منتدى ابن امسيك للثقافة
انت غير مسجل
تفضل بالدخول او التسجيل معنا
منتدى ابن امسيك للثقافة
انت غير مسجل
تفضل بالدخول او التسجيل معنا
منتدى ابن امسيك للثقافة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى ابن امسيك للثقافة

منتدى ابن امسيك للثقافة يرحب بكم
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 القلب الفاضح بقلم: إدغار آلان بو ت.د.فؤاد عبد المطلب

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
مريم
المشرف
المشرف
مريم


عدد الرسائل : 91
Localisation : casa
نقاط : 31884
تاريخ التسجيل : 19/11/2006

القلب الفاضح بقلم: إدغار آلان بو ت.د.فؤاد عبد المطلب Empty
مُساهمةموضوع: القلب الفاضح بقلم: إدغار آلان بو ت.د.فؤاد عبد المطلب   القلب الفاضح بقلم: إدغار آلان بو ت.د.فؤاد عبد المطلب Emptyالسبت ديسمبر 30, 2006 11:40 am

القصة:‏ القلب الفاضح ـــ بقلم: إدغار آلان بو ـ ت.د.فؤاد عبد المطلب
كُنت حقيقةً متوتراً جداً وبشكلٍ فظيع وما زلت كذلك؛ ولكن لماذا ستقولون عنّي إنني مجنون. لم يجعل المرض حواسي خائرة أو فاترة، بالعكس فقد أصبحت حادّة. وقبل كل شيء غدت حاسة السمع شديدة. إذ كنت أسمع كل الأشياء في السماء وفوق الأرض. وسمعت أشياء كثيرة في الجحيم. فكيف أكون مجنوناً؟ أصغوا! ولاحظوا صحتي وهدوئي في سرد قصتي كاملة عليكم.‏
إنه لمن المستحيل القول كيف دخلت الفكرة إلى ذهني أول مرّة؛ لكنها منذ أن خطرت في بالي، أخذت تؤرقني في النهار والليل. لم يكن لدي أي هدف، كما لم تكن هناك عاطفة. أحببت الرجل العجوز. لم يُخطئ في حقي قط. ولم يوجه أية إهانة. ولم يكن لديَّ رغبة في السطو على ذهبه. أعتقد أن عينه كانت هي السبب! نعم كانت هي! كانت لديه عين نسر ـ عين زرقاء فاتحة اللون عليها غشاوة. فكلما وقعت عينه عليّ تسري البرودة في دمي. وبالتدريج عزمت على أن أُزهق حياة ذلك العجوز. وبهذا أخلّص نفسي من عينيه إلى الأبد.‏
الآن إليكم القصّة. أنتم تتخيلون أني مجنون. فالمجانين لا يعرفون شيئاً. ولكن لابدّ أنّكم كنتم قد رأيتموني. لابدّ أنكم رأيتموني كيف أواظب باتّزان ـ مع ذلك الحذر وبُعد النّظر والشطارة ـ على القيام بذلك العمل! كنت طيّباً جداً مع الرجل العجوز طوال أسبوع كامل قبل أن أقتله. إذ كنت أذهب في منتصف كل ليلة فأُدير قفل بابه وأفتحه بلطفٍ بالغ. فتحته فقط فتحة تكفي لإدخال رأسي. أوه، كان يمكن أن تضحكوا كيف أدخلته بدهاء! حركته ببطء شديد جداً حتى لا أُوقظ الرجل العجوز من نومه. استغرق الأمر مني ساعة كاملة كي أولج رأسي من خلال فتحة الباب، حتى أمكنني من أن أراه مُستلقياً على سريره. ها ـ كيف لمجنون أن يكون ذكياً جداً هكذا؟ وعندما أصبح رأسي داخل الحجرة تماماً. فككت الفانوس المعلّق من مكانه بحذر شديد ـ شديد جداً ـ لأن مفاصل الباب أحدثت صريراً ـ فسقط شعاع رفيع على عين النسر. وهذا ما ظللت أفعله لمدة سبع ليالٍ طوال ـ كل ليلة وفي منتصفها تماماً ـ لكنني كنت أجد عينه دائماً مغلقة؛ ولذلك كان من المستحيل إنجاز العمل، لأنه لم يكن العجوز هو الذي يُضايقني، بل عينه الشريرة. وفي صبيحة كل يوم، عندما يطلع النهار، كنت أذهب إليه بجرأة في الحجرة، وأتكلم معه بشجاعة، وأناديه باسمه بلهجة وديّة، وأسأله كيف قضى ليلته. وسترون كم كان هذا العجوز حصيفاً، إذ إنه لم يشك بما كان يجري في كل ليلة، حينما كنت أنظر إليه وهو نائم.‏
وفي الليلة الثامنة كنت أكثر حذراً في فتح الباب. وقد بدا لي في تلك الليلة أن عقرب دقائق الساعة يتحرك بسرعة أكبر مما هو معهود. ولم أكن قبل تلك الليلة أعرف مدى قوة أعصابي وذكائي. وكنت بصعوبة أضبط مشاعر الانتصار في نفسي. ولم يكن ليتخيل حتى أعمالي وأفكاري السرية، وأنني كنت موجوداً هناك، أفتح الباب شيئاً فشيئاً. وضحكت بصوت خافت على هذه الفكرة، ولعله سمعني، لأنه تحرّك فجأة في السرير كما لو أنه فزع. الآن ربما تعتقدون أنني تراجعت، لكن لا. لقد كانت حجرته سوداء يُخيّم عليها ظلامٌ دامس (لأن سدائل النوافذ كانت محكمة الإغلاق، بسبب الخوف من اللصوص)، لذا كنت أعرف أنه ليس من الممكن أن يرى فتحة الباب، ورحت أدفعه بثباتٍ قليلاً قليلاً.‏
أدخلت رأسي، وأوشكت أن أُشعل الفانوس، وعندما انزلق إبهامي على غلَق الباب المعدني، قفز العجوز في سريره صارخاً ـ "من هناك؟" التزمت الهدوء ولم أنبس ببنت شفة ولم أقم بأي حركة لمدة ساعة كاملة، وفي أثناء ذلك لم أسمعه يستلقي ثانية. فقد ظلَّ جالساً على السرير يصغي ـ تماماً كما كنت أصغي، الليلة تلو الليلة، إلى دقّات ساعة الموت على الجدار.‏
في الحال سمعت أنيناً خافتاً، وعرفت أنه كان أنين رعب مميت. لم يكن أنين ألمٍ أو حزن. كان أنين صوتٍ مخنوقٍ منخفضٍ ينطلقُ من أعماق الروح. كنت أعرف الصوت جيداً، لأنه خرج من داخل صدري، مُعمّقاً بصداه المخيف، الرّعب الذي كان يتملكني. أقول: كنت أعرفه جيداً. كنت أعلم بما كان يشعر به العجوز، وأشفقت عليه، على الرغم من أنني ضحكت من كل قلبي. عرفت أنه ظلّ مستلقياً في سريره يقظاً منذ أن حدثت الجلبة الخفيفة في بادئ الأمر عندما كان يتقلب في سريره. كانت مخاوفه تزداد منذ ذلك الحين. وكان يحاول أن يتخيلها أموراً عادية، لكنه لم يستطع. كان يُخاطب نفسه ـ "إنها لا شيء سوى صوت ريحٍ في المدخنة ـ أو أنها فأر تسلل في أرض الحجرة". نعم، كان يحاول أن يُريح نفسه بهذه الافتراضات: لكنه وجدها جميعاً غير مُجدية. كل شيء كان دون جدوى، فقد كان الموت يتربّص به وراء خيالٍ أسود شاخص أمامه، ويلفُّ الضحية. كما كان التأثير الكئيب لذلك الخيال الغامض هو الذي جعله ـ مع أنه لم يرَ أو يسمع أي شيء ـ يشعر بوجود رأسي داخل الغرفة.‏
وبعد أن انتظرت طويلاً، قررت بصبرٍ شديد، دون أن أسمعه يستلقي في السرير، أن أضيء الفانوس إضاءة خفيفة. قمت بذلك ـ ولا يمكنكم أن تتخيلوا كيف انسلَّ شعاع ضوءٍ خافت، مثل خيط العنكبوت، فسقط مباشرة على عين النسر.‏
كانت العين مفتوحة ـ مفتوحة بشكلٍ واسع ـ وازداد غضبي عندما حدّقت بها، رأيتها بوضوحٍ كبير ـ عليها كلها غشاء أزرق باهت كريه أصابني بقشعريرة سرت في جسمي حتى وصلت مخَّ عظامي. لكنني لم أستطع رؤية شيء آخر في وجه العجوز: لأنني وجّهت الشعاع، كما لو أنه توجه بالغريزة، تحديداً نحو تلك البقعة اللعينة.‏
ألم أقل لكم إن ما تعدونه جنوناً بالخطأ ليس إلا حدة شديدة في الأحاسيس؟ ـ والآن، أقول لكم: إنه بلغ سمعي صوتٌ خافتٌ وممل، وسريع مثل الصوت الذي تُصدره ساعة ملفوفة بقطن. عرفت ذلك الصوت جيداً، أيضاً. فقد كان صوت ضربات قلب العجوز. وزاد هذا من غضبي مثلما يزيد قرع الطبول من شجاعة الجندي. لكن على الرغم من ذلك أمسكت عن الحركة وظللت ساكناً. وتنفست ببطء شديد. وحملت الفانوس بثبات. وحاولت قدر استطاعتي أن أُبقي الشعاع على عينيه. وفي أثناء ذلك ازداد ضربات القلب اللعينة. وأصبحت أسرع فأسرع وأعلى فأعلى في كل لحظة. لابدَّ أن رهبة الرجل العجوز كانت كبيرة. أقول: غدت ضربات قلب العجوز أعلى فأعلى في كل لحظة ـ هل تُصغون لما أقولـه؟ أخبرتكم أنني عصبي: وإنني لكذلك. والآن في الوقت الميت من الليل، وسط الصمت المخيف الذي يلف ذلك البيت القديم، أحسست بضوضاء غريبة مثل تلك الضربات فأرهبتني إلى حدٍ فظيع. ومع ذلك، وقفت وظللت ساكناً بضع دقائق أخرى. لكن الضربات ارتفعت أعلى فأعلى! وحسبت أن القلب سوف ينفجر. والآن استولى عليَّ قلق جديد ـ سيسمع الجار الصوت! قُلتُ في نفسي حانت ساعة الرجل العجوز. أضأت الفانوس مع صرخة عالية، وقفزت إلى داخل الحجرة. وصرخ صرخة واحدة ـ واحدة فقط. وفي لحظة جررته على الأرض وجررت السرير الثقيل فوقه. ثم ابتسمت بابتهاج، لإدراكي أن الأمر قد تم. لكن القلب عاد يدق بصوت مخنوق لدقائق عديدة. لكن هذا لم يعد يُقلقني البتّة، طالما أنه لا يُسمع عبر الجدار. أخيراً توقفت دقات القلب. لقد مات الرجل العجوز. أبعدْتُ السرير وتفحصت الجثة. نعم، لقد مات تماماً. وضعت يدي على قلبه وتركتها فوقه عدّة دقائق. فلم يكن هناك أية نبضات. لقد مات فعلياً. ولن تُقلقني عينه بعد الآن.‏
إن كنتم ما زلتم تعتقدون أنني مجنون، فإنكم ستعلمون أن ذلك غير صحيح عندما أصف لكم الاحتياطات الذكية التي قمت بها لإخفاء الجثة. مضى الليل، وأخذت أعمل بسرعة، لكن بصمت. أول شيء قمت به كان تقطيع الجثة. قطعت الرأس ثم الذراعين والأرجل. ثم نزعت ثلاثة ألواح خشبية من أرضية الغرفة، وأودعت كلّ شيء بين أبعاد خشب وحجارة البناء. وبعدها أعدت الألواح بمهارة فائقة، وبمكرٍ شديد، بحيث لا يمكن لعين بشرية، ولا حتى عينه هو، أن تكتشف أي شيء خطأ. إذ لم يكن هناك أي شيء بحاجة لمسح من بقع الدم أو لُطخ من أي نوع كان. فقد كنت حذراً جداً لذلك. غسلت يديّ مما علِق بهما تماماً ـ ها! ها!‏
عندما أنهيت كل هذه الأعمال، كانت الساعة تُقارب الرابعة، والظلام لا يزال مُخيّماً كما لو أن الوقت منتصف الليل. وما أن دقت عقارب الساعة، حتى سمعت طرقاً على الباب الخارجي. ونزلت كي أفتح الباب وبقلبٍ واثق ـ إذ لم يكن هناك ما يدعو للخوف؟ دخل ثلاثة رجال قدموا أنفسهم بلطفٍ جمّ كضبّاط شرطة. وأفادوا بأن الجوار قد سمعوا صرخة خلال الليل؛ وقد أثار ذلك شكوكاً بحدوث أمر سيئ؛ وثمّة معلومات بخصوص ذلك قُدّمت لمركز الشرطة، وهاهم الضباط قد أُرسلوا لتفتيش المبنى.‏
ابتسمت ـ فليس هناك ما أخاف منه؟ ورحبت بهؤلاء السادة وأوضحت لهم أن الصرخة صدرت مني في حلمٍ أثناء نومي. وذكرت لهم أن الرجل العجوز مسافرٌ في الريف. ثم أخذت الزوّار في جولةٍ لتفقد أرجاء المنزل، ودعوتهم لتفتيش المنزل ـ تفتيشه جيداً. وأخذتهم في النهاية إلى حجرته. وأريتهم أن مدّخراته المالية في أمان لم يمسّها أحد. وفي حماسٍ وثقة أحضرت لهم كراسي إلى الحجرة، وطلبت منهم أن يجلسوا ليرتاحوا بعد تعبهم، بينما قمت، من فرط جرأتي ونجاحي الرائع، بوضع كرسي كي أجلس عليه تماماً فوق المكان الذي أخفيت تحته جثة الضحية.‏
كان الضباط راضين عن كل شيء، فقد أقنعهم سلوكي بذلك. وكنت مطمئناً للغاية. فجلسوا، وبينما كنت أُجيب عن أسئلتهم بمرح، راحوا يتحدثون في أمورٍ عادية. لكن، بعد مضي بعض الوقت، أصبت بشيء من الوهن وتمنيت لو أنهم يذهبون وأخذ رأسي يُؤلمني، وشعرت كما لو أن ثمة طنيناً في أذني: ومع ذلك ظلّوا جالسين يتابعون حديثهم. وأصبح الطنين في أذنيّ أكثر وضوحاً ـ استمر هكذا وازداد تأثيره: ورحت أتحدث أكثر كي أتخلّص من هذا الشعور؛ لكنه استمرَّ حتى سرى في رأسي كله ـ ثم أدركت في النهاية أن ذلك ليس في أذنيّ.‏
لم يكن لديّ شك الآن أنني واهن جداً ـ لكنني رحت أتحدث بطلاقة أكثر وبصوتٍ مرتفع. بيدَ أن الصوت أخذ يزداد؟ كان صوتاً منخفضاً، ومملاً، وسريعاً ـ يُشبه إلى حدٍ بعيد صوت ساعة ملفوفة بالقطن. ولـهثت كي آخذ نفساً ـ ولكن الضبّاط لم يلحظوا ذلك. ورحت أتكلّم بسرعة أكبر ـ وبشدة أكبر، لكن الضوضاء كانت تزداد باستمرار. نهضت وأخذت أُجادل في أمورٍ تافهة في نبرة عالية وإيماءات عنيفة: لكن الضوضاء كانت تزداد على نحوٍ منتظم؟ لماذا لا يذهبون؟ وجُبتُ الحجرة بخطىً ثقيلة ذهاباً وإياباً كما لو أنني مُثار لحد الغضب بسبب مُراقبات هؤلاء الرجال لي ـ واستمرت الضوضاء في الازدياد بانتظام. يا إلهي، ماذا بوسعي أن أفعل الآن؟ أخذت أُرغي، وأُزبد، وأهتاج، وأشتمُ! وأخذت أهز السرير الذي كنت أجلس عليه وأحكه بشدة على لوح الأرضية، غير أن تلك الضوضاء غطّت كل ما قمت به وازدادت باستمرار. وتصاعدت أعلى فأعلى! أما الرجال الثلاثة فظلّوا يتحادثون بلطفٍ وابتسام أيضاً. فهل من الممكن أنهم لم يسمعوا شيئاً؟ يا إلهي القدير! ـ لا، لا! لقد سمعوا! لقد اشتبهوا! لقد كانوا يسخرون من رعبي! ـ هذا ما فكرت فيه، وما أفكر فيه الآن. ولكن أي شيء يحدث لي كان أفضل من هذا الألم! ويمكن تحمل أي شيء أكثر من هذا الاستهزاء! فأنا لم أعد أستطيع بعد الآن تحمل تلك الابتسامات الكاذبة! وشعرت أنه عليّ أن أصرخ أو أموت! والآن ـ ثانية ـ اصغوا، عاد الصوت أعلى فأعلى فأعلى! "أيها الأوغاد"، صرخت بهم، "انتهى خداعكم! فأنا أعترف بما فعلت ـ ارفعوا الألواح! من هنا، من هنا! تنبعث ضربات قلبه البشع!".‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
القلب الفاضح بقلم: إدغار آلان بو ت.د.فؤاد عبد المطلب
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» من القلب إلى القلب حفل تكريم الشاعر عبد العزيز حاجوي
» آلان روب غرييه
» صرخة القلب
» فؤاد العروي يتوج بجائزة غونكور
» رحيل ،الشاعر الكبير أحمد فؤاد نجم

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى ابن امسيك للثقافة :: منتدى القصة و الرواية-
انتقل الى: