قلبُ الشاعر /د مصطفى المسعودي

قلبُ الشاعر
د مصطفى المسعودي

مِسْكينٌ ..مِسْكينٌ فِي هَذِي الدّنيَا
مَنْ يَحْملُ في صَدْرهِ قلبَ الشاعِرْ
كيْفَ سيَحْيَى ..كيْفَ سَيحْيَى..
فِي زمَن أشيَاؤهُ جَارحَة كالسّكينْ..
إنسَانهُ وحْش كاسِرْ..؟
كيْف سيَحْيَى ..
وَهْويَجيئ ُنسيمُ الصّبْح فيَجْرحُهُ..

فتخيّلْ كيْف يَكونُ إذنْ حِين تهُبّ عَلى

عَرصَاتِ حِمَاهُ أعَاصِيرُ الزَمن الفاجرْ...؟؟
*
لِلهِ حَمَامَ الدارِ ..
حَمَام الدّار الطائِرْ ..
لِلهِ أعِرْنِي أجْنحَة
إني ضِقتُ هُنا..ضِقتُ هُنا ..
فأعِرنِي أجْنحَة ..
سَاعِدْنِي لأسَافِرْ..
*
آهٍ ..بالأمْس وَأنا فِي شرْفة بيْتِي
كلمَنِي الحُزنُ وَقالْ:
أتريدُ قليلا مِنْ شايٍ أوْليْمُونْ...؟
قلتُ لهُ لا..شكراً..شكراً..
فِنجَانِي عَامِرْ.
حَدّثنِي الحُزنُ كثِيراً
وَسَهرْنا الليْل طويلا
وَتدَاوَلنا بأمُور شتـّى ..
وتدَاوَلنا حَتـّى..
مَدّ الحُزنُ جَناحَيْهِ عَلى فخِدِي لِيَنامْ
نامَ الحُزنُ وَلكِنّ فؤادِي ظلّ شريدَا
يَرْنونحْوالقمَر الشاحِب
أرْخى أحْزانهُ بَيْن يَدَيّ شهيدَا ..
*
آهٍ.. كمْ تجْرحُنِي الأيّامْ ..
لوْ أني حَجَرٌ ..لوْ أني شجَرٌ ..
لوْ أني صَدْرُ رُخامْ
لوْأني إنسَانٌ آخر غيْر الشاعِرْ
فأسِير عَلى رمْل الأيّام وَحِيدًا
لاتقتلنِي الأحْزانْ ..
لاتبْكِيني أغنيَة تتناهَى بالسّهْو
إلى قلبي اللهْفانْ..
تقتلنِي.. باللحْن الآسِرْ..
*
قالتْ لِي ليْلى لمّا لمَحَتْ
فِي عَيْنِي كثبَان الحُزن الغائِرْ :
مَابكَ...؟
قلتُ لهَا: لاشيءَ..لاشيءْ..
حُزنٌ عَابرْ...
*
يَاقاتِل قلبي ..
يامَن جَهّز كلّ حَقائِبهِ ثمّ وَجَاءَ يُودّعُنِي
يُخبرُنِي أنهُ مَاضٍ ..وَقريباً سَيُهَاجرْ..
سَتهَاجرْ..؟ حَقاً ..سَتهَاجرْ..؟؟
ولِمَنْ تترُكنِي وَحْدِي فِي هَذا الزمَن الكافِرْ؟؟
وَلِمَنْ تترُكُ قلبَ الشاعِرْ..؟
يَا مَنْ ودّعَنِي هَلْ تدْري أنّ الحَيّ غدَا بَحْرًا مِنْ أحْزانْ..
والقندِيلُ الشاحِبُ فِي أقصَى الرّكنِ حَزينٌ..
ونِدائِي الأوّلُ ..والثانِي..والثالِثُ ..والعَاشرْ..
والصّمْتُ الجبّارُ..الصّمْتُ الحَائِرْ..
والجُدْرانْ..
أشيَاءٌ بالحُزن تحَدّثنِي
وَتمَزق قلبي الفاتِرْ
وَتهَاجرْ...وتهَاجرْ ؟
مَا أقسَاكَ ..ومَا أقسَاكَ..ومَا أقسَاكْ..
فإذنْ... هَاجرْ..هَاجرْ..
لكِنْ اعْلمْ أنكَ
حِينَ مَضيْتَ بَعِيداً
أسْقطتَ شهيداً ..
تحْتَ رصَاص غَرامٍ غادِرْ..
اعْلمْ أنكَ لمْ تقتلْ قلبَ الحَجَر اليَابس ِ
بَلْ أنتَ قتلتَ بعُنفٍ قلبَ الشاعِرْ .
مِسْكينٌ ..فِي هَذِي الدّنيَا
مَنْ يَحْمِلُ فِي صَدْرهِ قلبَ الشاعِرْ .

د.مصطفى المسعودي كتب:: قلبُ الشاعر
د مصطفى المسعودي

مِسْكينٌ ..مِسْكينٌ فِي هَذِي الدّنيَا
مَنْ يَحْملُ في صَدْرهِ قلبَ الشاعِرْ
كيْفَ سيَحْيَى ..كيْفَ سَيحْيَى..
فِي زمَن أشيَاؤهُ جَارحَة كالسّكينْ..
إنسَانهُ وحْش كاسِرْ..؟
كيْف سيَحْيَى ..
وَهْويَجيئ ُنسيمُ الصّبْح فيَجْرحُهُ..

فتخيّلْ كيْف يَكونُ إذنْ حِين تهُبّ عَلى

عَرصَاتِ حِمَاهُ أعَاصِيرُ الزَمن الفاجرْ...؟؟
*
لِلهِ حَمَامَ الدارِ ..
حَمَام الدّار الطائِرْ ..
لِلهِ أعِرْنِي أجْنحَة
إني ضِقتُ هُنا..ضِقتُ هُنا ..
فأعِرنِي أجْنحَة ..
سَاعِدْنِي لأسَافِرْ..
*
آهٍ ..بالأمْس وَأنا فِي شرْفة بيْتِي
كلمَنِي الحُزنُ وَقالْ:
أتريدُ قليلا مِنْ شايٍ أوْليْمُونْ...؟
قلتُ لهُ لا..شكراً..شكراً..
فِنجَانِي عَامِرْ.
حَدّثنِي الحُزنُ كثِيراً
وَسَهرْنا الليْل طويلا
وَتدَاوَلنا بأمُور شتـّى ..
وتدَاوَلنا حَتـّى..
مَدّ الحُزنُ جَناحَيْهِ عَلى فخِدِي لِيَنامْ
نامَ الحُزنُ وَلكِنّ فؤادِي ظلّ شريدَا
يَرْنونحْوالقمَر الشاحِب
أرْخى أحْزانهُ بَيْن يَدَيّ شهيدَا ..
*
آهٍ.. كمْ تجْرحُنِي الأيّامْ ..
لوْ أني حَجَرٌ ..لوْ أني شجَرٌ ..
لوْ أني صَدْرُ رُخامْ
لوْأني إنسَانٌ آخر غيْر الشاعِرْ
فأسِير عَلى رمْل الأيّام وَحِيدًا
لاتقتلنِي الأحْزانْ ..
لاتبْكِيني أغنيَة تتناهَى بالسّهْو
إلى قلبي اللهْفانْ..
تقتلنِي.. باللحْن الآسِرْ..
*
قالتْ لِي ليْلى لمّا لمَحَتْ
فِي عَيْنِي كثبَان الحُزن الغائِرْ :
مَابكَ...؟
قلتُ لهَا: لاشيءَ..لاشيءْ..
حُزنٌ عَابرْ...
*
يَاقاتِل قلبي ..
يامَن جَهّز كلّ حَقائِبهِ ثمّ وَجَاءَ يُودّعُنِي
يُخبرُنِي أنهُ مَاضٍ ..وَقريباً سَيُهَاجرْ..
سَتهَاجرْ..؟ حَقاً ..سَتهَاجرْ..؟؟
ولِمَنْ تترُكنِي وَحْدِي فِي هَذا الزمَن الكافِرْ؟؟
وَلِمَنْ تترُكُ قلبَ الشاعِرْ..؟
يَا مَنْ ودّعَنِي هَلْ تدْري أنّ الحَيّ غدَا بَحْرًا مِنْ أحْزانْ..
والقندِيلُ الشاحِبُ فِي أقصَى الرّكنِ حَزينٌ..
ونِدائِي الأوّلُ ..والثانِي..والثالِثُ ..والعَاشرْ..
والصّمْتُ الجبّارُ..الصّمْتُ الحَائِرْ..
والجُدْرانْ..
أشيَاءٌ بالحُزن تحَدّثنِي
وَتمَزق قلبي الفاتِرْ
وَتهَاجرْ...وتهَاجرْ ؟
مَا أقسَاكَ ..ومَا أقسَاكَ..ومَا أقسَاكْ..
فإذنْ... هَاجرْ..هَاجرْ..
لكِنْ اعْلمْ أنكَ
حِينَ مَضيْتَ بَعِيداً
أسْقطتَ شهيداً ..
تحْتَ رصَاص غَرامٍ غادِرْ..
اعْلمْ أنكَ لمْ تقتلْ قلبَ الحَجَر اليَابس ِ
بَلْ أنتَ قتلتَ بعُنفٍ قلبَ الشاعِرْ .
مِسْكينٌ ..فِي هَذِي الدّنيَا
مَنْ يَحْمِلُ فِي صَدْرهِ قلبَ الشاعِرْ .

الشاعر مصطفى المسعودي لديه طاقة شعرية ملحوظة في هذه القصيدة ، و لا شك أن توظيف الاستعارة و المجاز العقلي كانا من الأمور التي سهلت للشاعر العبور إلى اللغة الشعرية أحيانا بدون عناء و لا مشقة،و أنا إذ أهنئه على ذلك لا بد من سوق بعض الملاحظات على قصيدته تتعلق بالعروض و بالإملاء و بالتناص أو لنسمه التصادي أحسن و أجمل.
القصيدة من بحر الخبب و هو بحر قريب جدا من بحر الرجز في سهولة استعماله و يسر تطويعه ،و إذا كان الرجز يسمى بحمار الشعراء فهذا البحر قد يسمى بحمار الشعراء أيضا،و لسهولته فقد ينجر الشاعر بسببه إلى نثرية تجعل من النص نظما ليس إلا.و الملاحظ على الشاعر المسعودي عروضيا أنه أحيانا يختلس أو يخطف الهاء ( ضمير الغائب المذكر ) في موضع ينبغي أن تشبع فيه ، و من أمثلة ذلك في القصيدة:
مَنْ يَحْملُ في صَدْرهِ قلبَ الشاعِرْ
---------
فِي زمَن أشيَاؤهُ جَارحَة كالسّكينْ..
-------
و بالنسبة للإملاء فالعل /يحيا/ يكتبه الشاعر هكذا:يحيى
و الصحيح هو كتابته بالألف الممدودة ، ذلك لأن الفعل إذا كان آخره ألفا مسبوقة بياء كتبت الألف ممدودة كما في أعيا و استحيا و يحيا.و قد كتبت يحيا بالألف الممدودة في الفعل للتفريق بينها و بين الاسم يحيى.
و بالنسبة للتناص أو التصادي فمثلا قول الشاعر :
إنسَانهُ وحْش كاسِرْ..؟
يتصادى مع قول صلاح عبد الصبور:
الناس في بلادي جارحون كالصقور.
و قول الشاعر :
لِلهِ حَمَامَ الدارِ ..
حَمَام الدّار الطائِرْ ..
لِلهِ أعِرْنِي أجْنحَة
يتصادى مع قول قيس بن الملوح:
أسرب القطا هل من يعير جناحه**لعلي إلى من قد هويت أطير
و قول الشاعر:
يَرْنونحْوالقمَر الشاحِب
أرْخى أحْزانهُ بَيْن يَدَيّ شهيدَا ..
يتصادى مع قول امرئ القيس:
و ليل كموج البحر أرخى سدوله.
ثم هناك ملاحظة أخيرة تتعلق بحرف الجر الباء في قول الشاعر:
وَتدَاوَلنا بأمُور شتـّى ..
فالعل ( تداول ) يتعدى بنفسه و ليس بغيره فلا داعي لوجود الباء هنا،و لربما تم إقحامها بتأثير من اللسان المشرقي الدارج في بعض البلاد.
طابت أوقاتك شاعرنا المسعودي.

» عُدْ في الشهْر القادمْ... د مصطفى المسعودي
» أمسية الشاعر المغربي مصطفى الشليح
» ملامح مصطفى سعيد
» ومضات مصطفى سعيد
» اصطكاكُ أرواحِهم مصطفى سعيد