علمتنا التجربة أن الثقافة حينما تتنقب أو تتحزب تصير مجرد أداة بالمعنى النفعي للكلمة.و بمجرد عودة خاطفة إلى الماضي القريب نرى بعض الأحزاب خصوصا تلك التي طالما (شنفت)أسماعنا بشعاراتها التقدمية و التي كانت الآمال معقودة عليها في حل (المعضلات) نراها كيف كانت توظف الثقافة و كيف كانت تتبنى ما عرف ب"الثقافة المضادة"في وجه الثقافة الرجعية و ثقافة التكريس ،و كيف كان بعض رموزها الثقافية يتحدث عن "مرحلة انجلاء الأوهام"،لكن بمجرد ما تسنمت هذه الأحزاب ذروة السلطة و أصبح بيدها القرار حتى أظهرت لنا الوجه الآخر الذي لا تهمه الثقافة و لا هم يحزنون ،و صارت هذه الأخيرة تعاني على يدها الأمرين ،حتى صار البعض يترحم على فترة امحمد با حنيني.
لقد عشنا و رأينا كيف صار الأدب في المرحلة الفائتة من شعر و قصة و رواية مجرد بيانات سياسية تخدم الحزب و لا شيئ غير الحزب ،و كل من غنى خارج السرب تحل عليه لعنة الوصم بالرجعية و عدم المرور إلى صفحاتتهم و ملاحقهم الثقافية ،و في ما بعد ربحت تلك الأحزاب العالم و خسرت نفسها ،و أصيبت الثقافة بالعطب.
نتمنى أن لا تصاب الثقافة على يد النقابات بمثل ما أصيبت به على يد الأحزاب سامحها الله.