمضلِِّّين يَهتدى
***اقول لقَومٍ يجِذبون وراءهُم مساكين أمثالِ البَعير المعبَّد
اقاموا على الأنفاس يحتكرونها فأيَّ سبيلٍ يَسلُلكِ المرءُ يُطردَ
***وما منهمُ الا الذي إنْ صَفَتْ له لَياليه يَبْطَر ، او تُكَدِّرْ يُعربِد
دَعوا الشعبَ للاصلاح يأخذْ طريقَه ولا تَقِفوا للمصلحينَ بمَرْصَد
***ولا تَزرعوا اشواككم في طريقه تعوقونه .. مَن يزرعِ الشوكَ يَحصِد
أكلَّ الذي يشكُو النبيُّ محمدٌّ تُحلُونَه باسم النبيِّ محمّد
***وما هكذا كان الكتابُ منزَّلاً ولا هكذا قالت شريعةُ لَموعد
اذا صِحتُ قلتُم لم يَحنِ بعد مَوعد تُريدون إشباعَ البُطون لمَوعد
***هدايتَك اللهمَّ للشعب حائراً أعِنْ خُطوات الناهضين وسدِّد
نبا بلساني أن يجامِلَ أنني أراني وإنْ جاملتُ غير مُخَلَّد
***وهب أنني أخنَتْ عليَّ صراحتي فهل عيشُ من داجَي يكون لسرمَد
فلستُ ولو أنَّ النجومَ قلائدي أطاوع كالأعمى يمين مقلدي
***ولا قائلٌ : اصبحتُ منكم ، وقد أرى غوايَتكم او انني غير مهتدي
ولكنني ان أبصِرِ الرشد أءتمرْ به ومتى ما احرزِ الغي أبعد
***وهل انا الا شاعر يرتجونَه لنصرة حقٍ او للطمةِ معتدي
فمالي عمداً استضيمُ مواهبِي وأورِدُ نفساً حُرَّةً شرَ مَورد
***وعندي لسانٌ لم يُخِّني بمحفِلٍ كما سَيْف عمروٍ لم يَخنُه بمشْهَد